اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الفصل العشائري والاعتداءات .. يهددان النظام الصحي في البلاد

الفصل العشائري والاعتداءات .. يهددان النظام الصحي في البلاد

نشر في: 16 فبراير, 2016: 12:01 ص

أكثر من تسعين حالة اعتداء سُجلت العام الماضي في دائرةِ صحةِ الرصافة فقط ، خمس وعشرون منها في مدينة الصدر، أرقام تبث الذعر في الكوادر الطبية وعامليها وتدق ناقوس الخطر حول ما يتعرض له الاطباء من اعتداء وضرب ومقايضة عشائرية بملايين الدنانير العراقية اذا

أكثر من تسعين حالة اعتداء سُجلت العام الماضي في دائرةِ صحةِ الرصافة فقط ، خمس وعشرون منها في مدينة الصدر، أرقام تبث الذعر في الكوادر الطبية وعامليها وتدق ناقوس الخطر حول ما يتعرض له الاطباء من اعتداء وضرب ومقايضة عشائرية بملايين الدنانير العراقية اذا ما تعرض المريض للموت..
اما في حالاتٍ اخرى فمن الطبيعي ان يتعرض الطبيب للسب والشتم والتهجم حيث أصبحت مثل هذه الممارسات جزءا من السلوك العام للمرضى الذين يتخذون موقفا مسبقا من الاطباء والممرضين مادام تطبيق القانون أصبح هشا ضعيفا غير قادر على مجابهة قوة أخرى منافسة له ألا وهي سلطة العشائر وما برح الجهل يتفشى بين الناس وعدم إدراك أهمية الطبيب وطبيعة عمله..

ازدياد الاعتداءات
مستشفى الامام علي في مدينة الصدر تتعرض بين الحين والآخر الى جملة مشاكل خاصة الاعتداء على الاطباء والعاملين فخلال ثلاثة أشهر فقط من نهاية عام 2015 تعرضت لسبعة اعتداءاتٍ بالإضافة الى الاغلاق أكثر من مرة ، د. جواد الموسوي الذي تقلد ادارة المستشفى منذ شهرين تحدث لـ(المدى) قائلا: هذا موضوع خطير حيث نلاحظ خلال السنوات الاخيرة خصوصا (2015) ازديادا كبيرا في الاعتداءات على الاطباء وهذا ملاحظ في عموم انحاء العراق وليس في بغداد فحسب. مبينا: ان هناك اعتداءات في محافظة ميسان كما في واسط وديالى وغيرها من المحافظات. مستدركا: لكن ربما لوجود الكثير من المستشفيات في بغداد بالإضافة الى الكثافة السكانية فنلاحظ ان اكثر الاعتداءات هي في بغداد وخصوصا الرصافة.

وفاة مؤكدة
وعن الاسباب التي أدت الى تزايد هذه الاعتداءات بين الموسوي: ان  الاسباب كثيرة منها غياب الثقافة العامة لدى المواطن وكيف يتصرف اثناء دخوله لمؤسسة حكومية مثل المستشفى،  كيف يتعامل مع الاطباء والفريق الطبي والممرضين ؟. مشيرا: الى الجهل بقيمة الخدمة التي تقدم في المؤسسة الصحية ونوعيتها. مردفا: فعندما يراجع مريضا مستشفى ما ويطلب العلاج ونخبره ان هذا العلاج متوفر في مستشفى أخرى، لا يقتنع بهذا الامر ويبدأ بالتجاوز على الطبيب والمريض والاستعلامات.
وأضاف مدير مستشفى الامام علي: أما في بعض الاحيان فإن الأمر  يخرج من يد الطبيب، مثل حالة الوفاة، ذاكرا: وفاة امرأة نتيجة حروق بنسبة (90%) وهذه الحالة  في أحدث المراكز الصحية العالمية  تسمى " HOPLESS " اي ليس ثمة أمل في شفائها. موضحا: وفي مراكز اخرى (60%) علميا وطبيا تعتبر هذه الحالة حالة وفاة. منوها: انه في ذاك اليوم والحالة موثقة صوت وصورة عبر كامرات المراقبة، تم الاعتداء على الطبيب بالضرب من قبل  خمسة اشخاص، ورغم هرب الطبيب الا انهم لاحقوه مرة اخرى واعتدوا عليه بالضرب.

الحمايات وتجدد الاعتداء
وعن الانعكاس والانطباع اللذين تتركهما مثل هكذا فيديوهات مصورة لدى بقية الاطباء الذي يشاهدون ما يتعرض له زملاؤهم في المهنة من تعنيف يقول الموسوي: هنا يبدأ الطبيب بالتساؤل، كيف دخل هؤلاء الاشخاص الى المستشفى؟ وكيف اقتحموا الاستعلامات؟ وكيف تم الاعتداء والضرب دون ان يقف أحد بجانب الطبيب؟ أو كيف يحصل - في بعض الاحيان - داخل المستشفى تبادل لاطلاق النار في الاروقة ؟ كيف دخلت هذه الاسلحة ؟ هذا يعني ان حماية المستشفى دورها ضعيف جدا. لافتا: انه بعد استلامه الادارة شخّص ان حماية المستشفى دورها ضعيف جدا وغير قادرة على حماية الكوادر الطبية. مضيفا: انه اتصل بالاشخاص المعنيين بالموضوع مثل وزارة الصحة وباللواء المسؤول عن الحمايات في وزارة الداخلية على أمل ان يقوم بمعالجة الموضوع ومنذ شهر ونصف لم يتغير اي شيء ولم تكن هناك اي بادرة لمعالجة الأمر ومن الممكن ان تتعرض المستشفى في اي لحظة لاعتداء.

سلاح الطبيب
وأضاف الموسوي: ان الطبيب يواجه قدره لوحده فليس ثمة من يحميه. مبينا: انهم اتخذوا اجراءات لكنها ليست بالمستوى المطلوب  فمن غير الطبيعي ان نوقف عنصر حماية يحمل سلاحه  بجانب الطبيب الذي يفحص المرضى كأن يكونوا نساء او اطفالا وبالتالي الطبيب يريد ان يمارس مهنته بصورة طبيعية. مستدركا: لكن في أحيان اخرى حتى هذا الاجراء غير كاف ولا يستطيع العنصر حماية الطبيب فعندما يكون المستشفى مزدحما وتفتح باب الطوارئ لأستقبال المريض مع مرافق واحد وفي الحالات الشديدة مع مرافقين فمن الممكن السيطرة على الوضع لكن عندما يدخل مع المريض عشرة اشخاص ومع غيره عشرة اشخاص فأضربي العدد في عشرة اذا كانوا عشرة مرضى فيصبح الناتج (100) مرافق فهل من المعقول ان هؤلاء المئة سيكونوا هادئين ولديهم وعي بكيفية التعامل مع الاطباء.

من يدفع الفصل العشائري ؟
 واسترسل مدير متشفى الامام علي بشرح معاناة الاطباء: ان ما يتعرض له الاطباء من اعتداءات اثر على رغبة استمرارهم في العمل. على سبيل المثال الطبيب الذي تعرض للضرب لأن المرأة المحروقة توفيت نُقل الى مستشفى آخر حسب طلبه، لكنه للأسف هاجر بعد فترة. مضيفا:  انه لاحظ إنخفاض عدد العمليات الجراحية ولا تتلاءم مع حجم المستشفى. متابعا: عندما التقيت بالجراحين اكتشفت ان البعض ليس لديهم مانعاً فيما اعتبرها آخرون مجازفة لانهم يتعرضون الى اعتداءات وتهديد وفصل عشائري اذ توفى المريض حيث دفع احدهم (فصل عشائري) بقيمة (50) دينار. وعندما طلبت منهم ان يزيدوا عدد العمليات الجراحية اجابوني " دكتور من يدفع قيمة الفصل ؟ ! ".

من يحمي الشرطة؟ !
وبشأن دور وزارة الصحة او نقابة الاطباء ووزارة الداخلية بيّن د. الموسوي: ان وزارة الصحة تطلب من الداخلية توفير الحماية للكوادر الطبية. لافتا: بصراحة ان وزارة الداخلية ليس لديها  موقف داعم يدعو الى التفاؤل ففي احدى المؤتمرات التي اقامتها وزارة الصحة مؤخرا حول هذا الموضوع والتي جمعت فيها كل الاطراف المتضررة والمعنية وحسب ما وصلني عن رد وزير الداخلية: (ان حال المستشفى من حال مركز الشرطة ممكن ان يتعرض لاعتداء وهذا امر وارد) اي انني لستُ قادرا على حماية مركز شرطة فكيف تريدوني ان أحمي مستشفى؟ وبصراحة فقد سبب رده إحباطا لدى الكثير من الاطباء والعاملين في المؤسسات الطبية، أما بالنسبة للنقابة فلم يكن لها دور حقيقي منذ مدة طويلة. داعيا: شيوخ العشائر ورجال الدين الى العمل على منع تكرار هذه الاعتداءات اضافة الى الاعلام الذي يفترض به ان يثقف بهذا الاتجاه.  

توقف قلب المريض
بعد ارتداء الصدريات المعقمة دخلنا الى صالة عمليات القسطرة حيث كان الفريق الطبي مشغولا بأسعاف احدى الحالات العاجلة التي تعرض على إثرها المريض لوعكة صحية بسبب التدخين مما تطلب اجراء عملية فورية له وراقبنا مع د. ماجد رحيمة اخصائي التداخل القسطاري حالة المريض التي بدأت تستقر تدريجيا في غرفة المراقبة المطلة على صالة العمليات حيث تعرض الاجهزة الطبية وشاشاتها حالة المريض وقلبه والطريقة التي جرت بها العملية فحدثنا د. رحيمة عن حالته قائلا: وصلنا قبل قليل مريض عمره اربعين سنة يعاني قلبه من احتشاء العضلة القلبية الحاد/ الجهة الامامية. مبينا: ان هذه حالة خطرة ومن الممكن ان يتوفى فيها المريض خلال (72) ساعة في حال لم تجر له القسطرة وينتهي بعجز القلب. مستدركا: لكننا ادخلناه صالة العمليات فورا وأجرينا له العملية ونجحت وكما ترون الآن انه بحالة مستقرة..
وبشأن كيف يأخذ الطبيب قرارا فوريا حازما في مثل هكذا حالة فمن الممكن ان يتعرض بعدها لمشاكل ولفصل عشائري في حال تعرضت الحالة للوفاة يجيب د. رحيمة: القرار ليس سهلا البتة. منوها: ان الكثير من المراكز تتجنب عمل هذا النوع من العمليات خوفا من المشاكل لكن هذا واجب علينا . مردفا: ان قلب المريض توقف اثناء فتح الشريان واستعملنا الصدمات الكهربائية حتى يعود للحياة واستطعنا ان ننقذ حياته.

اختراق الخطوط الحمر
 وأكد اخصائي الجراحة القلبية: ان طبيعة عملهم خطرة خصوصا اختصاص القلبية. مبديا: أسفه لتصرفات بعض الناس التي لا تقدر اهمية ما نقوم به ويبدأون بالاعتداء والتهجم على الاطباء دون ان يفهموا الحالة طبياً او حتى عندما نشرح له. ذاكرا: إحدى الحالات: دخل مرة أحد المرافقين الى صالة العمليات وإجتاز كل الخطوط الحمر الموضوعة قبل الدخول الى الصالة ودخل الى المريض يقول له "اترك العملية" وهذا غير مقبول اطلاقا. متابعا: الاعتداء يجعل الطبيب مترددا بأتخاذ القرار أحيانا لكن ماذنب المرضى؟ فمريض في مثل هذه الحالة عمره اربعين سنة ولديه اطفال، ولابُد من اتخاذ قرار انقاذه .

اعتداء لفظي مستمر
ردهة الطوارئ التي تحصل فيها اكثر الخروقات والاعتداءات وحتى المواجهات بالاسلحة بينت  مديرة شعبة الطوارئ الدكتورة مي صالح ان أكثر المشاكل تحدث بسبب الازدحام وبسبب كثرة المرافقين للمريض وبالمقابل عدد الاطباء قليل فيحدث التزاحم. موضحة: ان بعض المرضى يريدون ان يحصلوا على الخدمة قبل الآخرين بالتالي يحصل الاعتداء على الطبيب احيانا المشكلة حاصلة في الخارج لكنها تنتقل الى الداخل. مبينة: ان المستشفى بحاجة لحماية حقيقية مع زيادة عدد الاطباء حتى يتم استيعاب اعداد المرضى.
 وبشان تعرض د.مي للاعتداء قال: ليس شرطا ان يكون الاعتداء اعتداءً جسدياً فقد يكون احيانا اعتداءً لفظيا وسبّاً وشتما. مشددة: انهم يتعرضون الى الاعتداء اللفظي بصورة مستمرة. مستطردة: انهم يحاولون قدر الامكان تجنب المشاكل بالسكوت عما يسمعوه ويحاولون احتواء المريض وأهله بكلام لطيف لإمتصاص غضبهم وطبعا في النهاية ان الموضوع يعتمد على نوعية المريض وأهله وثقافتهم ومدى استيعابهم.

اختطاف واعتصام
الى ذلك نظم عدد من الكوادر الصحية في قطاع بعقوبة الصحي بمحافظة ديالى، وقفة احتجاجية ضد حالات الاختطاف المتكررة للاطباء في المحافظة. وقال نقيب اطباء ديالى، مرتضى الخزرجي، إن الكوادر الطبية في قطاع بعقوبة الصحي، وبالتنسيق مع 24 مركزاً صحياً، نظمت وقفة احتجاجية في بناية القطاع  الاول، ضد عمليات الاختطاف المتكررة التي تطال الاطباء وبقية الكوادر الطبية في المحافظة، مهدداً  بتحويل الاحتجاج الى اعتصام مفتوح في حال استمرار ظاهرة اختطاف الملاكات الطبية وتعرضهم للتهديد والابتزاز. وأكد الخزرجي، أن هذه الوقفة رسالة الى كل من يحاول العبث بأمن هذه الشريحة الحيوية والمؤثرة في المجتمع، موضحاً ان الاطباء والكفاءات العلمية ثروة وطنية اذا ما هاجرت او تعرضت للتهديد ستكون خسارة كبيرة للبلد والمواطن الفقير على وجه التحديد.
مدير عام صحة واسط جبار الياسري ذكر إن ثلاثة اشخاص كانوا قد اصيبوا جراء مشاجرة حيث قاموا بالاعتداء على اطباء ردهة الطوارئ في مستشفى الكرامة التعليمي وسط مدينة الكوت. لافتا: الى أن الاشخاص انهالوا بالضرب على الاطباء، ما أدى الى اصابة احد الاطباء بطعنة في الوجه، فيما اصيب طبيب آخر في كتفه، مشيرا: إلى أن حراس المستشفى تدخلوا وقاموا باعتقال المعتدين.

نقص بالكوادر
المتحدث باسم وزارة الصحة والبيئة أحمد الرديني كشف عن توجه الوزارة إلى عدة جهات للحد من ظاهرة الإعتداء على الأطباء، مبيناً أن هذا الموضوع ليس بالسهل ويحتاج إلى وقت طويل ولا يرتبط بالوزارة فقط.
وقال الرديني إن موضوع الحد من الاعتداءات على الأطباء ليس بالموضوع السهل، لانه مرتبط بأكثر من جهة، وليس مرتبطا بوزارة الصحة فقط. مضيفا: أن الوزارة ركزت في عام 2015 على هذا الموضوع بالدرجة الاساس على اعتبار انه يشكل ثقلاً على الموارد البشرية في وزارة الصحة لان الوزارة لديها نقص (75%) من القدرات البشرية. مشيراً إلى أن كثرة الاعتداء على الاطباء احد اهم الاسباب الذي يدفعهم للهجرة او ترك العمل في وزارة الصحة ما أدى الى هذا النقص.

تحركات وتغييرات
وبين المتحدث باسم وزارة الصحة والبيئة: أن الوزارة لديها الكثير من التحركات لوضع حد لهذه المشكلة حيث كان هناك تحركا اعلاميا على هذا الموضوع واصبحت قضية رأي عام. متابعا: هناك تحركات على المستوى العشائري، والجهات الامنية وحماية المنشآت، ورجال الدين. موضحا: أن محكمة شكلت للنظر في قضايا الاعتداء على الاطباء، والعقوبات القضائية تصل الى سجن ثلاث سنوات وغرامة تصل الى عشرة ملايين دينار.
وأكد الرديني على ضرورة ان يحترم المواطن القانون. لافتا: ان الوزارة تنتظر من قيادة عمليات بغداد إحداث بعض التغييرات على حماية المنشآت والتركيز على تطوير عناصر حماية المنشآت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram