TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قريباً من الحُبِّ

قريباً من الحُبِّ

نشر في: 15 فبراير, 2016: 09:01 م

اعتادت خلال السنوات الماضية ومنذ ان بدأ العراقيون الاحتفال بعيد الحب أن تهنىء زوجها برسالة صغيرة على هاتفه الخلوي فهي لا تخاطر بإهدائه وردة حمراء او دبدوباً أحمر، لأنها تعرف ردِّه مسبقا .." انه بدعة " وتعرف بقية الجملة أيضا فـ" كل بدعة ضلالة وكل ضلالة الى النار " ...وبرغم أنها مؤمنة بالله وبعذاب النار لكنها مؤمنة ايضا بان الحب لا يمكن ان يكون سبباً يفضي الى عذاب النار ، لذا جرَّبت حظها هذا العام ايضا فكان ردُّ زوجها مفاجئا جدا :" الحب هو شريان الحياة ..كل عام وانتِ الحب ياحبيبتي "!!
ربما فاجأها ردُّ الزوج لكن كل ما يأتي بالتدريج لا يعتبر مفاجئا ، وما حدث مع اغلب العراقيين هو تحول تدريجي وكبير من التطرف والايمان به الى الاعتدال والايمان بالحب والبحث عن كل ما يجعل الحياة أجمل. وما جرى في شوارع بغداد في رأس السنة الجديدة وعيد الحب هو اكبر دليل على ذلك فقد تجاهل العراقيون اعتبار تلك الاعياد بدعة وافدة من الخارج وتشبه بالغرب واختاروا ان يحتفلوا بها لإضفاء شيءٍ من التغيير على روتين حياتهم القاتل وشيء من الحب على جفافها ..في تلك الشوارع ذاتها كان يدور احد الفتيان حاملا ورودا حمراء ليبيعها للعشاق لكنه قال لمن هنأه بعيد الحب من المارة :" عمي يا حُب ...احنه وين والحُب وين ..هذا باب عيشتنه "....بهذه الطريقة ايضا تحول الحب الى باب لكسب العيش وابعد ما يكون عن تفكير من يسعى لكسب العيش بكل الطرق ..هؤلاء مثلا يفكرون في من جعل حياتهم اصعب وطرق معيشتهم وعرة ونحن نفكر في من حول الحب الى جريمة لا تغتفر وتهديد الوئام بين الاديان والمذاهب فرصة للمراهنة في سباق الصراع من اجل البقاء في ساحة السياسة ..وبالتدريج ايضا ، ادركنا ان الخطابات الدينية الداعية الى الكراهية والغاء الآخر بدأت تخنقنا فهي صادرة من رجال دين يرتدون عباءة الدين غطاءً لأفعالهم ورجال سياسة يرفعون شعارات الدين لاجتذاب شرائح معينة ما زالت تبحث عن الإنقاذ في اتباع تلك الخطابات مهما كبَّدتهم من خسائر فهم – أي رجال الدين والسياسة – يتقنون اللعب على أوتار الطائفية والتطرف بتقديم مفاهيم فاسدة لتحقيق اهدافهم مدركين تماما ان فساد المفاهيم اشد خطرا واصعب علاجا من فساد السلوك !!
ربما يكون المسؤول الذي ألغى الاغنية الوطنية من منهاج مؤتمر التعايش السلمي واحداً من هؤلاء لأنه فرض مفاهيمه المتطرفة على من حاول بسلوكه السعي الى ايجاد ستراتيجية جديدة لنبذ الكراهية ورفع لواء الوئام بين الأديان والمذاهب وبالتالي المناداة بالحب والتسامح ، لكن أملا بدأ يحدونا في ان مثل هذه الأفعال ستقود العراقيين تدريجيا الى اعتناق مفاهيم جديدة بعد ادراك الاهداف الحقيقية وراء خطابات رجال الدين والساسة اللاعبين على أوتار الطائفية والمراهنين على جهل الشعب بنواياهم !!
في النهاية ربما سندعو نحن وباعة الورود الحمراء الى مفاهيم واحدة فننادي بنبذ التطرف والداعين له لكي لا نكون بمنأى عن الحب والتسامح ولكي لا يكون الحب بابا للمعيشة فقط، بل بابٌ لحياةٍِ أفضل وأقل تلوثاً بالمفاهيم والسلوكيات الفاسدة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram