القيادة الحكيمة في زمن النظام السابق، كانت تحرص اثناء تصوير مشاهد اجتماعاتها على الظهور بصورة تبعث برسائل متعددة الى العراقيين، منها تعزيز ثقة الشعب بقيادته ، الاستعداد الكامل لدحر المخططات التآمرية الخارجية ، ثم الدعوة الى المزيد من التلاحم لتحقيق النصر الناجز .
في اجتماع قادة التحالف الوطني مساء السبت الماضي في مقر رئيسه وزير الخارجية ابراهيم الجعفري وبحضور رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ، ارتسمت على وجوه الحاضرين ابتسامة عريضة كرسالة موجهة الى الراي العام المحلي تفيد بان "التحالف الشيعي" متماسك ، يدعم حركة الاصلاح ، على استعداد لتقديم قائمة تضم مئات التكنوقراط لحمل الحقائب الوزارية لمساعدة العبادي على العبور الى بر الامان بتجاوز الازمة المالية ، فضلا عن تحرير محافظة نينوى من سيطرة تنظيم داعش بقوات عراقية لا تحتاج الى مساعدة أميركية .
الابتسامة الدستورية انتقلت من وجوه السياسيين الى نص بيان التحالف الوطني ، فكانت فقراته بعناوين عريضة متفائلة ، مَن توفرت له فرصة الاطلاع على نص البيان يراوده الاحساس بانه صادر عن تحالف سويسري ، لاعلاقة له بالواقع العراقي المضطرب ، واتساع الخلاف داخل التحالف حول اختيار رئيسه منذ تشكيله ليكون الكتلة الاكبر في البرلمان، وحتى صدورآخر بيان .
صاحب القرار مع حلفائه وشركائه ، استعاروا صورة القيادة الحكيمة السابقة لاعتقادهم بانها الخيار الوحيد المتاح لإقناع العراقيين بالأداء الحكومي ودور الأطراف المشاركة فيها في تحقيق الاصلاح ، بيان التحالف الوطني المستنسخ عن بيانات يعود تاريخ اصدارها الى سنوات سابقة ، كرر العبارات نفسها في التمسك بدعوات المرجعية ، وتضافر الجهود لمواجهة الارهاب ، وملاحقة المفسدين سُراق المال العام . خارج البيان تصريحات اعضاء الكتلة الأكبر في البرلمان خلال اطلالتهم شبه اليومية عبر شاشات الفضائيات يدعمون رغبة العبادي في اجراء تغيير وزاري ، لكن بشرط استشارة وموافقة زعماء القوى المنضوية في التحالف.
طرحت في الاجتماع شروط الدول المانحة لمساعدة العراق لإعادة اعمار مدنه المحررة باجراء اصلاح شامل يتعلق بمحاربة الفساد وملاحقة المفسدين سراق المال العام ، وحصر السلاح بيد الدولة ، فكان رد الفعل من الحلفاء شمول رئيس مجلس الوزراء بالتغيير ، فأعاد التحالف الوطني الكرة الى ساحة العبادي ، ليعيد ترتيب اوراقه بشكل يمنحه امكانية مسك العصا من الوسط ، ولاسيما انه عرض في الاجتماع نتائج لجنة ضمت شخصيات مستقلة ، تولت تقويم اداء الوزراء منذ تشكيل الحكومة الحالية ، في ضوء التقرير لم تتقدم الوزارات خطوة واحدة ، بل تراجعت الى الوراء نحو العصور الحجرية !
وسائل إعلام محلية نشرت أسماء مرشحين لحمل حقائب وزارية في "التشكيلة التكنوقراطية " بصرف النظر عن اغراض واهداف النشر ، خرج المرشحون من "قبابيط" الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية ، ليجربوا حظهم في الكابينة الجديدة ، حين يصادق عليهم مجلس النواب سيلتقطون صورة تذكارية ترتسم على وجوههم ابتسامة دستورية ، التعديل الوزاري فقاعة صوّرها قبل أن تنفجر .
ابتسامة دستورية
[post-views]
نشر في: 15 فبراير, 2016: 09:01 م