اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العاطفة باعتبارها فناً

العاطفة باعتبارها فناً

نشر في: 19 فبراير, 2016: 09:01 م

الجزء الأول
هاهو يوم الحب يذهب بعيداً وينقضي وتبقى ذكراه لامعة بين محبي الحياة ومصاحبة لخطواتهم دائماً. لا محبة بدون خير ولا خير بدون جمال يملأ القلب والروح معاً ويحيلهما الى كتلة من ضوء تنير الطريق لصاحبها وتمنحه الطمأنينة والمصالحة مع الذات. أردت اليوم أن أتحدث عن  بعض رسامي الحب الذين ملأوا حياتنا بعاطفة ألوانهم وجمال الأشكال التي رسموها وبقيت خالدة على قماشات الرسم. لكن الحيرة هي كيف لعمود صغير بهذا الحجم أن يتناول موضوعاً كبيراً كهذا؟ كيف لي أن ألمَّ شتات موضوع مترامي الأطراف وأجمعه هنا بعدد قليل من الكلمات؟ في الحقيقة أن كل الرسامين قد رسموا جانباً من المحبة في أعمالهم، لأنك بدون عاطفة حقيقية لايمكنك أن ترسم شيئاً، العاطفة هي المحرك الأول للرسم منذ رسامي الكهوف وحتى آخر رسام  شاب يبحث عن فرصة لعرض أعماله. العاطفة هي التي تقودنا الى خلق هذه الأشكال والألوان والخطوط، كُلٌّ بطريقته الخاصة، وحسب تقنيات وخبرة وتعامل الفنان مع المواد التي ينفذ بها عمله الفني. لكن رغم أن العاطفة موزعة على سطوح كل الأعمال الفنية تقريباً، فهناك أعمال وفنانون مفضلون عند بعض الناس دون غيرهم، وهنا أود أن أتحدث عن بعض الرسامين الذين بهرتني قوة عاطفتهم ومازالت تبهرني كل يوم، الفنانين الذين أضاءوا مصابيح عديدة أمامي كي يكشفوا لي الطريق الذي يؤدي الى نفسي. كيف لي أن أتغافل عمن فتح لي هذا الباب الواسع في الفن بكل محبة؟ كيف لا أشير الى من اعطاني منديلاً أدفئ به روحي؟ نعم هناك رسامون يمنحونني سعادة برؤية أعمالهم مثل غوستاف كليمت (1862-1918) ونسائه اللواتي جئن من عالم بعيد وغامض وجميل، هذا الرسام يمنحني طاقة عجيبة للاستمتاع بأعماله لما يحمله من تقنيات فريدة في الرسم، ولطاقته على ابتكار مناخات أقل مايقال عنها، أنها ساحرة، هو الذي جمع المهارة مع القوة، الهيبة مع السحر، جمال الموديلات مع تكوينات جديدة ومبتكرة لاخراج العمل الفني، والنتيجة كانت هذه الأيقونات الفريدة التي نشاهدها اليوم تملأ متاحف الفن وتحيطها نظرات الناس من كل جانب وبما تستحقه من عظمة وتقدير. وهناك الرسام البريطاني جون ووتر هاوس (1849-1917) وموديلاته الشبيهات بحوريات جئن تواً من جنة بعيدة لا يعرفها أحد، هذا الرسام الذي جعل من نسائه أسطورة يتغنى بها تاريخ الفن الى الأبد، كان بارعاً في رسم فتياته بين الحقول وعلى ضفاف بحيرات مليئة بالسحر، فتياته التي حولهن في أعمال كثيرة الى حوريات بحر غاية في الجمال والفتنة والغموض، وحتى حين رسم بعض شخصيات شكسبير النسائية مثل أوفيليا فقد رسمها كما يراها هو وليس كما كتب عنها شكسبير. وحين جاءت السينما بعده بسنوات عديدة أدخل المخرجون الكثير من تفاصيل لوحاته ومناخاته وأزيائه في أفلامهم التاريخية. كانت لوحته التي تظهر فيها أمرأة تشم زهرة قرب سياج الحديقة، لا تشعرني فقط بِشَم شذى تلك الزهرة، بل كنت أشم معها عطر تلك المرأة الجميلة أيضاً، كانت واحدة من لوحاته العظيمة، ولم أستغرب حين وضعها متحف خروننغن كأفيش ودعاية لمعرضه الكبير الذي شاهدته عدة مرات. لكن وسط ذلك هل يمكنني أن أنسى أوغست رينوار ( 1841-1919) وفتياته الباريسيات بأجسادهن البضَّة ووجوههن الشفافة التي تعلوها حمرة مغرية مع أيماءات تشير الى شغف كامل بمباهج الحياة، هذا الفنان العبقري الذي رفع الانطباعية الى أعلى مستوياتها حيث جعل النساء موضوعه الرئيسي بينما الطبيعة عنده في الغالب لاستكمال المشهد، هكذا حوَّلَ بقع الضوء من الأشجار وأرضيات الحدائق والحقول ليجعلها تحط على وجوه النساء مثل فراشات ملونة، ليثبت أن الفن ليس ابتكار أشكال جديدة فقط، بل ابتكار ضوء جديد وعاطفة جديدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram