TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فضائيات "البثّ الطائفي"

فضائيات "البثّ الطائفي"

نشر في: 19 فبراير, 2016: 09:01 م

العاملون في المكاتب المختصة بنصب أطباق استقبال البث الفضائي في العاصمة بغداد  يمتلكون تصورا كاملا عن توجهات الجمهور في متابعة الفضائيات العربية والعراقية ، وسط غياب مؤسسات مستقلة في العراق  معنية بإجراء استفتاءات  للتوصل الى الكثير من الحقائق،   ومنها على سبيل المثال معرفة توجهات مشاهدي الفضائيات  ، يبقى حديث العاملين في تلك المكاتب المعيار الوحيد  المتاح للإشارة الى بروز ظاهرة تبني فضائيات  تابعة  لجهات سياسية ودينية  الخطاب  احادي الجانب ،  يعد بنظر الاوساط الاعلامية المستقلة  تكريسا  للانقسام الطائفي .
 على الرغم من اعلان حرص زعماء القوى السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة في العراق ، على  تحقيق مشروع المصالحة ،  ونبذ العنف وتوطيد السلم الاهلي  ، تواصل  فضائياتهم  بث برامج وتقارير  وتنقل بشكل مباشر  خطب شخصيات دينية وسياسية اقليمية ، لا تتناول القضية العراقية الا من طرف بعيد ، الاصرار على هذا التوجه  يعطي مؤشرا اكيدا الى مصادر التمويل فضلا عن تجاهل رغبات الجمهور في تسليط الضوء على الشأن المحلي .
الفضائيات الدينية الشيعية والسنية   دخلت في  صراع دائم لإثبات حقائق يعود تاريخها الى قبل اكثر من الف عام ، لغرض تغيير قناعات الجمهور  بقضايا ترسخت في الاذهان وانتقلت من جيل الى جيل ، العودة الى اثارة الخلاف العقائدي في الوقت الحاضر ، وبشكل مستمر مسعى آخر يصب في صالح تغذية الصراع السياسي القائم في المنطقة بين اقطاب  رفعت شعار الهوية المذهبية فصدقها الاتباع  من جمهور الفضائيات .
من حق الاحزاب والقوى السياسية امتلاك وسائل الاعلام الخاصة بها لأغراض الترويج لاهدافها  وبرامجها ، لكن  محاولة تسخير الانتماء المذهبي لكسب الجمهور،  يجعلها في  دائرة الاتهام بإثارة النزاعات الطائفية وتهديد السلم الاهلي ، في سنوات الاحتقان الطائفي في العراق ، تقاسمت الطوائف المناطق بعد بروز ظاهرة التهجير القسري ، فأصبحت الاحياء السكنية ذات هوية مذهبية  وانعكس ذلك على  الكثير من المظاهر الحياتية والنشاطات  الاجتماعية ، في ضوء هذا الانقسام  رسمت الفضائيات العراقية مساراتها ، حددت جمهورها  مسبقا ، فوجهت خطابها   لمكون اجتماعي  محدد  استقطب جمهورا  واسعا ، وسط انعدام وجود ما يعرف بإعلام الدولة  فتحول هو الآخر الى  اداة لتغذية النزعة الطائفية  في مجتمع يعاني  الانقسام ، جراء ممارسات شهدتها السنوات الماضية  ابطالها الخارجون على القانون وعناصر ميلشيات  مارست القتل على الهوية بنطاق واسع .
جمهور الفضائيات في  الاحياء الشيعية ،  يتابع فضائياته والعكس صحيح  ، الظاهرة ترسخت في العراق نتيجة  سوء الاداء السياسي على  مدى السنوات الماضية ، تحتاج الى سقف زمني طويل لتفادي تداعياتها الخطيرة ،  جهاز استقبال البث الفضائي،  اصبح اليوم معيارا وحيدا للتعرف على هوية صاحب المنزل ، والامر ينسحب الى المناطق والاحياء السكنية في بغداد ،  الظاهرة شارك الاعلام ذو  الخطاب احادي الجانب  في تكريسها  فتخلى  عن رسالته المهنية  النبيلة  وأشاع الخراب  وعاشوا عيشة سعيدة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram