TOP

جريدة المدى > عام > التعايش ثقافياً على مستوى الإبداع الشعري

التعايش ثقافياً على مستوى الإبداع الشعري

نشر في: 22 فبراير, 2016: 12:01 ص

التعايش مصطلح من مصطلحات المعجم السياسي يراد به التأقلم المجتمعي بين مختلف  الأجناس والأنواع والتفاعل الإيجابي بين الأقوام المتباينة في أصولها وامتداداتها.والتعايش على انواع ، واهم تلك الانواع التعايش السلمي بمعنى كبح النعرات الطائفية وكبت النزا

التعايش مصطلح من مصطلحات المعجم السياسي يراد به التأقلم المجتمعي بين مختلف  الأجناس والأنواع والتفاعل الإيجابي بين الأقوام المتباينة في أصولها وامتداداتها.والتعايش على انواع ، واهم تلك الانواع التعايش السلمي بمعنى كبح النعرات الطائفية وكبت النزاعات المذهبية ليتحقق السلام وتتوقف من ثم عجلة الحروب وكوارثها.

وليس الى ذلك سبيل الا بالتفاهم الايجابي والحوار الصريح والتعاون المشترك الذي به ترتقي الشعوب في مدارج الحضارة وتصل الى مستوى عال من التفوق المجتمعي والنضج الحياتي.
وما كان للأمم والشعوب التي تلونت اطياف ابنائها وتنوعت مشاربهم ان يتحقق فيها الوئام والسلام الا بالتعايش السلمي..
وهذا لا ينطبق على المستوى الحياتي اليومي حسب بل يشمل سائر مجالات الحياة الاخرى بما فيها الثقافة ، فبدون وجود ثقافة التعايش الابداعي لن ينصلح حال المجتمع ولن يرتقي في آدابه وفنونه الى مصاف الحضارات الراقية..
واعني بالتعايش الثقافي ان يحترم احدنا الآخر بلا اقصاء مؤسسين لثقافة التحاور والتفاهم جاعلين منها اساس نقاشاتنا ولقاءاتنا ومغادرين ما كنا قد اعتدنا على سلوكه اعني ثقافة المصادرة والتنكيل بدءا وثقافة المهادنة والتملق انتهاءً.
وبهذا التعايش سيتفاعل المبدعون جميعا تفاعلا قائما على الود لا المشاكسة والتشارك لا الانزواء مختلفين لا متخاصمين ومتفقين لا مهادنين.
وفي مقدمة اشكال التعايش الثقافي على مستوى الابداع هو التعايش الابداعي بين الناقد والشاعر، فلقد بهرني ان يحسب بعض النقاد انفسهم راضين عن كون الشعراء يخافونهم بسبب اعتقاد هؤلاء ان وظيفة الناقد هي اصدار الاحكام وتوجيه العقوبات..
 الى درجة ان لا تكون للشعراء فرصة الا بالانصياع للنقاد تابعين بلا ارادة وصاغرين بلا حول ولا قوة اذ ان ما سيقوله الناقد لا مجال فيه للنقاش او التحاور وهذا ما اعلى كرسي الناقد وهبط بصولجان الشاعر.
وقد نجد بعض النقاد انفسهم يرون النقد هرطقة تُتعب الاذهان وفلسفة تنحرف بالذائقة حتى اذا ما اعتلوا منبرا للاحتفاء او التهليل نراه يتعفف عن ان يكون ممارسا لدور الناقد حرصا منه الا يفسد اجواء الشعر والاستمتاع به بأعباء النقد ومطباته على اعتبار ان النقد ميدان يلوث الذائقة ويبعدها عن اللذة والانشراح.
وفات ذلك الناقد ان النقد فن قبل ان يكون علما وانه مكمل ابداعي لا وجود للابداع من دونه وهو حين يمارس النقد فإنه انما يتمم عمل الشاعر مقربا عمله من اذهان المتلقين مشاركا معه ابداعه مستميلاً المتلقين ومسهماً في توصيل لذة التلقي والقراءة لا واقفا حجر عثرة بين الشاعر ومتلقيه .
وهكذا فهم العرب القدماء النقد حتى سموا ممارسيه (علماء بالشعر) وما كانت لهم ان يسموا النقد نقدا الا تجاوزا فصار الناقد يميز ويعلل ويشرح ويفسر من دون اقصاء للشاعر او تعد على حدوده ..
وكما ان لا شعر من دون نقد فكذلك لا نقد من دون شعر واذا كان النقد تاليا للشعر فإن الشعر متلو به في الان نفسه وبهما معا تتحرك عجلة الابداع وتتقدم.
وطالما شهد تراثنا الشعري القديم تصالحا ابداعيا بين الشاعر والناقد وتعايشا ثقافيا بينهما فلا الشاعر يخشى الناقد ولا الناقد يخشى الشاعر لانهما صنوا الابداع ومداده..
ومن هنا صار لزاما على نقادنا ان يبدلوا ثقافة التحكيم النقدي بثقافة التشارك النقدي وان يجعلوا التعايش اساس علاقتهم مع الشعراء لتتم الصداقة الابداعية التي بها ارتقاء الشعر وازدهاره..
فلا يكون الناقد على شاكلة "ام جندب معاصرة" يصدر احكاما ما عادت تتناسب والتطور الحداثي في مفهوم النقد الادبي ووظائف الناقد ومهماته والا فان المتلقين سينكرونه ويزيحوه من حلبة الابداع .
اذ ما عاد اصدار الاحكام من مهام الناقد الذي تتلخص مهمته في الشرح والتفسير واذا اعتبرنا الشعر طرفا اول في العملية النقدية فان الناقد هو الطرف الثاني اما المتلقي فهو الطرف الثالث الذي لا وجود للنقد الادبي من دونه .
وهذا الطرف انما يكون فاعلا حين يترك له امر البت بالحكم وما على الناقد الا ان يشرح معللا ومحللا.. ويفسر مفككا ومداخلا ..
وحينما يتشارك هؤلاء في اداء ادوارهم فستكتمل دائرة النقد بمفهومها التعايشي التصالحي معاصرة وحداثة.
واذا ما عممنا الرؤية الانفتاحية هذه فان هذا التصور سينطبق على سائر مظاهر الادب والفنون لتغدو ابهى وانصع وبهذا الصنيع سيتاح للآداب ان تتقدم في عجلتها وتستمر .. فبالتعايش نحيا وبالتصالح نتجدد ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram