TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > التغيير الوزاري لا يكفي..

التغيير الوزاري لا يكفي..

نشر في: 21 فبراير, 2016: 09:01 م

في الدول الديمقراطية جميعاً لا يستطيع رئيس الوزراء، أو الرئيس في النظام الرئاسي، أن يفعل شيئاً، مهما كان صغير الشأن، من دون تفويض من البرلمان. والتفويض معناه وقوف أغلبية أعضاء البرلمان إلى جانب ما يتخذه أو يقترحه رئيس الحكومة أو رئيس البلاد من قرارات وسياسات.
الطلب الذي تقدّم به رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى مجلس النواب أول من أمس هو من البديهيات، فالعبادي تعهّد للشعب في الصيف الماضي بإجراء تغييرات جوهرية في نظام الحكم، سارع مجلس النواب في إعلان التأييد لها والمزايدة على رئيس الوزراء نفسه فيها. هذا كله جاء بعدما نزل الشعب إلى الشوارع والساحات مطالباً بالتغيير، وبالذات إنهاء نظام المحاصصة الكامن وراء الفساد الإداري والمالي الذي كان بدوره وراء ما تشهده دولتنا من انهيار مالي وخراب اقتصادي واجتماعي. وكان (الفساد) أيضاً بالإضافة إلى ذلك السبب الرئيس في نجاح تنظيم داعش الإرهابي في احتلال ثلث مساحة البلاد ...  وفي هذا فتّش عن نظام المحاصصة كذلك، حيث لم يجد داعش قوات جيش وشرطة تقف في وجهه، فالمؤسسة العسكرية والأمنية كان قد نخرها الفساد وعدم المهنية وضعف الوطنية من الداخل في عهد الحكومتين السابقتين.
من دون تفويض من البرلمان لا يمكن للعبادي أو سواه إجراء التغيير. ومن المفروض أن يكون التفويض كاملاً وحقيقياً، وليس شكلياً كالتأييد الذي أعلنه ثم تراجع عنه مجلس النواب لمشروع العبادي الإصلاحي في الصيف الماضي، فالنظام الذي يتعيّن على العبادي تغييره هو نظام غير شرعي .. المحاصصة لم ينصّ عليها الدستور .. إنها نظام بديل عن النظام الديمقراطي الذي قضت به أحكام الدستور.. هذا النظام البديل توافقت عليه القوى السياسية المتنفذة بالتعاون مع إدارة الاحتلال الاميركي، بوصفه نظاماً يضمن مصالحها وليس مصالح المجتمع، وهي لهذا السبب تتمسّك به إلى اليوم وتقاوم أي مسعى لتغييره.
ومن الأهمية بمكان الالتفات إلى أن التغيير المطلوب لا ينحصر في تبديل الوزراء الحاليين وإحلال وزراء تكنوقراط محلهم يختارهم رئيس الوزراء بنفسه .. الدولة لا يديرها الوزراء .. وكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والمدراء العامون وأمثالهم هم الذين يُسيّرون أمور الدولة والمجتمع، وهؤلاء هم أيضاً يجب أن يكونوا جزءاً من عملية التغيير والإصلاح.
إذا ما نجح رئيس الوزراء في انتزاع التفويض من مجلس النواب لتعيين الوزراء (التكنوقراط)، عليه أن يمنح الوزراء تفويضاً مماثلاً لإبدال وتدوير الوكلاء والمدراء ورؤساء المؤسسات المعينين جميعاً في مناصبهم  على وفق نظام المحاصصة الذي يحكم عملهم جميعاً الآن مثلما يحكم عمل الوزراء ورئيسهم أيضاً. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram