تجاوز نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي (التيار الصدري) كلّ التصورات بشأن ردّ فعله حيال قيام هيئة النزاهة بإحالة ملفّه مع ملفّات زميله صالح المطلك ومدير مكتب القائد العام السابق للقوات المسلحة الفريق فاروق الأعرجي وأمين بغداد بالوكالة السابق نعيم عبعوب إلى القضاء، بتهم الكسب غير المشروع والاستغلال الوظيفي.
قبل بهاء الأعرجي عبّر المطلك في بيان منذ أيام عن غضبه، معتبراً الإحالة مسيّسة وتهدف إلى التشهير به، فيما اكتفى عبعوب بنفي صحة التهم الموجهة إليه والإعلان عن أنه سيمثُل أمام القضاء إذا ما تسلّم طلباً بذلك.
بهاء الأعرجي أدهشنا أمس بخطوته الواسعة إلى أبعد الحدود، فهو ظهر في مؤتمر صحفي ليُعلن عن أنه رفع دعوى ضدّ رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري بسبب إحالة ملفّه إلى القضاء.
من صلب واجبات هيئة النزاهة ورئيسها أن يُحيلا إلى القضاء أية قضايا تتعلق باختصاصها، واختصاص الهيئة حدّده قانونها رقم 30 لسنة 2011. هذا القانون ينصّ في مادته الثالثة على أن " تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته، واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات،عن طريق:
أولاً :- التحقيق في قضايا الفساد طبقاً لأحكام هذا القانون، بواسطة محققين، تحت إشراف قاضـي التحقيق المختص، ووفقاً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ثانياً :- متابعة قضايا الفساد التي لا يقوم محققو الهيئة بالتحقيق فيها، عن طريق ممثل قانوني عن الهيئة بوكالة رسمية تصدر عن رئيسها".
الهيئة إذاً هي جهة تحقيق في قضايا الفساد التي تُحيلها، بعد انتهاء التحقيق فيها، إلى القضاء الذي له وحده سلطة إصدار الحكم النهائي في ما إذا كان المتهم بقضية فساد مذنباً أم بريئاً. وهذا ما فعلته هيئة النزاهة التي حقّقت في قضية الاتهامات الموجّهة إلى الأعرجي ورفعت ملفّ التحقيق إلى القضاء ليبتّ فيها.
بالطبع، لا لوم ولا تثريب على هيئة النزاهة في ما فعلته، بل كانت ستُصبح مذنبة ومدانة لو أنها لم تحقق في قضية بهاء الأعرجي ولم ترفع نتائج التحقيق إلى القضاء.
لا أدري إن كان للإعرجي الحقّ في رفع شكوى ضد رئيس هيئة النزاهة بتهمة أنّ الأخير اتهمه في الملفّ المرفوع إلى القضاء بالفساد، لكنّ المؤكد أنّ الأعرجي لم يكن من حقّه بأيّ صورة من الصور وبأيّ شكل من الأشكال اقتحام مبنى مجلس النواب ومركزه الإعلامي ليُعلن عن رفعه دعوى ضد رئيس هيئة النزاهة.
بهاء الاعرجي ليس عضواً في مجلس النواب ولا في الحكومة ليُبيح لنفسه فعل ما فعله أمس. إنه الآن مواطن عادي يسري عليه عند الدخول إلى مبنى البرلمان ما يسري على أيّ مواطن آخر.
يوم أمس أنا شخصياً كنتُ في مجلس النواب بدعوة من لجنة الثقافة والإعلام. كان عليّ الذهاب في موعد محدد والتأكد من وجود اسمي بين الأسماء المرخّص لها الدخول إلى مبنى المجلس، والخضوع لإجراءات تدقيق الهوية الشخصية والتفتيش الأمني أكثر من مرّة. وهذا ما كان يتعيّن أن يخضع له الأعرجي أيضاً. بل حتى لو مرّ الأعرجي بالإجراءات التي مُرّرت بها، ما كان مسموحاً له أن يذهب إلى المركز الإعلامي ليعقد مؤتمراً صحفياً.
الحقّ في هذا بالطبع ليس على الأعرجي، وإنما على إدارة مجلس النواب التي سمحت للأعرجي بالدخول وباستخدام المركز الإعلامي من دون وجه حقّ.
رئيس مجلس النواب وسكرتارية المجلس والمركز الإعلامي للمجلس مطالبون بالإيضاح كيف جرى ما جرى أمس على هذا الصعيد ومَنْ المسؤول عنه، وما هي الإجراءات التي ستُتّخذ في حقّ المسؤولين؟ .. بخلاف هذا سيكون علينا من الآن فصاعداً أن نُسمّي مجلس النواب: خان جغان!
برلمان .. أم خان جغان؟
[post-views]
نشر في: 22 فبراير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
خليلو...
خان جغان كان يأوي اليه اصناف من الناس من كل شريحة وصاحب حرفة إلا اللصوص. لذا فلا وجه لمقارنة البرلمان به ، ولكنه مثل شاع على ألسنة البغاده والمثل كما يعلم جنابكم يضرب ولا يقاس عليه
ييلماز جاويد
وهل هناك شك في أن مجلس النوّاب خان جغان ؟ ألم يدخل تسعان الجبوري المجلس وه الذي زوّر شهادته ؟ أو ليس تسعان الجبوري نائباً في المجلس رغم إعترافه في وسائل الإعلام تسلّمه الرشوة وكونه فاسد ؟