اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > زيادة نسب الطلاق ناقوس خطر لتفكك أسري

زيادة نسب الطلاق ناقوس خطر لتفكك أسري

نشر في: 24 فبراير, 2016: 12:01 ص

عندما تدخل الى محكمة الأحوال الشخصية في البياع ينتابك الخوف والقلق من ان تكون ضحية مشاجرة تحدث فجأة بين عائلة الزوجين اللذين يرومان الطلاق ويحملان (التوثية) التي لا نعلم كيف دخلت معهم الى المحكمة! كل طرف يهدد الآخر الزوج يشتم زوجته لأنها ما زالت (وقف

عندما تدخل الى محكمة الأحوال الشخصية في البياع ينتابك الخوف والقلق من ان تكون ضحية مشاجرة تحدث فجأة بين عائلة الزوجين اللذين يرومان الطلاق ويحملان (التوثية) التي لا نعلم كيف دخلت معهم الى المحكمة! كل طرف يهدد الآخر الزوج يشتم زوجته لأنها ما زالت (وقف التنفيذ) أي لم تكمل اجراءات حصولها على الطلاق والأطفال واقفين  ينظرون الى ما يحدث ويحاولون الصمت تارة وتارة أخرى التوسل بالسكوت لعلَّ الطرفين يعودان الى رشدِهما.

المواقع الألكترونية  
 الكثير من الحالات التي تشهدها الآن محاكم الاحوال الشخصية تظهر الوجة الخفي لزيجات كانت غير موفقة وسيئة الاختيار بسبب ظروف طارئة على المجتمع حيث  يعزو الكثير من الاختصاصيين الى ارتفاع نسب الدعاوى التي تخص المشاكل الزوجية إلى الانفتاح التكنولوجي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي اضافة الى الكثير من التغييرات التي طرأت على الوضع العراقي برمته، آراء مختلفة كانت تطرح من قبل العديد من فئات المجتمع العراقي لعلها تفيد في توضيح زيادة أسباب نسب الطلاق.

زيادة الدخل الشهري
يقول احمد العسكري كاتب وباحث اجتماعي لـ(المدى): ان زيادة نسب الطلاق واقعية جدا وستكون في تزايد مستمر، معللاً ذلك بالانفتاح المفاجئ على كل الشعب حيث عاش الكبت والحرمان والعزلة لثلاثة عقود مضت. مضيفاً: ان بقية شعوب العالم استقبلت التطور التكنلوجي والعولمة والانفتاح بشكل تدريجي أي على شكل جرعات متسلسلة أسهمت في التعايش التدريجي للشباب والشابات في تلك البلدان. واضاف العسكري: المجتمع العراقي أحس بالانفتاح الفكري والتكنولوجي دفعة واحدة صاحبه تحسن في المستوى المعيشي، وزيادة في معدلات الرواتب. منوِّهاً:  الى زيادة الإقبال على استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف الذكية والتي قرَّبت المسافة بين الرجال والنساء بشكل غير مسبوق خصوصا اننا مجتمع ذكوري يضطهد المرأة. موضحاً: ان كل هذا ساعد على نشوب خلافات وظهور فجوات بين المتزوجين الجدد وما هو إلا صراع واضح بين العولمة التي اخترقت المنازل والعادات والتقاليد التي ترفض التقارب بين المرأة العراقية والغرباء اضافة الى شعور معظم السيدات من شريحة الموظفات باستقلالية مالية ما جعلها تدخل شخصية جديدة أقوى نسبياً تختلف عن واقع المرأة العراقية البسيطة المطيعة لزوجها .

 الحفاظ عليه من الضياع
زيادة أعداد النساء الأرامل بسبب الأحداث الأمنية التي تعيشها البلاد منذ عقد تقريبا من الزمن مما شجع عددا كبيرا من الرجال على الزواج الثاني او سراً لذلك فزيادة نسب الطلاق بين الرجال والنساء متوقعة وسوف تكون في زيادة مستمرة لان الظروف المحيطة بالواقع العراقي صعبة جدا .
المعاون القضائي علي الساعدي اشار بحديثه لـ(المدى): الى ان زيادة نسب الطلاق متوقعة ولو عملنا خطاً بيانياً من عام 2003 إلى عام 2015 لوجدنا تزايدا مستمرا في نسب الطلاق. مبيناً: لقد تعددت الأسباب التي تشجع على الزيادة من حيث الوضع الأمني اولاً، ومن ثم ضعف الحالة المعيشية للبعض اضافة الى سوء اختيار الطرفين، لافتاً: ان لذلك اسباباً ايضا منها الزواج المبكر الذي يكون عبر تعارف الشباب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي اضافة الى ان العائلة لا تعيرُ أهمية لطلب الشاب الزوج وهو لم يكمل الثامنة عشرة ويختصرون بأن الزواج هو (الحفاظ عليه من الضياع).

صفحة الفيسبوك تطلق فتاة
واوضح الساعدي: ان الأهل يعللون ذلك أن كل ما يحتاجه للزواج الطعام وغرفة نوم صغيرة وبعض قطع الملابس. مردفاً: ان الطامة الكبرى تكون بموافقة اهل الفتاة التي لم تبلغ الرابعة عشرة او الخامسة عشرة  من العمر.
وعن أغرب الحالات التي شهدها المعاون القضائي ذكر: شاهدت حالة كان القاضي يحاول عن طريق فتح مجال الصلح وإرسالهم الى الباحثة الاجتماعية  لعل الطرفين يتصالحان ويبتعدان عن المشاجرة. مضيفا: ان الحالة كانت  بين فتى لم يتجاوز السابعة عشرة وفتاة طلبت الطلاق لأنه طلب منها اغلاق صفحة (الفيس بوك) وانشاء اخرى جديدة لأنها تضيف أصدقاءً وهو تعرّف عليهم من هذه الصفحة ولكنها رفضت وتنازلت عن جميع حقوقها وعائلتها معها تساند موقفها. مشدداً: ان والد الفتى يصرخ بوجهه ويطلب من ابنه ان يطلقها وسوف يقوم بتزويجه لأخرى.
واختتم الساعدي حديثه: حقيقة واقع مولم لمجتمع تفكك اجتماعيا بسبب الظروف التي يعيشها، مشيرا: الى الكثير من القصص التي يصعب ذكرها ومؤكدا: ان الرجل الضعيف هو الذي يُهدد ويحلف بالطلاق والرجل القوى هو الذي يستطيع ان  يحتوي زوجته وأولاده بالحُب وليس بالقوة والصوت العالي!

أرقام طبيعية
في احصائية رسمية نُشرت على موقع السلطة القضائية الاتحادية بيّنت ان الطلاق الشهر الماضي اقترب من (5600) حالة رسمية في عموم البلاد، مقابل(20897) زواجاً، حيث تصدّرت الكرخ حالات الطلاق بـ (1177) حالة، تليها الرصافة بـ(1054) حالة، ومن ثم البصرة بـ (747) حالة، فيما سجلت المثنى أدنى المعدلات بـ (106) حالات.
اما الزواج فقد بيّنت الاحصائية ان الرصافة حلّت بالمرتبة الاولى بـ(3901) حالة، تليها الكرخ بـ (2928) حالة، فالبصرة بـ(2319) حالة، وسجلت صلاح الدين أدنى المعدلات بـ(567) حالة.
القاضي سالم روضان الموسوي نائب رئيس استئناف بغداد الرصافة بيّن لـ(المدى):
إن الأرقام المعلنة عن حالات الطلاق في العراق تعــد طبيعية لأنها تتناسب وزيادة حجم السكان في العراق وتكاد تقارب النسب العالمية للمجتمعات التي تتماثل مع الظروف الاجتماعية في العراق ومع ذلك لابد من الوقوف على اسبابها وتقليلها الى أدنى مستوى قدرَ الإمكان. مردفاً:  أما عن الحاجة إلى التوعية فهي مطلب دائم ومهم في جميع مناحي الحياة إلا أن للطلاق أسباباً عــدة لا تقتصر على نقص أو انعدام التوعية في المجتمع أو في أوساط الأسر الشابة لأن معظم هؤلاء لهم معرفة بالآثار التي تترتب على الطلاق سواء كانت اجتماعية أو دينية.

 150 الف مسكن سنوياً
ورأى الموسوي: ان معالجة ظاهرة الطلاق بحاجة إلى تدارك الاسباب التي ادت الى ظهورها ومعالجتها بشكل منهجي ومدروس ومن هذه الأسباب : انعدام السكن المستقل للمتزوجين الجدد أو حتى الأسر التي مضى على قيامها سنوات وذلك بسبب نقص الوحدات السكنية في العراق الذي يواجه أزمة سكن. مسترسلا: في آخر تقرير بخصوص هذه الأزمة إن العراق بحاجة إلى اكثر من (150000) مائة وخمسين الف وحدة سكنية سنوياً وضيق المساحة السكنية او انعدامها الذي ادى الى وجود اكثر من اسرة في مسكن مساحته صغيرة خلق حالة من التدخل في الحياة الأسرية من الساكنين في المسكن سواء كانوا من الأقارب او غيرهم وهذا عظـَّم المشكلة وأدى الى انعدام التفاهم داخل الأسرة
مشيرا: الى ان من بين تلك الاسباب الضائقة الاقتصادية وضعف الموارد المالية للاسرة الذي يؤدي بدوره الى حصول الخلاف بين اعضاء الاسرة الواحدة. مشددا: ان  ضعف التعليم يؤدي الى تخريج أجيال غير مؤهلة تجاه الحياة ومصاعبها. منوهاً: ان  الجانب الأمني له الدور الاكبر في خلق حالة من اللاتوازن داخل الاسرة وانعدام الأمن الذي يُعد سبباً في وجود الاحتقان الأسري.

شكوك القرون الوسطى
واسترسل نائب رئيس محمكة استئناف الرصافة بحديثه عن تعدد اسباب الطلاق مشيرا: الى ضعف الخدمات ومنها الصحية التي تكون عبءاً كبيرا على رب الأسرة عند اصابة أحد افراد العائلة مما يدفعه الى التهرب من المسؤولية الاسرية ومنها اللجوء الى الطلاق. لافتا: الى التطور الحاصل في وسائل الاتصال الذي لم تواكبه نهضة في معرفة المفاهيم الجديدة وتأثيرها على العلاقات الاجتماعية التي ما زالت في سلوكيات القرون الماضية وهذه ولـَّدت الشك لدى معظم الأسر فأدت الى تفاقم حالات الطلاق.
واختتم الموسوي حديثه: هذه بعض الأسباب التي لو تمت معالجتها وتداركها او التقليل من آثارها في توفير السكن اللائق والخدمات المتطورة نسبياً وتعظيم موارد الأسرة المالية ستسهم كثيرا في تقليل حالات الطلاق .

البحث عن زوجة ثرية
بينما قالت رؤى رائد طالبة في المرحلة الثانية قسم اللغة الانكليزية: ان اختلاف المستوى الاجتماعي والثقافي بين الزوجين له الأثر الكبير في حدوث الطلاق. مضيفا: فضلا عن  انتشار  الانترنيت وما وفـَّره من انفتاح على العالم الخارجي وانشغال الطرفين بالأجهزة الاكترونية واتساع قاعدة التعارف، مشيرةً: الى اهمال الزوج لزوجته وبالعكس. واوضحت رائد: هناك طلبات للزوجة قد لا يستطيع الزوج توفيرها نلاحظ على إثرها ان الزوجة تطالب بالطلاق متناسية السنوات والحياة الزوجية والاطفال الذين يصبحون ضحيةً. مستطردة: ان الوضع المادي وانتشار البطالة وعدم انجاب الاطفال يدفع الكثير من الرجال الى البحث عن الزوجة الثرية او الموظفة التي يمكن ان تنجب له الاولاد، مؤكدة: ان هناك رجالاً ما زالوا يعاملون المرأه بشكل غير حضاري ويستخدمون الضرب والبُخل ليس من ناحية المال انما العواطف والمشاعر والكلام اللائق فشخصيته تكون (س سيد) بالبيت ومع الأخريات مختلفة تماماً.

 زواج كبار السن
الإعلامية وفاء الفتلاوي ذكرت لـ( المدى): ان ازدياد نسب الطلاق في المجتمع العراقي بشكل مخيف في الآونة الأخيرة يعود لجملة من الاسباب. منها صغر سن الفتيات اللواتي لا يدركن معنى الحياة الزوجية والمسؤولية التي أُنيطت لهن. مبينة: ان هناك حالات طلاق سببها تعدد الزوجات التي انتشرت بشكل كبير وعدم ضمان العدالة بينهن او الغيرة المفرطة، مشددة: ان حالات طلاق كثيرة حدثت بسبب العنف الأسري الذي تتعرض له المرأة سواء من الزوج او أهله بحكم السكن الواحد.
واستطردت الفتلاوي: بعض الحلات التي كانت نادرة باتت شائعة في ايامنا هذه زواج  كبار السن من فتيات صغيرات، اضافة الى الانترنيت فالزوج او الزوجة يكتشفان خيانة أحدهم للآخر مما يكون سبباً لذلك، معتقدة: ان كثرة حالات الطلاق تعود الى المجتمع وعاداته التي أثـّرت بشكل كبير على نفوس الرجال والنساء على حدٍ سواء. وما يحدث اليوم نتيجة تراكمات لعقود مرت لكنها تركت آثارا ليومنا هذا فلو كانت العقول متفتحة باحترام المرأة وتقدير مكانتها في الأسرة ومنحها حق التعليم ما وصلت اليوم حالات الطلاق الى درجة تفوق حالات الزواج!!  

الترهيب والزواج المبكر  
بينما أكد الباحث الاجتماعي صباح زنكنه لـ(المدى): أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق الزواج القسري من قبل الأب لبنته وابنه، مبيناً: ان ذلك يسمى  الزواج الترهيبي كزواج الأقارب وهذا لا يُسهم  في توطين العلاقات، بل تمزيق الأُطر الاجتماعية والعلاقة بين الاقارب اضافة تزويج الآباء أبناءهم بشكل مبكر تشجيع الشباب لإكتساب الرجولة بوقت مبكر حسب اعتقادهم. مضيفا: من دون ان يشعر الأب ان خبرته قليلة في عالم الحياة الحالية والمعقدة عكس ما كانت عليه سابقا. واضاف زنكنة: اختلاف الثقافات اذ يحصل النفور بعد فترة من الوقت  اضافة الى ان علاقة الأب للبنت وحبه لها تجعله يعطيها الحق حتى لو كانت مخطئة مع زوجها  ويدافع عن بنته وهنا يدافع الشاب عن حقوقه كرجل ويستعجل باجراءات الطلاق. مشيرا: الى الوضع المعيشي الصعب لبعض الأسر (المركبة) التي تتكون من  عوائل عــدة وهناك تفاهم وتعاون بينهم حيث يتعلم الاولاد كيف يمكن تدارك المشاكل والاخلافات. خاتماً: اما في الوقت الحاضر مباشرة يفكر الشباب باستقلالية العيش والسكن الأمر الذي يُولـِّد مشاكل مادية كبيرة ربما تكون الفتاة غير واعية لوضعهم الاقتصادي وتطلب طلبات كبيرة يعجز الزوج عن توفيرها نتيجة  ما تراه عبر المسلسلات والأفلام او ما تسمعه من قريباتها وصديقاتها.

 التعلق بالأهل
بينما اكد الباحث الاجتماعي ماجد معارج الربيعي لـ(المدى) ان انتشار الزواج المبكر في العراق بعد عام 2003  توسّع بشكل ملحوظ وواسع وللاسف ينتهي اغلب هذه الزيجات الى الطلاق. مبينا: ان الأمر لا يتعلق بطرف واحد فقط الزوج او الزوجة وما يقع بينهما من مشاكل في اغلبها تافهٌ يمكن تداركه وفهمه. مردفا: في بعض الاحيان يكون السبب تعلق احد الاطراف بالأهل والأخوات وبعض الاصدقاء وكذلك البيئة ونظرة الفتاة للرجل وفلسفة فارس الأحلام ونظرة المراهق للفتاة ليوصلها الى الزواج وبعدها ينكشف القناع ويظهر كلٌ على حقيقت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram