من الخطأ تشبيه المرأة بالرجل مُعبّرين من خلال هذا عن قوتها ، بل يجدر بنا أن نعبّر عنها كامرأة قوية ومجدّة استطاعت أن تكوّن وتصنع تأريخها رغم ما يحيطها من مصاعب وما يواجهها من تحديات . ورغم المصاعب التي تواجه المرأة العراقية وأحكام المجتمع القاسية وأع
من الخطأ تشبيه المرأة بالرجل مُعبّرين من خلال هذا عن قوتها ، بل يجدر بنا أن نعبّر عنها كامرأة قوية ومجدّة استطاعت أن تكوّن وتصنع تأريخها رغم ما يحيطها من مصاعب وما يواجهها من تحديات . ورغم المصاعب التي تواجه المرأة العراقية وأحكام المجتمع القاسية وأعرافه القبلية إلا أن هنالك الكثيرات من النساء اللاتي استطعن إثبات حضور واضح وملموس في المشهد العراقي بمختلف مجالاته ، ومن بينهن الناشطة المدنية والوزيرة السابقة نرمين عثمان التي ضيّفها منتدى نازك الملائكة في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين صباح يوم الاربعاء الماضي في مبنى الاتحاد . وقد افتتحت الجلسة رئيسة منتدى نازك الملائكة في اتحاد الادباء السيدة ايناس البدران قائلة :"هل بالغ الشاعر الفرنسي أركون حينما ردد مقولته الشهيره -المرأة لا الملوك مستقبل العالم- ، أم انه ركب بموهبته لرؤية اللامرئي ؟ كما أثبتت دراسة حديثة لمعهد بريطاني أن العالم سيكون بأيدي أمينة إذا ما آلت أموره للنساء ، وهذا يتفق مع ما جاء به علماء الانثروبولوجي أن مجتمع ما قبل التاريخ كان مجتمعا اموميا يتمتع بعلاقات جدية على مستوى إنساني راقٍ تبوأت فيه المرأة مراكز حساسة سياسية واجتماعية واقتصادية فكانت منهن الكاهنة والاميرة والشاعرة والملكة والعاشقة وحتى الإلهه كانت بهيئة امرأة لما تمثله من احتضان الحياة . " مؤكدة أن " هذا قبل اختلال الموزاين ، فبعد سيطرة فئات قليلة من العنصريين تراجع وجود المرأة ثم هبت رياح الفساد والحروب لتبدأ المرأة برحلتها السيزيفية مع الظلم والتهميش . "وأضافت البدران " أن المرأة العراقية عانت الكثير من المشكلات المعقدة والمركبة منها حقها في التعليم والذي كان المستوى الأدنى لدى النساء ، ومشاركاتها بالاقتصاد التي لا تتجاوز 20% والاحداث التي جرت في العراق نالت اكثر من ثلثي النساء ،إضافة إلى مشكلات التحرش في المنطقة والعنف مع عدم وجود قوانين داعمة للمرأة وهنالك الكثير من الاعراف البائدة مثل قانون غسل العار والذي انتهى في كردستان بعد أن سُنّ قانون ضده . "
وذكرت البدران " أن هذه المشكلات تلتقي مع هياكل التخلف وتستمد من الاعراف العشائرية ، الا أن هنالك نساء أستطعن تكسير هذه القيود مثل السيدة نرمين عثمان التي تقلدت العديد من المناصب ، والتي دخلت معترك السياسة عام 1970 من خلال ارتباطها في صفوف حزب كادحي كردستان ، وهي من عائلة ناضلت ضد النظام الصدامي." وبينت البدران قائلة " أن عثمان كانت من مؤسسي منظمة جمعية حماية اطفال كردستان ، وهي مديرة المشروع المركزي لنشاطات الشباب ، ومؤسسة لمنظمة اغاثة المعوقين ، وقد شاركت في عدد من المنظمات الكردية وتقلدت وزارات في كردستان وتقلدت مناصب وزارية في الحكومات العراقية الحالية . " من جانبه ، قال الممثل عن أمانة الشؤون الكردية القاص حسين الجاف : " منذ أكثر من 40 عاما عرفت الزميلة الناشطة الكردية في المحفل الطلابي الكردي وكانت تتميز بشيئين مهمين هو الجمال وحضورها الاجتماعي ، وهي صاحبة قضية وذات صوت منخفض تأخذك بلطفها وحيائها، وهي من عائلة يجري الشعر على لسان ابنائها وبناتها جريان الماء في الجدول الرقراق ، كانت نرمين رابع وزيرة عراقية بعد نزيهة الدليمي، وسعاد خليل البستاني ،والوزيرة الثالثة نسرين برواري."
بدورها ، قالت المحتفى بها الناشطة والوزيرة السابقة نرمين عثمان :"انا هنا اليوم بين احبتي وأهلي للحديث عن تجربتي كمواطنه كردية عراقية اختارت الطريق الأصعب للتعبير عن وجود الشعب الكردي والوطن العراقي. لم تكن التجربة سهلة بل هي التجربة الاكثر قسوة وصعوبة عشتها بدمي ودمعي وقسوتي وحناني وصبري وتحملي امام ابواب السجون والمعتقلات وكامرأة شابة معتمدة على نفسها بكسب قوتها واعلم اني لست الوحيدة ولا عائلتي الوحيدة التي تعرضت للظلم فلم تنجُ اية عائلة عراقية من الظلم من بطش النظام السابق . " وبينت عثمان قائلة :" في يوم ولادتي ورغم أن ابي كان متفتحاً وماركسياً إلا أنه كان يفضل أن اكون انا رجلا ولست فتاة ، وقد تربيت كامرأة قوية كان الأقارب يذكرون أمام والدي بأن نرمين قوية كرجل وانا كنت ارفض هذا التوصيف فأنا لا اشبه الرجل بل أنا امرأة قوية استطعت اثبات وجودي . "
وأضافت قائلة :" لقد ترعرعت في جو عائلي سياسي ، وشهدت خالي معتقلاً بالسجون لأسباب سياسية حتى اني كنت اتفقد السجون وازوره مع امي في نكرة السلمان وفي سجون كركوك وبغداد وكان شاعراً وفناناً وملحناً وقاصاً وناقداً وأديباً له 17 كتاب أدب ، كما اعدم خالي جعفر عبد الواحد على يد النظام. "
موضحة :"رغم ما واجهته من مصاعب ومن ضمنها اعتقال زوجي وسجنه لمدة 6 سنوات إلا أني بالسعي والقوة استطعت أن أحقق حلمي وأن أكوّن تأريخي وأن أكون سيدة مجتمع ومربية جيدة وأنشأت جيلا جديدا من خلال تربية أبنائي كما قدمت الكثير من الخدمات لبلدي من خلال المناصب التي تقلدتها إضافة إلى المؤسسات التي أسست لها ، فالأمر لم يكن سهلاً حقاً لكنه بحاجة إلى إيمان وإرادة . "