في كتاب ضم ذكرياته عن رحلاته الصحفية ، تحدث صحفي فرنسي عن زيارته للعراق في السبعينيات ولأهوارها تحديدا فقال ان في العراق كنزا لو احسنوا استغلاله فسيعود عليهم بالخير الوفير لكنه انتقد حجم التخلف الذي لمسه عندما شاهد سكان الاهوار يستخدمون المشاحيف ويسكنون بيوتا من القصب ويدرس اولادهم في مدارس بائسة فقال تعليقا على مارآه ان العراق لن يتقدم مادام أهله يعيشون كل هذا البؤس بينما يمتلكون ثروات حقيقية !!
هل كان الصحفي الفرنسي يتنبأ بما يخبئه الزمن للعراقيين وماذا كان سيكتب لو كرر زيارته للاهوار خلال حكم الطاغية وشاهد كيف قام بتجفيفها ومعاقبة سكانها بالقتل الجماعي والاعتقالات او زارها بعد سقوطه وشاهد كيف تفطرت أرضها من العطش وماتت طيورها النادرة وهزلت مواشيها وازداد سكانها بؤسا وفقرا ؟!
كلما حطت حكومة رحالها في العراق واستقرت فيه طويلا تطلق تصريحاتها المتفائلة عن تقدم العراقي وتطوره في ظلها بينما تضع العصي في دواليب تقدمه حتى وصل الحال ببغداد عاصمتنا الجميلة التي كانت قبلة للزوار والسائحين ان تصبح في ذيل قائمة العواصم الملائمة للعيش كما ذكر تقييم ميرسر للاستشارات الذي يختار أفضل واسوأ العواصم في العالم حسب انتشار العنف والجريمة المنظمة فيها فضلا عن سوء الخدمات وطبيعة التنقل فيها وارتفاع الاسعار ولتوفر كل هذه الشروط في بغداد فقد احتلت وبجدارة لقب اسوأ عاصمة للمعيشة في العالم ، وقد جاء هذا التقييم بعد احصائية سابقة جرت حول الفساد واحتل فيها العراق ايضا درجة متقدمة جدا لانتشار الفساد فيه بشكل يزكم الإنوف ...كل هذا يجري ونحن مانزال ننتظر ماتسفر عنه الاصلاحات وماستسفر عنه التغييرات الوزارية التي تشترط توفر سمة ( التكنوقراط) بينما يقول واقع الحال ان الدعوة الى الاصلاحات أسفرت عن زيادة الشحن الطائفي والحزبي والميليشياوي بين أطراف الحكومة المتنافرة بعد كشف بعض ملفاتهم النتنة ، أما التغييرات الوزارية المرتقبة فقد تسفرعن انفراد في الرأي وتناحر بين الاطراف التي تشعر بأنها متضررة فالاختيار لن يكون خاليا من شوائب طائفية وإثنية والقائمون على الاختيار اغلبهم من رؤوس الفساد الذين يستحقون محاكمة على افعالهم وليس مشاركة في التغييرات الحكومية ..فيما يخصنا ، سيكون علينا أن نرضى بالمثل القائل "تريد أرنب أخذ أرنب ..تريد غزال أخذ أرنب " ..فهل سنرضى ايضا ؟وأين سنجد انفسنا بعد ان بلغنا ذيل قائمة الافضل ومقدمة قائمة الاسوأ في تقييم المدن والفساد ..وماذا ينتظرنا أكثر من حكوماتنا سوى الاسوأ ..فالأسوأ ...
العراقي.. لن يتقدم!
[post-views]
نشر في: 26 فبراير, 2016: 09:01 م