عبدالله السكوتييحكى ان غرابين تخاصما وكانا متقابلين، فأخذا يتعايران فيما بينهما، وكأن كل واحد منهما لايعرف أن وجهه أسود، بل يعتقد ان السواد بوجه الغراب المقابل له حيث لم يرَ وجهه ، وكان غراب ثالث يستمع اليهما فقال:"غراب يكَل لغراب وجهك أسود!".
من الطبيعي ان تكون هذه المشكلة كبيرة لأن الغرابين لا يعرفان لونهما ولم ينظرا للمرآة ليريا حقيقة الأمور ولذا ترى أحدهما يتهم الآخر بسواد الوجه والقبح . كثير من الغربان الآن وخصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات يتبادلون الاتهامات وهم يعرفون حقيقة الأمر لكنهم يحاولون التأثير على الناخب تساعدهم في ذلك وسائل الاعلام التي تنقل أخبارهم "أوّل بأوّل" هؤلاء يعتبرون نشر الغسيل على الحبال من ضمن الدعاية الانتخابية لكنهم نسوا ان الاتهامات والعزل من شأنه ان يضع تجربة العراق الديمقراطية على حافة الهاوية، هم يستغلون حرية الكلام اكثر مما تستغلها وسائل الاعلام ليصل الأمر في بعض الأحيان الى الشتيمة والبعض الآخر ينحو منحى آخر إذ انه يلجأ الى دول الجوار لتقدم له الأموال وتعقد على اراضيها الاجتماعات وتكون هي المسؤولة عن توجيه افكاره ومعتقداته كما سمعنا في الاجتماع الذي عقد في احدى دول الجوار وغايته كما يقولون قلب المعادلة السياسية في العراق ولولا انسحاب طرفين او ثلاثة لكانت الطامة كبرى خصوصاً وهي تدعو الى اهداف طائفية. لا نود ذكر الاسماء ، لكن المهيئ لهذا الاجتماع وقطب الرحى فيه هو اعلامي كبير ومعروف ويمتلك صحيفة وقناةً فضائية ، لقد هيّأ الأجواء ليرمي بالشباك علّها تخرج بشيء يتمناه هو لكن الذي حدث انها أخرجت حمأة وطين ، والأطراف الشريفة التي انسحبت من الاجتماع كانت وراء فشله . كي لا نعطي بأيدينا اعطاء الذليل علينا أن نفكر بمصلحة الوطن أولا ونعلم منذ البداية ان هناك كثيرا من المتربصين الذين يبحثون عن الفجوات للدخول داخل الساحة السياسية العراقية ، أموال الخليج وسياسة التسلط والتفرد في المنطقة ودكتاتوريات وملوك ، ماذا يصنعون أمام بلد ان تعاون وطبّق الديمقراطية فسوف يتركهم خلفه يبحثون عن جمالهم العتيقة. على هذا الأساس لا نريد ان نفضح اسرارنا اكثر وعلينا ان نبحث في القوانين المتسرعة ونجد معالجات ناجحة لها ، ولا نعالج الخطأ بخطأ آخر ، الاجتثاث ، المساءلة والعدالة ثغرة في البناء الديمقراطي في العراق ، لم ندع الآخرين ليدخلوا منها؟ ليستخدموا الكثير من الاسماء ونخلق نحن أعداء جدداً بأيدينا؟ لقد اتفقت جميع الاطراف على استبدال الاجتثاث بقانون المساءلة والعدالة وهناك فرق حسبما سمعنا بين الذين لُطّخت أيديهم بدماء العراقيين وبين الآخرين الذين سعوا للحفاظ على انفسهم وخدمة الوطن في نواحٍ عديدة ، لماذا لم يكن الأمر على هذا الاساس ونفرق بين المجرم والبريء؟ لينال المجرم عقوبته والبريء يحصل على صك الغفران؟ حتى ننتهي من هذه الاشكالية علينا معالجتها بجد وبصدق ونترك الاتهامات الباطلة والتسقيط الاعلامي.
هواء في شبك: (غراب يكل لغراب وجهك اسود)
نشر في: 18 يناير, 2010: 07:43 م