الاطراف المشاركة في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 ، يمكن تصنيفها على وفق حجم زنابيلها بما حملت من مكاسب وامتيازات، بات من الصعب التخلي عنها من اجل اصلاحات حيدر العبادي . الزنبيل فرض حضوره في المشهد ، ترسخ في الحياة السياسية فجعلها تستعير مشية ابو الجنيب ، خطوات المسيرة متعثرة نتيجة هيمنة احزاب متنفذة على السلطة. فتعرضت التجربة الديمقراطية الى نكسات ونكبات ، باتت تحتاج الى جملة اجراءات لتصحيح مسار العملية السياسية ، وليس عن طريق حزمة اصلاحات ترقيعية تخترق الدستور ، تجعل فتيل الازمات يبعث الدخان الاسود في الاجواء العراقية ، ويحجب رؤية الضوء في نهاية النفق المظلم .
القوى العراقية الممثلة في البرلمان والحكومة ، لطالما تبادلت الاتهامات حول اسباب تراجع العملية السياسية . كل طرف يدعي انه صاحب المشروع الوطني الوحيد القادر على انقاذ العراق من السقوط في منزلق خطير من دون الاستعانة بجهات خارجية . وهناك من يزعم بأن الارادة الوطنية مستقلة ، تنطلق من قاعدة شعبية واسعة ، على مدى السنوات الماضية . لم تترجم الاقوال الى افعال ، فظل العراقي ينظر بسخرية الى حبل نشر غسيل الفرقاء ، حتى امتد الخلاف الى داخل الائتلاف الواحد ، التحالف الوطني الحاكم فشل في اختيار بديل لرئيسه وزير الخارجية الحالي ابراهيم الجعفري ، اتحاد القوى العراقية ممثل السنّة في البرلمان والحكومة ، تجاهل مأساة النازحين من المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، وركز على تحقيق التوازن في تقاسم المناصب لضمان حقوق المكون السنّي ، على هذا الايقاع تتبنى النخب السياسية مواقفها لضمان مصالحها ، باعتماد اسلوب اعتلاء المنصات لأغراض الشجب والتنديد والتلويح بتعليق المشاركة في جلسات الحكومة والبرلمان ، ربما لهذه الاسباب ظلت العملية السياسية تسير بخطواتها العرجاء الى المجهول ، لكن الزنابيل احتفظت بمحتوياتها.
يوم اعلن اياد علاوي ان العملية السياسية عرجاء جعل خصومه يوجهون الاتهامات اليه بالسعي لإعادة البعثيين الى السلطة ، وتنفيذ مخطط خارجي يهدف الى الحد من نفوذ احزاب شيعية في الحكومة الحالية . اصحاب هذا الرأي لطالما عبروا عن قلقهم من الاطاحة بالتجربة الديمقراطية التي افرزتها صناديق الاقتراع ، نظرتهم الى العملية السياسية تنطلق من قناعتهم بان المكتسبات مقارنة بزمن النظام السابق ، حققت معجزات لا يراها المشككون ، الزنابيل امتلأت بالامتيازات.
العملية السياسية ، من وجهة نظر معظم العراقيين اصحاب المصلحة الحقيقية في استقرارها وضمان نجاحها ، اصبح حالها مثل الاعمى يقود الضرير ، ليس ثمة امل في تصحيح اخطاء السنوات الماضية ، لأن زعماء الاحزاب والقوى الفاعلة في الساحة جميعهم انتحلوا صفة القائد التاريخي على استعداد للدفاع عن زنابيلهم بدماء قواعدهم الشعبية ، قواعد اللعبة السياسية في العراق لم تخرج عن الزنابيل .
زنابيل الساسة
[post-views]
نشر في: 28 فبراير, 2016: 09:01 م