جميع الاطراف السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة، رفعت شعار تحقيق المصالحة الوطنية ، بعد آخر مؤتمر عقد في هذا الاطار بفندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء ، تجدد طرح الاسئلة حول جدوى عقد المؤتمرات والاجتماعات مع إنفاق ملايين الدولارت على مشروع اتخذ شكل ابو الهول لم يتحرك خطوة واحدة ، لكنه دخل في برامج القوى السياسية مع وجود تباين واختلاف في وجهات النظر في تنفيذ الخطوات الاجرائية لحسم هذا الملف الشائك بوصفه واحدا من متطلبات تحقيق العدالة الانتقالية .
تعامل القوى السياسية مع ملف المصالحة يكاد يقترب من اصرار"الكببجية " على ان احدهم افضل من الآخر في اعداد الكباب ، اصحاب المهنة لكل واحد منهم طريقته الخاصة في جذب الزبائن ، لكن تبقى طريقة فرم اللحم بالساطور مع اضافة الكرفس والبصل هي الافضل لمن يرغب في تناول وجبة شهية ثم يستكمل متعته بشرب استكان شاي أعد على الفحم من رأس القوري الفرفوري ، مع الاقبال الواسع على مطاعم الوجبات السريعة ، ودخول الكنتاكي بكل اشكاله وانواعه الى السوق العراقية ، اختفت مطاعم اعداد الكباب بالساطور من العاصمة ، خاصة انها ارتبطت بزمن الاسترخاء والفرفشة قبل الدخول في مرحلة الصراع على السلطة.
تجارب شعوب كانت متنازعة في تحقيق المصالحة وتوطيد السلم الاهلي، بحكمة ساستها ومسؤوليها ، تصلح ان تكون وصفة للمشكلة العراقية شريطة التعاطي مع هذا الملف بخطوات جدّية مع تقديم تنازلات من الاطراف المتنازعة، فضلا عن اعتماد برنامج حقيقي ينصف الضحايا ، مشروع المصالحة الوطنية ، ورد في وثيقة الاصلاح السياسي فاصبح جزءا من برنامج الحكومة الحالية ، على مدى السنوات الماضية ،عقدت عشرات اللقاءات والمؤتمرات لتطبيق المصالحة ، لم تسفر عن نتاج ايجابية تسهم في تحسين الاوضاع الامنية ، بل انتقل الخلاف الى الاطراف المشاركة في العملية السياسية ، فباتت بأمس الحاجة الى مصالحة لتسوية خلافاتها، المصالحة ليست شعارا او كبابا بالساطور كما يعتقد من رفع شعارها ، خطوات تنفيذ المشروع تبدأ برسم خارطة طريق تحدد الجهات الراغبة في الاستجابة الى المشروع ، مع استعدادها لاعلان اعترافها باخطائها.
في مرحلة التحضير لعقد اجتماعات سابقة تضم ممثلين عن الحكومة العراقية واطراف رفضت المشاركة في العملية السياسية ، كانت الشروط المسبقة تغلق الابواب امام حصول اي تقارب ، شخصيات سنيّة ترتبط بفصائل مسلحة، ترفض التفاوض مع "الحكومة الشيعية " الجانب الآخر له ايضا مواقفه المتشددة ، على هذا المستوى من التفكير ضاعت فرص التقارب ، والجلوس على طاولة واحدة .
القوى السياسية العراقية صاحبة التمثيل الواسع في الحكومة الحالية ، اعلنت دعمها لتحقيق مشروع المصالحة الوطنية ، لكن بشروط تنطلق احيانا من دوافع مذهبية ، في ضوء ذلك فشلت كل اجتماعات ومؤتمرات المصالحة ،فأصبحت مجرد شعارات ترفع في مواسم الدعاية الانتخابية سرعان ما يتم التخلي عنها ، لهذا السبب خضع الملف الى المزاج احادي الجانب ، لم يصل السياسيون الى مستوى "الكببجية" في اعداد مصالحة بالساطور.
مصالحة بالساطور
[post-views]
نشر في: 1 مارس, 2016: 09:01 م