تتحكم القوة العقلية بالاحاسيس المرتبطة بانفعالات الانسان التي تتهذب من خلال التأمل، وما تبثه لحظات الادراك من يقين بقوة الانسان المختزنة في باطنه حيث القدرة على اكتشاف الظل الوهمي المرافق للحياة. والتايتشي هو إرث قتالي يهدف الى الدفاع عن
تتحكم القوة العقلية بالاحاسيس المرتبطة بانفعالات الانسان التي تتهذب من خلال التأمل، وما تبثه لحظات الادراك من يقين بقوة الانسان المختزنة في باطنه حيث القدرة على اكتشاف الظل الوهمي المرافق للحياة. والتايتشي هو إرث قتالي يهدف الى الدفاع عن النفس لا القتل المرتبط بالقوى الشريرة في الكون ، فالاستجابة الجسدية للروح هي حصر قدرة الاسترخاء "بالتأمل أثناء الحركة" .
وللحفاظ على هذا الارث لا بد من التقيد بأنظمة المعبد الذي يحاول الحفاظ عليه معلم تايغر لأن ثقافة هذا القتال هي حضارة بأكملها وتقاليدها تحتاج إلى تناغم متكامل مع القوانين التي تفرضها هذه الثقافة التي تحتاج الى قوة القلب والروح معا، وهذا ما يعالجه فيلم" الرجل التايشي" الذي يخرج حاملا اهدافه متجها نحو معبده الداخلي الحقيقي الذي لا بد وان يتطهر من الافكار المؤثرة على الانسان ، فالاطماع الانسانية تسلب الانسان نفسه قدرته على مواصلة الحياة بسلام .
تصوير يهدف الى اظهار التراث الصيني ،خاصة المعبد التايشي، وهذا الارث الصيني الذي يستمد وجوده من الاهداف الحقيقية للانسان المحافظ على حكمة الحياة وجوهرها، فالعدسة التصويرية في الفيلم قادت البصر نحو البؤر الجمالية في الأحياء والشوارع، وما يحيط بالمعبد مع الحفاظ على جمالية القتال وتناغمه مع الجسد .اذ تلاعب المخرج" كيانو ريفز" بالاحجام المشهدية وسرعتها وتوازنها مع الموسيقى التأملية والقتالية في آن، وبازدواجية موضوعية هي جزء من حاسة السمع المرتبطة مع البصر، ليجذب المشاهد نحو الموضوع او الفكرة بحد ذاتها، وهي الحفاظ على تراث التايشي القتالي الذي يعتمد على فكرة الخير لا التسبب بالموت، لأنه للدفاع عن النفس والقضاء على قوى الشر ، وذلك بتقوية الداخل في مواجهة الخارج.
لا يمكن للانسان الذي يحمل جينة الخير الا ان يكون صاحب هدف في الحياة التي تضعه أمام الأقدار، وان شاء الانقلاب على نفسه فلا بد من عودة خصوصا أن للتايشي روحانية تصوف تحمل في طياتها تجديد الطاقة الانسانية الداخلية، وهذا ما يهدف الفيلم الى اظهاره عبر الدراما والحكمة المثيرة للذهن المرتبطة بنوعية الموسيقى التي اتقن تأليفها Chan Kwong wing "شان كيونغ وينغ" التي استطاعت الاعتماد على الحسي والحركي لهذه اللعبة الايقاعية القريبة من العزف الهادئ على القصب او الضرب على الوتد، وبدقة متناهية شديدة التركيز من حيث قوة الملاحظة والتأمل الداخلي المنساب مع قوة الضربة او تفاعلها ، فهل ممارسة التايشي ثقافة تراثية حضارية لتقديس قوة الانسان والحفاظ عليها؟
الفيلم من بطولة أيكو أويس، كيانو ريفز،كارين موك،وبتمثيل درامي لم يخل من ابداع في اعطاء التعابير المشحونة بنبض النفس المحملة بالخير او الشر، ما زاد من العوامل المؤثرة التي منحت المشهد انفعالاته، وبحيوية جاذبة بصريا، لأن مصداقية التقمص شديدة البساطة ومنسابة مع الشخصية والتعاطف معها من حيث الهدف القتالي الذي يبرره القدر في نهاية المشهد ، ما ترك نوعا من الاسطورة القائمة على سيرة المعبد ونشأته والحفظ عليه من مقاتلي التايشي تباعا لما يحمله من نواة الخير والسلام.