يتنبأون بهطول المطر بتكاثف السحب وسماع الرعود ، يستدلون على هبوط الليل ، بسدول ستائر الظلمة ، وعلى تباشير النهار بخيوط الفجر ، وعلى السقام بالنحول ، فكيف يستدل على بدايات انحطاط الأمم بعد طول إزدهار ، والعودة القهقرى لتيه العصور المظلمة ؟؟
الفترة التي سميت بـ ( المظلمة ) والتي كلكلت — قرونا — على العراق ودول المنطقة ، لم تبدأ ساعة اجتياح ( هولاكو ) لبغداد ، بل مُهد لها بإفساد الذمم ، بإهانة العلماء ، بحرق المكتبات ، او إغراق المخطوطات بدجلة ، وكل مخطوط نفيس فيها شاهد عدل ، بالقتل العشوائي ، غيلة او لمجرد الشبهة .
لم تبدأ الفترة المظلمة إلا يوم زامل الإزدهار الفجور والترهل ، والبطر ، وضمور الوازع الوطني و الأخلاقي .
بعدما تسلم الخليفة المعتصم صولجان الحكم ، ساد زمان شرس ، نابز الجار جاره على مغنم او مكسب ، راقب الزميل زميله خشية الكيد ، تنكر الصديق لصديقه عبر حسد او وشاية ، و…و.… حتى صار الصدق والنزاهة عملة محرمة ، ووصف الوصوليون بالذكاء ، والانتهازيون بالشطارة ، والمنافقون بالدهاء ، وراجت تجارة بيع وشراء الذمم ، وانتشر البصاصون لينقلوا للحاكم عن حق وعن باطل . وازدحمت السجون ، وتساوى البريء والمجرم . وفسد القضاء ، وتولى الكتّاب غير العدول الأمر ، وتحكم الخصيان بشؤون العباد، وانتشر مذهب (( التقيّة )) فصار للإنسان ، لسانان ،واكثر من وجه ….
عندما حل هولاكو ببغداد . وجد كل شيء جاهزا لتعاطي كأس النصر حد الثمالة ، حتى المفاتيح الرئيسة للقفل الكبير قدمت له على صينية من ذهب ، بعدما تزينت الخيانة بزي رجل سموه 🙁 العلقمي ). وكان ما كان …. وبعد : يستدل على الزوابع الرعدية بحالك الغيوم والسحب ، وهذا الزمن الذي نعيشه اليوم زمن مرّ وكالح ، لا يستهدف كتبا ليغرقها بدجلة ، ولا أبرياء ليحيل أجسادهم مزقاً وأنهار دم ، فحسب ، إنه يستهدف الإنسان الواعي الذي لا يعوضه مال ولا مغنم . فهل يمكن - للحكماء ، للعقلاء تغيير المعادلة المعروفة : التاريخ يعيد نفسه ؟؟؟
بغداد الأمس.. بغداد اليوم
[post-views]
نشر في: 2 مارس, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ام رشا
وهل يوجد في عراق اليوم حكماء وعقلاء لكي لا يعيد التاريخ نفسه ...!اليوم التاريخ يعيد نفسه ليس بعلقمي واحد بل بعشرات العلاقمة اللذين استهدفوا كل شئ واستباحوا كل شئ ولن يهدء لهم بال حتى يقدموا العراق كله هدية إلى اولياءهم ولكن هيهات فلن تتحقق أحلامهم المريض