تزوج الملك هنري الثامن ست مرات. وكانت آن بولاين (1501 – 1536) السبب في إعلانه القطيعة مع روما، فقد أراد الطلاق من زوجته الأولى كاترين الأراغونية ليقترن بها، والقصة معروفة. لكنها لم تبقَ زوجة له سوى لثلاث سنوات (1532 – 1536)، فقد اتهمها بخ
تزوج الملك هنري الثامن ست مرات. وكانت آن بولاين (1501 – 1536) السبب في إعلانه القطيعة مع روما، فقد أراد الطلاق من زوجته الأولى كاترين الأراغونية ليقترن بها، والقصة معروفة. لكنها لم تبقَ زوجة له سوى لثلاث سنوات (1532 – 1536)، فقد اتهمها بخيانته مع مارك سميتون عازف العود الشاب الذي عمل لديها، وأمر بقطع رأسها. ويبدو أن الأمر لم يتعدَّ الشك الذي ضخمه جواسيس كرومويل لتذهب الملكة الشابة المثقفة ضحية له.
أرسلت عائلة بولاين الارستقراطية ابنتها اليافعة إلى أوروبا للاستزادة من العلوم والفنون، فأمضت فترة في بلاط الملكة مارغريت في النمسا التي كانت راعية كبيرة للفنون، وفترة اخرى في البلاط الفرنسي حيث كانت الفنون وخاصة الموسيقى تزدهر. فشبّت آن على حب الشعر والموسيقى وباقي الفنون، وكانت تحسن كتابة الشعر على الأرجح، والعزف على الأدوات الموسيقية مثل الكثير من سيدات عصر النهضة.
من الأدلة على ذلك العثور على مخطوطة جميلة منمنمة أنيقة الخط في الكلية الملكية للموسيقى رقمها 1070 تحوي تدوين 42 أغنية جميلة. تركت المخطوطة على الرفوف قرابة خمسة قرون دون أن يمسها أحد، حتى يأتي كورس صغير هو آلاميرا الذي يقوده ديفيد سكنر ليقدم عشرين اغنية منها للجمهور في تسجيل صدر قبل ثلاثة اسابيع. تشير هذه الأغاني الرائعة إلى رقي ذوق آن بولاين، حيث تعد هذه المجموعة من أهم المجموعات التي تضم أعمالا مجهولة لأعظم موسيقيي عصر النهضة في فرنسا، مثل جوسكان دي بريه الذي التقته شخصياً، ولربما تكون آن نفسها من ألّف عدداً منها. تتحدث الأغاني عن الحب، بجانبيه الروحي / الديني / السماوي والأرضي / الجسدي. أغلب النصوص مكتوبة باللاتينية، وجزء منها باللغة الفرنسية القديمة، أما الموسيقى فهي من الأمثلة الجميلة على فن التعدد الصوتي (بوليفونية) المميز لعصر النهضة. وقد نجح سكنر في فك رموز التدوين القديم لتعيدنا جوقة آلاميرا إلى الأجواء التي كانت الملكة تعيشها قبل خمسة قرون لنتمتع بالتناغم الصوتي الجميل وأناقة التناسق الهارموني لغناء عصر النهضة.