TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شبابيك: تــوائــم شــارع الشيخ عمر

شبابيك: تــوائــم شــارع الشيخ عمر

نشر في: 19 يناير, 2010: 06:02 م

عبد الزهرة المنشداوي لا تزال ذكرى هذا الشارع العتيد ماثلة في الذهن .كنت صغيرا ومشهد امرأة بغدادية في ذات أمسية صيفية تدفع بعربة طفل باتجاه منطقة باب المعظم ،ثمة اضوية( نيونية) تعطي للمشهد نوعاً من السحر الأخاذ هدوء وسيارات ذاهبة وايبة وسط نهر شارع كان نظيفا وتعبيده من ذلك النوع الذي يجعله أشبه بالمرآة الصقيلة، غير تعبيد الطرق اليوم ،
 أسفلت فوق تراب وسرعان ما ينفصل البعض عن الآخر وتفغر الحفر والهفوات أفواهها بوجه المواطن . كما ذكرنا تعبيد الطرق اليوم غيره بالأمس. شارع الشيخ عمر عام 1959 ما أتحدث عنه واصفه ،محال مرتبة و صناع مهرة ، مبان لإيواء السيارات غاية في النظام، والأمان لا تنقصها النظافة أيضاً .مضاءة وفي محلات الحرفيين آلات عاملة تبعث بالشرر المتوهج الذي يمكن وصفه بالألعاب النارية التي تجذب عيون الأطفال إليها، كان الشارع( شارعا)، ناهيك عن المقاهي الشعبية التي تبرز أجهزة التلفزيون نحو نهر الشارع بينما زبائنها من العاملين في الشارع يمارسون لعبة (الدومينو )بعد انتهائهم من القيام بأعمالهم كما يجب. اليوم اختلف الحال وانقلبت الأمور ارأسا على عقب. فوضى عارمة، وسيارات جاثمة في غير مواقعها المفترضة ،تجاوزات لا حد لها على نهر الشارع بدءا من الباب الشرقي وحتى نهايته عند منطقة(باب المعظم) .بحسابات التطور كان يمكن ان يكون الشارع أكثر نظاما وترتيبا واهتماما، ولكن ما يبدو انه سار نحو التدهور بسرعة فائقة .فأصحاب المحال الحرفية يشكون من انقطاع التيار الكهربائي المتتالي، ويفزعون من الظلمة التي تكتنف أمكنة إيواء السيارات وقلة الفترة التي يزودون خلالها بالتيار الكهربائي .في الأيام الممطرة يتحول الى نهر من المياه الآسنة السوداء والشارع لم يعرف الصيانة ربما منذ عشرات السنين .أصحاب السيارات، الذين يقصدونه يشكون من المواد الاحتياطية المزيفة التي تغلف بأغلفة براقة وبأسعار عالية وكفاءة متدنية والشكوى في هذا الأمر لا احد يعرف لمن توجه .انسداد المجاري والطفح وكثرة الأنقاض والمزابل صارت العنوان المميز. منذ عهد النظام البائد والحديث عن نقل محال التصليح في الشارع إلى مكان آخر لا ينقطع ولكن بقي الحال على ما هو عليه ،تدهوره واكتظاظه بصنوف السيارات التي لفظت أنفاسها ولم تجد من يواريها الثرى تجعل منه شارعا ناشزا في قلب العاصمة، أضف الى ان توائم عديدة مشوهة ظهرت في مناطق سكنية ما كان يجب ان تتواجد فيها. شارع الشيخ عمر على وجه الخصوص يتوجب ان يعالج أمره من جوانب عديدة وعلى بلدية الرصافة ان تعد العدة لإيجاد الحلول الكفيلة و بما يضمن حقوق العاملين فيه سواء بتطويره او بإيجاد بديل يمكن ان يستوعب ورش الحرفيين المختلفة فيه وبما يضمن الانسيابية في السير وتوفير الأمكنة الملائمة من حيث السعة من اجل جعله الشارع المعد إعدادا مدروسا من جوانب عديدة صحية وبيئية . المفترض ان يكون شارع الشيخ عمر عام 2010 هو الأفضل من شارع عام 1959 ولكن ما يحدث هو العكس فهل من حل؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram