الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية ، مازلت تبحث عن آليات توحيد المواقف والوقوف على قاعدة مشتركة ثم تقرر بعد ذلك دعمها او رفضها رغبة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي في تشكيل حكومة تكنوقراط، لايوجد في الافق ما يشير الى امكانية التوصل الى اتفاق قريب ، لاسباب معروفة ، لا تحتاج الى توضيح ، غلق الطرق المؤدية الى المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة لمنع وصول المتظاهرين الى اسوارها ، دليل آخر على رفض صاحب القرار مع شركائه وحلفائه سماع صوت المحتجين المطالبين بالاصلاح .
قبل ان يدعو التيار الصدري الى توسيع التظاهرات لتمّد الى المنطقة الخضراء ، بحت اصوات المحتجين في ساحة التحرير ، المطالبة باصلاحات جذرية ، تجاهلتها الحكومة والاطراف المشاركة فيها ، لاعتقادها بان المتظاهرين سيصلون في يوم ما الى قناعة بان اصواتهم لاتستطيع عبور جسر الجمهورية ، اما اذا اصر المحتجون على تظاهراتهم وقتذاك ستصدر الاوامر لكتيبة البلطجية لتمارس دورها الحضاري مع قادة التظاهرة .
المتظاهرون يدركون بان العملية السياسية غير منتجة فصلت على وفق مقاسات القوى والاحزاب المتنفذة ، واستطاعت ان تجعل نفسها داخل دائرة مغلقة محصنة لمواجهة محاولات الاختراق ، او مشاريع اعادة التصحيح ، الشارع العراقي منذ تموز الماضي لم يجد غير خيار التظاهر استنادا الى حقه الدستوري ، في التعبير عن رفضه للواقع الراهن بكل تداعياته ، ولاشهار البطاقة الحمراء بوجه من شارك في ضياع فرص استعادة بقايا الدولة .
تنامي حركة الاحتجاج في العراق نتيجة طبيعية لرفض اداء سياسي جرّ البلاد الى منزلق خطير ، اذا كانت الحكومة تعتقد بان التعديل الوزاري المرتقب يشكل جزءا من الحل فامامها جملة عقبات ممثلة بمواقف اطرافها المصرّة على ان يكون التغيير منسجما مع اهدافها ، بمعنى يحقق امتيازاتها ومكاسبها ، في اوضاع معقدة تنذر باندلاع ازمات جديدة ، ورغبة القادة السياسيين في طبخ القرار على نار هادئة لكسب الوقت ، يستطيع الشارع ان يطرح اسماء مرشحين لحكومة التكنوقراط ، يستمر في التظاهر لحين اجبار الكتل النيابية على التصويت ، الضغط الشعبي وحده قادر على جعل الحكومة المفترضة تعبر الشط من ساحة التحرير.
الخيار الوحيد المتاح اليوم في العراق بوجود عملية سياسية عقيمة يبقى الرهان على الضغط الشعبي العامل الوحيد في تغيير قواعد اللعبة السياسية السائدة منذ تشكيل الحكومات المتعاقبة ، وحتى في اختيارالمرشحين لشغل مناصب الرئاسات الثلاث ، في هذا الاطار بالاعتماد على خيار الشارع يمكن الخروج من عنق الزجاجة بتشكيل حكومة يختارها الشعب ، تستطيع ان تعبر الشط ، وتلغي المنطقة الخضراء ، وليس امام من يدعي تمثيل العراقيين في البرلمان إلا التصويت ، او التوجه الى المطعم التركي لقيادة كتيبة البلطجية .
عبرت الشط على مودك
[post-views]
نشر في: 5 مارس, 2016: 09:01 م