كان من بين آلاف الطيور التي هاجرت..لتكون شجرة الغربة ظلاً له ولغيره من العراقيين المغتربين..وبقي على حلم الرجوع الى بلده العراق..تحت اضوية الآمال العريضة، ليحقق طموحه بالعودة الكريمة ويكون في مسار شروق شمس التغيير..وذلك بعد عام 2003..ذلك الشاعر الكبي
كان من بين آلاف الطيور التي هاجرت..لتكون شجرة الغربة ظلاً له ولغيره من العراقيين المغتربين..وبقي على حلم الرجوع الى بلده العراق..تحت اضوية الآمال العريضة، ليحقق طموحه بالعودة الكريمة ويكون في مسار شروق شمس التغيير..وذلك بعد عام 2003..ذلك الشاعر الكبير مظفر عبد الامير النواب..صاحب معطيات شعرية وفكرية ووطنية ووجدانية وذوقية معبرة..تحن لها الاشواق كفراشات الحقول، بعدما اصبحت ليالينا مسهدة على ذلك الجيل..الذي كان ذا منابع صافية..فمن اراد الأصالة فليشد الرحيل الى عمق تلك الذاكرة الزاخرة والحية بعطاءاتها التي هي: "نباعة ذهب" فالنواب يعّد احدى طبعات تلك الفترة الزاهية والجميلة التي ضجت بجاذبيتها،إضافة الى البارود الذي يطلقه من صيحات عشقه المتكرر بقهر..فشعره الوجداني والوطني يفتح نافذة تأمل تأخذنا الى غياهب تلك السنوات، بعدما جالت وصالت على امتداد خارطة الوطن،إضافة الى تلك السنوات التي قضاها في الغربة..جاراً ذكريات جميلة قضاها في البلد..فكانت آماله هي عنوان صارخ للرجعى.."وروحي سواجي من الحنين..اتصير..وأتنه وكة بيها غفه يا محجل.."عسى ان تستقر طيوراحلامه في عش البلد..وعيونه دائماً مشدودة صوب المحطة، حتى يسمع صوت ذاك "الريل"..وهذه المرة بالقدوم إليه، حتى ينقله الى ارض الوطن..بعدما صاح كثيراً.."يا ريل صيح إبقهر صيحة عشك يا ريل.."هكذا عاش النواب الغربة ليسترجع حلمه بالعودة،فيرى بغداد كما تركها اول مرة في اجمل وابدع منظر.
شاعر يشحنه الحنين، لذلك كانت حماسته بتماس مع الواقع، فهي لم تكن متناثرة هنا وهناك..لذلك جمعها في نقطة واحدة حتى اصبحت "كتة مطر" ليكتب حكايته مع جرف النهر.."وصفولي عنك بالنباعي تفيض..وأتعنيت ليله ويه الكمر..وصفولي عنك..كل حسافة تفيض منك يلحسنك نهر.." فحتى لاتمحى اسطرها ولاتندرس معالمها وترددات ايحاءاتها..حتى ألبستنا زيها وجلباب نعومتها، فأشعرتنا لطافتها..في عطر فواح لازم خياله طويلاً من اجواء "ليل البنفسج" يا طعم..هذا المذاق ما زال معتاشا عليه..كأنه حاضر لديه في كل وقت وزمان، لأن له مذاقا وطعما يختلفان عن كل الاطعمة والمذاقات، فبعدما استحوذ علينا ذلك المذاق طفق في الآفاق ينشر هذه المشاعر الجياشة التي احتوت ليله.."كل جلمة منك نبعة الريحان..بالدلال..ما تحمل ثكل..وصفولي عنك ريش اجناح زاهي بالسحر.."اراد النواب ان نقفز الى ذاكرة مملؤة برياحين الماضي وبهجتها اللونية ومنها ليل البنفسج.والتي لاتنتهي قبسات اضوائها حتى نتيه بين شتى ألوانها..في ليلة عارمة الاشواق تجلس ذاك الحنين الذي يسوق لهيبه إليها حتى يغمس اهداب عيونه بماء البنفسج، في شجن صارخ مؤله بالكلمات التي تطالبنا بإطفاء جمراتها عند ساقية المطرب ياس خضر والملحن الراحل طالب القره غولي، فكان لهما ذلك الشروع باطلاق.."حن..وأنه احن..ونحبس ونه..ونمتحن.." حبس مشاعره..لكن اذا ما نقط بالندى ، يكون فواحاً جالباً فراشات اشواق الحب..وجاذباً لألوانه..لأن "الشجى يبعث الشجى.."هنا يطلب الاشواق المتبادلة الى ميزان الحنين..فالنواب اراد جواز رخصة "حن" لذلك كان ذلك الحث والاستفزاز الدائم..لأنه يمتلك حشوداً من المشاعر الجياشة تحتطب بالحنين..يطلبها من الطرف الاخر حتى يتبادل معه تلك المشاعر.."ونمتحن"..وهو يعاني الغربة بكل حمولاتها من كوابيس، وفراق أهله واحبّه وكذلك الاصدقاء..
ويبقى النواب يعيش على حلم.."يجي يوم انلم حزن الايام..وثياب الصبر..ونرد لأهلنه..يجي يوم: الدرب يمشي بكيفه..ياخذنه لوطنه..يجي يوم:نفرك الغربة..على العالم أملبس..والحزن طاسات حنّه..يجي ذاك اليوم..لاجن انه خايف..كبل ذاك اليوم تاكلني العجارب.."