من الغايات الأساسية للتعليم المهني وتدريسه خلق قوى وأيدٍ عاملةٍ ترفدُ المؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية بالطاقات الشابة المدربة والمعدة وفق مناهج علمية دقيقة  تكون كفيلة بصقل القدرات الاولى عند الطلاب وتطوير مهاراتهم في شتى الاختصاصات المهني

من الغايات الأساسية للتعليم المهني وتدريسه خلق قوى وأيدٍ عاملةٍ ترفدُ المؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية بالطاقات الشابة المدربة والمعدة وفق مناهج علمية دقيقة  تكون كفيلة بصقل القدرات الاولى عند الطلاب وتطوير مهاراتهم في شتى الاختصاصات المهنية حتى اذا دخل بعد عام 2003 تدريس مادة الحاسوب والالكترونيات الدقيقة، لكن الذي يبدو ان اللعنة اصابت هذا القطاع الحيوي كما أصابت بقية قطاع الحياة في العراق بكل الصعد والمجالات الأمر الذي تسبب بنزوح وهروب طلاب الإعداديات المهنية من مدارسهم. وكبقية القطاعات اعلن عن خطة النهوض بالتعليم المهني خاصة في مجال وضع الكتب المنهجية التي تواكب العصر  والمرحلة حيث تم تأليف وطباعة مناهج كلفت الوزارة أموالا طائلة إلا انها لن تؤتي أكلها مثلما شابتها عملية فساد.

اللجنة الوطنية للتأليف !
عملية تأليف اوإعادة تأليف الكتاب المنهجي تتطلب مراحل عدة بدءاً بتشكيل لجان لوضع الأهداف والمفردات المطلوبة لكل كتاب منهجي بحسب المرحلة الدراسية والفرع او الاختصاص. بعد إكمال عمل اللجنة تُعرض الأهداف والمفردات في ندوة موسعة تضم أعضاء اللجنة والأساتذة التدريسيين من الجامعات والمعاهد او من ذوي الاختصاص في الوزارات الاخرى والاختصاصيين التربويين والتدريسيين في المدارس المهنية من المهندسين والفنيين المرشحين من المحافظات كافة، ويتم إجراء المناقشات والاستئناس بآراء الضيوف، ثم تجرى التعديلات المطلوبة على وفق التوصيات التي تخلص إليها الندوة، ثم يُعرض محضر الندوة مع الاهداف والمفردات بشكلها النهائي على أعضاء اللجنة الوطنية المختصة لغرض الإقرار النهائي، بعدها يتم تشكيل لجنة لغرض التأليف، للمباشرة بأعمالها، وتبدأ اللجنة بتأليف كُتب المرحلة الأولى وهكذا تباعاً للكتب المنهجية للمراحل الدراسية اللاحقة، بعد تسليم مسودة الكتاب الذي تم إكمال تأليفه الى شعبة المناهج في قسم الشؤون العلمية في مديريتنا لغرض عرض الكتاب على خبيرين علميّين من الأساتذة في الجامعات والمعاهد او من حملة الشهادات العليا في الوزارات كافة، لغرض تثبيت ملاحظاتهم على الكتاب، بعدها تعاد مسودة الكتاب الى  أعضاء لجنة التأليف لغرض إجراء التعديلات المقترحة، يُعاد الكتاب مرة ثانية للخبير العلمي لغرض التأكد من الأخذ  بالملاحظات كافة، بعد ذلك تعرض مسودة الكتاب على خبير لغوي وبذلك يكون الكتاب جاهزاً للطبع.
هذا ما أكدت عليه المديرية العامة للتعليم المهني بشأن تأليف الكتب والمناهج الدراسية الخاصة بالإعداديات المهنية، لكن الذي يبدو ان ذلك حبرٌ على ورق من خلال ما حصلت عليه (المدى) من معلومات ووثائق تُدين ما ذُكر آنفاً.

8 ملايين دينار؟
المدى حصلت على وثائق تخص طبع المناهج الدراسية للمهني لإعدادية الحاسبات حيث شابها الكثير من اللغط والتزوير والتحريف ،اذ كانت المناهج التي تحولت من كتاب واحد الى كتب عدة بذات المضمون لكن تكرار المادة جعل الكتاب بحدود 200 صفحة من أجل أن تكون مكافأة التأليف 8 ملايين دينار لكل أستاذ.
الوثائق المرفقة تبين ان  مديرية التعليم المهني قسم المناهج قام بتأليف كتب عدة في عام 2013-2014 لكن هذه الكتب تحمل اخطاءً كثيرة ومواد دراسية مكررة  اكثر من ( 60%) ومن خلال البحث والتدقيق بالوثائق تبين ان اغلب مؤلفي هذه الكتب (موظفي المديرية) علماً انهم لم يدرسوا  أية مادة دراسية وليسوا من اصحاب الاختصاص حسب مصدر في المديرية، الذي بيّن أنهم  قاموا باستنساخ الكتب من الانترنيت.

شكاوى وحذف 60%
 وفق ذلك تم تقديم شكوى الى المدير العام السابق سعد ابراهيم ولم يُتخذ أي إجراء حول هذا الموضوع وعندما جاء المدير الجديد نايف ثامر حسن تم تقديم شكوى له حول هذا الموضوع وأمر بتاليف لجان من المدرسين الاختصاص  الذين يدرسون هذه المواد حسب الامر الاداري ( المرقم 11272 بتاريخ 11/8/2015 ) وقامت اللجان بتدقيق وتصحيح الكتب وتم حذف (60%) من المواد الدراسية علماً ان التعليمات تؤكد على ان الكتاب الذي توجد فيه أخطاء (25%) يلغى ويتم استرجاع مبالغ المكافأة والتدقيق العلمي واللغوي لكن هذا لم يحدث في قسم المناهج لأن جميع موظفي هذا القسم هم المؤلفون ذاتهم وعندما اكملت اللجان التدقيق والتصحيح حذفت المواد الخطأ والمكررة ثم رُفعت المناهج الى قسم المناهج في مديرية التعليم المهني.

مناهج حسب (copy-paste)
بعد التدقيق والحذف تمت عملية نصب وتحايل كبرى من قبل موظفي القسم اذ قاموا بتثبيت المناهج التي وضعتها لجان المدرسين الاختصاص على اقراص وتم توزيعها على الاعداديات المهنية على اساس هم الذين قاموا بتأليف هذه الأقراص وحذفوا اسماء اللجان السابقة واصدروا أمراً إدارياً بأسمائهم حيث تحمّل الطالب عملية استنساخ  الأقراص علما ان هذه الكتب تم صرف مبالغها مسبقاً للجان الأولى وأن الكتاب الواحد يُكلف ما بين (200-300) مليون دينار عراقي ما بين حقوق تأليف وتدقيق  ومشرف وطباعة، علماً ان كل مؤلف له 8 ملايين دينار واغلبهم يعتمدون في التأليف على الانترنت من دون ذكر المصادر العلمية وحسب طريقة (copy-paste)، اذ تتشابه المواد وتتكرر في اكثر من فصل وربما الفصل الواحد يعاد استنساخه في الكتاب. المصدر التدريسي بيّن ان الانترنت ليس مصدرا للمناهج الدراسية، فالكثير من الناشرين يقومون بكتابة وجهات نظرهم بشكل عفوي والكثير منهم لا يعتمد مصادر علمية دقيقة او مناهج تدريسية على اقل تقدير في مدارس مهنية عالمية. ووفق ذلك كان من المفترض استعادة مبالغ التأليف والتدقيق والإشراف على طباعة الكتب ومعاقبتهم لكن كل ذلك لم يحصل؟!

لجان تحقيقة
ومن خلال التحري بشأن الموضوع تبيّن ان المؤلفين يقومون باعادة طبع المادة في الكتاب اكثر من مرة من اجل زيادة عدد اوراق الكتاب لكي يصبح بحدود (200)  صفحة فما فوق تكون المكافأة (8) ملايين دينار لكل واحد من المؤلفين الذين ازداد عددهم لكل كتاب، كما تبين ان اغلب مؤلفي المصادر ليسوا من اصحاب الاختصاص ولا يحملون شهادة وخبرة تؤهلهم لتأليف مناهج مهنية تعد أجيالا من الكوادر المهنية الوسطية التي تتكفل الانتاج والاشراف في المعامل والمصانع الحكومية والأهلية. اضافة الى غياب المصادر المعتمدة والمتفق عليها في المدارس المهنية، الأمر هنا يفرض تشكيل لجان تحقيقة تبحث في الأمر بجوانبه المختلفة بدءاً من المناهج واختصاص كل استاذ وخبرته وقدراته على التأليف ومَن رشّحه ووفق أية مؤهلات.

ضوابط غير معمول بها
حسب موقع المديرية العامة للتعليم المهني نشر إعلام المديرية تعليمات بشأن مناهج التعليم المهني، وخطط تطويرها حيث أشار في فقرة التأليف والإشراف الى إعادة تأليف اللجان الوطنية للمناهج، لكل فرع من الفروع التعليم المهني إذ أكدت على ان تكون لجاناً استشارية تضم أصحاب شهادات عليا من منتسبي مديرية التعليم المهني ومن التدريسيين في الجامعات والكليات والمعاهد، وتتضمن مهام هذه اللجان تحديد اولويات الكتب المنهجية المطلوب تحديثها ( تنقيحها او إعادة تأليفها)، وترشيح المشاركين في لجان وضع الأهداف والمفردات ولجان التنقيح اوإعادة التأليف التي تشتمل على: التدريسيين من الجامعات والمعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي وحملة الشهادات العليا من الوزارات الاخرى واساتذة التعليم المهني الميدانيين، والاختصاصيين التربويين، والمتخصصين بطرائق التدريس وعلم النفس ومنتسبي شعبة المناهج بحسب الاختصاص المطلوب، كما تتضمن مهام اللجان الوطنية إقرار الأهداف والمفردات المعدة من قبل اللجان المشكلة لهذا الغرضK لكن الذي يبدو ان التعليمات في كف وواقع الحال في كفٍ آخر فلم تسرِ هذه التعليمات على مؤلفي المناهج!

قلـَّة التخصيصات تُلغي المصادر!
كما أكدت التعليمات المنشورة على موقع المديرية تهيئة المصادر والمراجع العلمية من اجل توفير مراجع علمية للاستعانة بها من قبل واضعي الأهداف للكتب المنهجية والمشاركين في عملية التأليف او إعادة التأليف للكتب، تم شراء كتب علمية باختصاصات مناسبة للفرع التجاري، واستدركت التعليمات والضوابط المنشورة على موقع المديرية انها لقلة التخصيصات المالية منعت الاستمرار برفد مكتبة شعبة المناهج بالكتب العلمية التي تغطي الفروع كافة والاختصاصات الهندسية والزراعية، بالإضافة إلى المراجع الخاصة بالدروس الأكاديمية كاللغة العربية والانكليزية والتربية الإسلامية والرياضيات وغيرها، بالإضافة الى القواميس المختلفة والعلمية. وهذا الأمر لم يحصل ايضا من خلال اعادة شطب وحذف (60%) من المناهج التي أُعدَّت وُطبعت وكلفت مئات الملايين من الدنانير!
بعض مدرسي المدارس المهنية اشاروا الى ان بعض المواد في المناهج منقولة من مناهج دراسية لدول مجاورة تنص على قوانين تلك الدول، حيث جاءت تعليمات فيما بعد نصت على إلغاء وحذف تلك الفقرات من الكتاب، اضافة الى غياب التنظيم والدقة بالامثلة والتمارين اذ تجد عشرة امثلة في فصل معين وتمرين واحد او مثال في فصل آخر.