حيّر تقريرُ المدقق الدولي "إرنست يونغ" الخاص بوجود مخالفات ارتكبتها وزارة الشباب والرياضة في ملفيّ الإدارة والمال بين عامي 2012 و2014 المُراقبين وعلى وجه الخصوص الإعلاميين الباحثين عن حقيقة ما ذكره يونغ لضبابية موقف الطرف الآخر، حيث لم ينتهز المعنيون في الوزارة عامل الوقت للردّ بشكل تفصيلي عمّا وصفه الرجل بـ(مخالفة قانون تنفيذ العقود الحكومية).
الشيء الغريب الذي لا يمكن تفسيره إلا بالرهان على الوقت لتناسي التقرير ومرور ردة الفعل الاعلامية من دون أي تأثير أو مُساءَلة ، وهذا الأمر تكرر في قضايا عدة منذ عام 2003 حتى الآن ضنّاً من المُقصّر أنه في مأمن من المكاشفة والفضيحة اللتين تؤديان به الى تحرير أوراقٍ قضائية يمكن أن تُلقي به في السجن إذا ما ثبُت تورّطه عَمداً وغفلة أيضاً!
ثلاث سنوات من المُخالفات في مشاريع متوقفة تجاوزت مدة الإنجاز المنصوص عليها في العقد مع الشركة المنفذة بلغَ مُجمل ما انفق عليها أكثر من 700 مليار دينار ولم تُسلّم حتى الآن ماذا يعني؟ إذا كانت هناك ملابسات خارجة عن إرادة وحدود صلاحيات بعض مسؤولي الملف لماذا لا تجاهر بها الوزارة للإعلام بدلاً من التكتّم عليها من أجل مصلحة شخص أو مجموعة ؟!
لا يُخفى عن الجميع الجهود التي بذلتها وزارة الشباب والرياضة في عهدة النائب الحالي جاسم محمد جعفر رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية منذ عام 2007 حتى 2014 لاسيما الفترة التي شهدت ظروفاً صعبة في المجتمع في أسوأ حقبة شهدها العراق كانت ممارسة الرياضة فيها تحدياً لقاتلي الحياة بأنها رسالة سلام وتقارب وصِلَة انسانية مُنقّاة من الحقد والعنف، وانجزت الوزارة عدداً كبيراً من المشاريع خلال الأعوام السبعة ولم تشكُ من ضائقة مادية حتى أواخر عام 2014 ، فلماذا تعطّلت بعض المشاريع ولم تنجز كما تنص المواثيق مع اصحاب الشركات المُناط بها بناء الملاعب والفنادق وبقية الملحقات الضرورية للمنشأ الرياضي المتأهب لاحتضان دورة الخليج أو أية بطولة عربية أو قارية؟!
لم يرد حتى الآن أيُّ توضيحٍ بخصوص مَنحِ مُددٍ إضافيةٍ في مشاريع تلكّأت بإنهاء التزاماتها وما العوائق التي اسهمت في تعطيل المشاريع وانقاذ الشركات من الشرط الجزائي؟ نريدُ أن نحيطَ الملف بكل صغيرة وكبيرة للخروج بتوضيحات مقنعة للشارع الرياضي، هناك جدلٌ واسع بين الأوساط الرياضية واتهامات تُشمُّ منها روائح طبخات فساد لم يتم الاستدلال عن مدى صحتها في ظل صمت وزارة الشباب والرياضة - المُتصرّف الوحيد بمال الحكومة لتنفيذ المشاريع الرياضية - عن تقديم بيانات وارقام تُزيل الغشاوة وتُسلّط ضوءَ الصراحةِ بحُزمة كبيرة لتشخيص ( سُرّاق الحكومة)!
النائب جاسم محمد جعفر، مدعو لمصارحة الإعلام الرياضي في مؤتمر كشف الذمة لوزارته إبّان تسنّمه حقيبة الرياضة التي لا يكفي بيانٌ مقتضبٌ لفكّ ألغاز المليارات الضائعة في جيوب المقاولين ولم يُسلّموا لنا مفاتيح المشاريع المـتأخرة حتى الآن في جميع المحافظات، فالرجل عرفناه صريحاً وأميناً على قول الحق في مشكلات عَرّضَت سُمعة الوزارة الى حملة شرسة بهدف اسقاطها بأدوات متواطئة من داخلها، وكان لنا معه أكثر من مقابلة صحفية تحمّل منا وابلاً من الانتقادات المباشرة إيماناً بدوره كمسؤول أول في الدفاع عن حدود وزارتهـ مُعترفاً بحجم القدرات المتاحة لها والتي لا يمكن لكوادرها الهندسية والإدارية أن يَفوا بوعودهم إذا ما كانت الضغوطات فوق المستحيل!
ولا يجوز بقاء وزير الشباب والرياضة الحالي عبدالحسين عبطان ساكتاً أزاء تقرير "يونغ" طالما أنه يتحدث عن مشاريع وأموال تخص وزارته ، فماذا كان دوره بعد عام 2014، هل نأى بطاقميه الهندسي والإداري عن أية تبعات لموقف المشاريع المعطلة؟ عبطان مدعو هو الآخر لتقديم كشف تفصيلي بأوراق حقيبته تتضمن الإجراءات الناجعة التي رسمها ونفّذها لمواجهة اصحاب الشركات في موقع العمل أو ملاحقتهم قانونياً لاسترداد اموال الحكومة وتقديم المقصّرين الى المحاكم المحلية إن كانوا في داخل البلد أو الشكوى لدى القضاء دولياً ومخاطبة الدوائر المعنية في بلدانهم لإيقافهم وسوقهم الى العدالة.
الملاعبُ تسرقُ الحكومةَ
[post-views]
نشر في: 12 مارس, 2016: 04:14 م