الهرب من مستنقع السياسة الآسن منجاة من الغرق في سوارات الهم والغم وضيق الصدر ، والفرار من أخبار الساسة ، رسو آمن قريبا من شواطئ الصفو، لكن إلى اين الهرب وكل الطرق ملغومة بالسياسة ، محفوفة بالسياسة ، متفجرة بصواقع السياسة .
…………
طوال اسابيع مضت ، تملكني هاجس غريب ، جعلني أرصد أبواب معظم الصحف العراقية ، لأجد — يا للحزن والحسرة — إن الكم الأعظم من المقالات الطوال ، والبحوث المستفيضة .والأخبار المضللة المتناقضة ، والأعمدة اليومية والأسبوعية ، تنبع من ، وتصب في بئر السياسة المرّ ، العكر .
الهرب نحو الرحاب الوسيعة للعلوم والفنون والآداب ، ضاقت سبله ، وتتبع آخر الاكتشافات والاختراعات التي قلبت الكثير من الموازين السائدة رأساً على عقب، تضاءل الطلب عليه ، ومنها ما درجت - مراكز البحوث العالمية على إيلائه أهمية استثنائية فيما عرف بـ( علم الفراسة ) وضعناه فوق الرفوف العالية .
هذا العلم العريق ، القديم الحديث ،الذي عرفه العرب قبل ان يسمع العالم بـ (لومبروزو) ونظريته المشهورة بالحكم على المرء من ملامحه الخارجية وتشكيل أعضائه .
علم الفراسة ، علم شيق درسه ، مارسه العرب على نطاق واسع ، عبر الملامح ،والهيأة ، وحركة اليدين ، والساقين ، وإغماضة العيون اللاإرادية ، وإيماءات الالتفاتة المفاجئة ،،، إلخ
تعرَّف الفراسة بأنها : الاستدلال بالأحوال الظاهرة على الأحوال الخفية والباطنة .
وقد ولج عالم الفراسة كثيرٌ من العلماء المسلمين ، بينهم الرازي وابن الأثير والإمام الشافعي وغيرهم كثير .
حاسة البصر نافذة من نوافذ المعرفة ، لكن البصر المجرد — غالباً — خدّاع ، لذا لا بد للبصر من قبس ضوء لإنارة منعطفات نفق الرؤية المعتمة ، وهو ما ندعوه بـ ( البصيرة).
وكثير من أرباب البصيرة الثاقبة ، هم أهل فراسة ، حيث الفراسة استنباط حقائق من أقوال وأفعال .
علم الفراسة
[post-views]
نشر في: 13 مارس, 2016: 09:01 م