اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > هل توقف ألازمةُ المـاليةُ إدمانَ التسوق ؟

هل توقف ألازمةُ المـاليةُ إدمانَ التسوق ؟

نشر في: 15 مارس, 2016: 12:01 ص

على مقربة من نهاية سوق بغداد الجديدة كانت تتحدث المرأة مع امرأة التي تسير معها وتقول: سوف ينتهي السوق من دون أن نشترى حاجة شلون! هذا مثل بسيط للكثير من الناس والنساء منهم خصوصا ، إذ لابدَّ من الشراء والتبضع ولو حاجات غير مطلوبة في البيت او زائدة عن ا

على مقربة من نهاية سوق بغداد الجديدة كانت تتحدث المرأة مع امرأة التي تسير معها وتقول: سوف ينتهي السوق من دون أن نشترى حاجة شلون! هذا مثل بسيط للكثير من الناس والنساء منهم خصوصا ، إذ لابدَّ من الشراء والتبضع ولو حاجات غير مطلوبة في البيت او زائدة عن اللزوم، حتى ان البعض أخذ يصف الحال بإدمان العراقيين على الشراء والتبضع في كل الظروف والأهوال والأزمات الأمنية والاقتصادية .

عدم الشعور بالمسؤولية
الدكتور اختصاص علم نفس عبد الرزاق محمد علي يقول لـ( المدى ) إن التسوق يمكن أن يتحوّل من حالة حب إلى  حالة إدمان حين يتوفر لدى المرأة فراغ  ومتسع من الوقت وقدرة اذا كانت مادية أو نفسية، مبينا: ربما نجد العديد من العوائل تأقلمت على قضية التسوّق بسبب وجود قدرة مالية مترفة حتى وصل الأمر بهم إلى تناول وجبات الطعام عبر ما يُعرف بـ(الدنفرلي) خدمة التوصيل التي وفّرتها المطاعم  المنتشرة في أرجاء المدن.
وأشار محمد : الى ان هذه القضية لا تُعد إدماناً بقدر ما هناك عدم شعور بالمسؤولية وأخذ بنظر الحسبان الأمور والقضايا الاقتصادية التي تعصف بالعالم والمنطقة عموماً والعراق بشكل خاص. موضحا: هناك  دراسات متخصصة في هذا المضمون ترى أن هناك أُسراً كثيرة  مرتبطة بالعمل خارج المنزل سواء الزوج او الزوجة او الأبناء وهم يقضون  وقتاً طويلا خارج المنزل مما يضطر العديد الى التسوق وصرف اموال طائلة بغض النظر عن ما يحدث او ما سيحدث مستقبلا، وكيفية معالجة الأمر.

الهروب من الواقع
الدكتورة مها عبد العزيز ترى بحديثها لـ(المدى) أن ظاهرة التسوق عند النساء ليست حالة إدمان أو بذخ وإنما هروب من الواقع المؤلم للعديد من الأُسر في ظل غياب الخدمات الأساسية التي يجب حصول المواطن عليها، مشيرة: الى ان العديد من العوائل تصطحب اولادها الى المولات او المتنزهات في الأسواق المحلية بغية الهروب من الوضع الذي تعيشه كذلك السماح للاطفال بممارسة هواياتهم او اللهو في العاب محببة لهم مفقودة في مناطقهم!
وشددت عبد العزيز: يجب على الجميع أن يتحمّل المسؤولية في ظل الظروف المالية التي تعيشها البلاد وان يكون هناك وعي ونظام في عملية الانفاق تحسباً من ازمات أكبر ممكن ان تصيب العائلة وتعيش في ظروف أصعب، داعية: الى ضرورة تقنين المشتريات وفق الاحتياجات الضرورية للعائلة من اجل ديمومة القدرة الشرائية.

مراعاة الظرف واللامبالاة
تأثيرات الأزمة المالية بدأت واضحة عند الأغلب من العوائل العراقية خصوصاً شريحة الموظفين والمتقاعدين، كما تأثر بها أصحاب المهن الحرة، تلك الأزمة لم تبدُ واضحة عند النساء خصوصاً ممن حوّلن التسوّق من متعة الى إدمان!  
المهندس احمد نائل يُشير لـ(المدى) في هذا السياق أن  الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد طالت الجميع من دون استثناء وقضمت الكثير من مدخراتهم واستنفدت مواردهم ورواتبهم التي كانت قد جعلتهم يعتادون على العيش في مستوى معين. مضيفاً : ثم جاءت محنة استقطاع الرواتب التي أثرت كثيرا على الأُسر لاسيما تلك التي تعتمد على مصدر وحيد في التصدي لحاجاتها اليومية وجميع نفقاتها العائلية الأخرى.
واسترسل نائل: ربما اثار ذلك استياء الكثيرين ممن تعوّدوا على منسوب معين من الإنفاق ولكن بمزيد من الحُلم والأناة ابتلع الغصة وبدا يتكيّف على مضض ويحاول تقنين نفقاته بما يتناسب مع الوضع الجديد الذي اصبح واقعاً على الجميع التكيّف معه. مستدركاً: لكن المشكلة تكون أشد صعوبة مع الأبناء الذين لم يستوعبوا هذا الأمر فهم ينفقون كل ما يقع تحت أيديهم من نقود من دون ان يتساءلوا عن مصدرها وغالبا ما تكون تلك النفقات كمالية.

التبذير والتقنين
فاطمة شكر محمود معلمة متقاعدة تقول لـ( المدى ) إن هناك فهماً وعاداتٍ وتقاليدَ خاطئة في المجتمع والمتضمنة تعلم الأطفال وهم صغار على الصرف، بل يفرح الآباء والأمهات عندما يطلب الطفل مبلغاً ما، مبينة: أن هذا السلوك غير جيد، مشيرة: إلى ان هذا السلوك يُرافق الأبناءَ حتى مرحلة البلوغ إذ تكون مطالبهم أصعب وهذا تبذيرٌ.
واستطردت محمود: نحن في حقيقية الأمر مبذرين ولا نعي مسألة الاقتصاد بالنفقات فإن تحدّثنا مع الطفل عن أهمية النقود سيكون هواءً في شبك! منوِّهة: ان الأمر يتعدى اقتصاد الوالدين وعدم تبذيرهما ليقتدي ابنهما بذلك، مشددة: بل يجب ان يشرحا له أهمية النقود وكيف تأتي وفيم تُصرف ، وكيف يمكن تحديد أولويات الصرف أو تأجيله حسب أهمية السلعة التي نفكّر في شرائها ومحاولة إشراكه في قرار الشراء لإعداده للتفكير بمنطقية وعقلانية في ما يخص عملية الإنفاق وتقنينه؟

الإنفاق اللاعقلاني
المعلمة المتقاعدة أوضحت:  أن الإنفاق اللاعقلاني للأُسرة يرجع الى محاولة مجاراة الأقران والتباهي الاجتماعي لاسيما بعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي التي استخدمها الكثيرون لاستعراض مقتنياتهم والتباهي بها أمام الآخرين. لافتة: الأمر الذي أدى الى حدوث تنافس وتقليد أعمى لهذه السلوكيات الخاطئة بين العوائل بسبب شيوع ثقافة الاستهلاك والتبذير! مؤكدة: ان البعض أدمن التسوّق وآخر يتباهي  وهذا بطبيعة الحال لا يمكن تغييره  برغم المشاكل الأُسرية التي وصل البعض منها الى حدِّ الطلاقِ بسبب عدم وجود وعي سابق بأهمية وكيفية الإنفاق.
 لا توجد أزمــة
مهند كريم جدعان صاحب محل لبيع الألبسة النسائية في الكرادة يقول لـ( المدى ) موضوع الأزمة المالية وتداعياتها على السوق ليس بالحجم الكبير، موضحاً: نعم  انخفض حجم المبيعات لكن ليس بنسبة كبيرة، مشيراً: إن لديهم زبائن مواظبين على التبضع والتسوّق.  
اما زميله علي البديري فقد رأى ان مشكلة التسوق والإدمان منتشرة بشكل خاص عند  النساء او الشباب من خلال شراء بعض الحاجيات غير المهمة في ظل الأزمة الحالية. مشيراً: الى بضائع المولات التي تضم  اماكن ترفيهية مثل الكافيهات او المطاعم بالتالي سيكون هناك تردد دائم على هذه الاماكن التي أخذت تنتشر في كل أرجاء العاصمة بغداد.   

موسم التخفيضات الموسمية
اما سجى الشابة التي ترافق صديقاتها وهن يتنقلن بين المحال التي ترفع قطعة تشير الى تخفيضات الموسم ( (SALLفقد بينت أن هذا الموسم الأفضل لنا بالتسوق وادخار بعض النقود للدراسة، مضيفة: ان أية قطعة ملابس يمكن شراؤه بنصف السعر الذي كان معروضاً به في الموسم ، إذا كان شتويا او صيفيا. وعن الإدمان والتسوق والتبضع ذكرت: بالنسبة لي الأمر لا يعدو أنه استغلال حالة التخفيضات والتبضع بملابس وأحذية للموسم المقبل خاصة ايام الدراسة الجامعية، إذ احتاج الى ضغط النفقات.
زميلتها بيداء خالفت زميلتها القول فهي حسبما وصفت نفسها مدمنة على التسوق والتبضع خاصة من المولات التي تعرض ازياء وملابس راقية، موضحة: انها اليوم في جولة للاستكشاف مع زميلتها من اجل المقارنة بين بضائع المحال والمولات.

التباهي والتكلفة اقتصادية
الدكتور رضا عباس الدهلكي علم اجتماع يقول لـ( المدى ) : نعاني منذ فترة طويلة من مشكلة ومفهوم ثقافة التسوق ،اذ نرى العديد من العوائل تتسارع إلى تبديل شاشات التلفاز أو اجهزة التبريد،  مبينا: بل وصل ألامر الى طقم القنفات وادوات المطبخ. مشددا: هذه العوائل ليست ميسورة الحال وانما ( تتباهى ) خصوصاً السيدات اللواتي يُسيطرن على جميع قرارات البيت!
الدهلكي بيّن: ان التسوق يُكلف الأُسرة الشيء الكثير من الميزانية لان سيدة البيت والبنات حين ينزلن إلى السوق لشيء معين تجدهن في اغلب الاوقات يرجعن بأكثر من حاجتهن لما يُشاهدنه من مغرياتٍ في الأسواق من أكسسوارات وملابس وعطور وغيرها من المغريات الاخرى. مؤكدا: ان هذا  الهوس الشرائي يصاحبه غالبا دلالات التباهي والتفاخر سواء دلَّ على مظهر من مظاهر النقص في الشخصية أو تعويض عن حاجات ورغبات مكبوتة.
واضاف الدهلكي: ان هذه الموشرات توضح مدى ضعف ثقافة الانفاق لدى الاسرة اولا ثم المجتمع. مبينا: ان هذه الظاهرة معروفة في مجتمعنا ولها اعراف وتقاليد يكون الإنفاق غير المبرر هو الاول فيها، مشيراً: الى رعب كلمة السوق حيت تطرق مسامع الزوج او راعي البيت، لما فيها من انفاق غير مبرر وشراء لحاجات غير ضرورية!

 أمتنع من حمل مبالغ كبيرة
نضال ابراهيم إعلامية تقول لـ(المدى): التسوق لدى النساء أنواع منها حالة إدمان تبتلي به المرأة وهذه شبه حالة مرضية يعاني منها الزوج او العائلة جمعياً. مضيفة: على المستوى الشخصي كوني أعيش في الخارج وفي مجتمع استهلاكي نعاني كثيراُ من عادة التسوق العشوائي او غير المبرر من قبل الاولاد والبنات خصوصاً اذا تربوا في تلك الأجواء أي أجواء الخارج، موضحة: عندما أمرُّ بحالة نفسية سيئة اذهب الى مجمعات التسويق ومن دون تفكير أبداً  بالتسوق من دون تخطيط وعندما أعود إلى المنزل اشعر بأسف شديد فأكثر المشتريات لستُ بحاجة لها، مستطردة: ومن اجل الخروج من هذه الحالة امتنع عن حمل مبالغ مالية كبيرة معي في حال ذهابي للسوق. مشيرة: الى المسؤولية الكبيرة التي تقع علينا وللحد من هذه الظاهرة ، تربية الأبناء وتوعيتهم على اتخاذ القرارات الصحيحة للاستفادة الكبرى من المشتريات الضرورية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram