جاسم محمد كاظمالدكتور محمد مهدي بن الشيخ محمد البصيرالرجل الموسوعة (سياسي، خطيب، مؤلف، شاعر، أديب، مترجم، ثائر!!!)جمع البصير كل هذه المجالات المهمة والصعبة في عقلية واعية وقابلية قل نظيرها وقد استطاع بحكمة ودراية أن يوزع اهتماماته كل حسب استحقاقه.
وأن يكون متفوقاً ومؤثراً فهو بالسياسة سياسي لامع وله دور بالغ التأثير ويحسب له ألف حساب من أعدائه وأصدقائه. وخطيباً مسموعاً تعمل كلمته الخطابية فعلها وتأتي ثمارها وتلهب الحماس وتثير الهمم. ولكونه مؤلفاً فله عدة مؤلفات. بالتاريخ والشعر والسياسة. وقد كان أديباً ملماً بجميع صنوف الأدب تقريباً في تلك المرحلة التي كان يعيشها وقد ترجم إلى الفرنسية العديد من النتاجات الأدبية والشعرية والخطابية. وقد كان ثائراً أقض مضاجع أعدائه وأعداء الوطن وقد قاتل بكل ما يملك من قوة الخطابة والشعر حتى أنه طورد واعتقل ونفي.ولادته ونشأته: ولد الدكتور (الموسوعي) محمد مهدي بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الحسين في عام 24-حزيران- 1895م. في محلة الطاق من الحلة القديمة. لقد كان اسمه مركباً أي أن اسمه الأول (محمد مهدي) وأسم والده (محمد عبد الحسين).نشأته: نشأ في كنف أسرة دينية تمتهن الخطابة على المنابر الحسينية ومن هنا فلابد أن يتأثر البصير بهذه الأجواء والبيئة فنشأ نشأة دينية أدبية خطابية. وقد كان والده يرعاه ويشجعه ويمده بكل ما يحتاجه, وقد بعث به إلى الكتاب لتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم والحديث ودراسة العلوم الشرعية والعلوم العربية. ولقد سارع في التعلم وهو لم يبلغ الخامسة من عمره وتفوق على أقرانه وعلى من هم أكبر من عمره لا بل فاق بعض معلميه.فقدان بصره: حرم (الدكتور محمد مهدي البصير) نعمة البصر وهو في عمر الخامسة حيث كان مرض الجدري منتشراً في مدينته وقد تحدث عن ذلك بنفسه فقال في إحدى المقابلات كنت قد لقحت ضد مرض الجدري وخرجت إلى الشارع فأبصرت كلباً أسود اللون ضخماً للغاية فخفت خوفاً شديداً ورجعت إلى فراشي فنمت نوماً عميقاً لم استيقظ منه إلا والجدري قد انتشر في جميع أنحاء جسمي وقد فقدت على أثرها بصري.إن الله العلي القدير قد عوض البصير بنور البصيرة وبذكاء متوقد وحافظة نادرة وصار ذا شأن في الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية والأدبية. وهذا ما يعجز عنه كثير من المبصرين, ولقب محمد مهدي (بالبصير) من باب تسمية الشيء بضده. وقد كان يعرف بهذا اللقب دون لقب عائلته وصار يتميز به حتى بعد انتقاله إلى جوار ربه.الخطابة: ذكرنا بأن أسرته اشتهرت بالخطابة. وقد أراد له أبوه أن يكون خطيباً فسهل له الاتصال بالأدباء والشعراء والخطباء وتعلم (القرآن الكريم) ولم يكد يبلغ السابعة عشرة من عمره حتى رأى والده أن ولده بلغ المرام وهو أهل بارتداء (العِمَّة) وان يمضي قدماً في الدروس والعلوم العربية والدينية. علمه والده كيف تكون الخطابة على المنبر حيث سمح له في أول الأمر أن يقرأ (البصير) المقدمة وهي إلقاء ما تيسر من الشعر ويكمل والده القسم الثاني وهو الوعظ والإرشاد وما يتصل بمأساة (الحسين) (ع) ولكن البصير كان ينتهز فرصة غياب والده فيكمل القسم الثاني بنفسه كما حدث في ذات يوم حيث بدأ المقدمة واستمر في القسم الثاني وكان والده بين الجالسين يستمع لحديثه فأعجبه ومنذ ذلك الحين فك الشراكة مع والده حيث صار خطيباً يعتمد على ذاته. ولقبته الجماهير بخطيب ثورة العشرين (وميرابو) العراق تشبيهاً بخطيب الثورة الفرنسية.السياسة: ظهرت ميول البصير السياسية في وقت مبكر من حياته منذ الحرب العالمية الأولى حيث نظم أول قصيدة سياسية في هذه الحرب. فقد كان قبل ذلك ذا اهتمامات دينية وكانت قصائده ضمن ذلك المضمار. وبما أنه شاعر متميز وصاحب كلمة مؤثرة وان أغلبية الشعراء في العراق يؤيدون الدولة العثمانية في مواقفها وحروبها ضد بريطانيا والحلفاء. فكانت جريدة (صدى الإسلام) تنشر قصائدهم المساندة للحكومة العثمانية لأنهم يعتقدون بأنها دولة مسلمة ولابد من مساندتها لأن التيار الإسلامي والمعتقد الديني هو المؤثر بجانب الدور السياسي. وقد تغير موقف البصير من مساندة الدولة العثمانية لاكتشافه انها ساندت ألمانيا وبذلك تكون قد باعت نفسها لألمانيا, وقد انتقد الساسة العثمانيين في قصائده لكونهم اتبعوا سياسة التتريك وضرب العناصر التي ترفض هذه السياسة.البصير يدخل مرحلة العمل السياسي المنظم: في عام 1919 تألفت في العراق جمعية سرية سياسية تدعى (جمعية حرس الاستقلال) من أهدافها استقلال العراق ومساندة الملك. وتوحيد كلمة العراقيين على اختلاف مللهم ونحلهم وطوائفهم, وطلب من البصير أن يؤسس لها فرعاً في مدينته (الحلة) فأسس الفرع وكان أمين سره. وقد استمر بعمله السياسي حتى قامت ثورة العراق الكبرى عام 1920م فكان قد كرس أدبه وشعره وخطابته لحماسة الجماهير الثائرة وقد أثر تأثيراً مباشراً فيها وصارت كلماته تدوي وتسمع كما يدوي المدفع, وقد كان دوره فيها بارزا وصار يسمى بشاعر ثورة العشرين.ولعلَ أشهر واروع قصيدة له حافلة بالمعاني الوطنية والتضحية والفداء القاها في جامع الحيدر خانة ببغداد بعد إعلان الثورة العراقية في 30-حزيران-1920 بعنوان (لبيك أيها الو
الدكتور محمد مهدي البصير:أنا وطه حسين والمعري عائلة
نشر في: 20 يناير, 2010: 04:57 م