يؤكد الناقد السينمائي علاء المفرجي أن هناك ثلاثة عوامل ترتبط بتراجع السينما العراقية ما بعد عام 2003 : أولها ان الأفلام المنتجة أغلبها قصيرة وعدم توفر صالات عرض وغياب التمويل . مشيرا الى أن الافلام التي انتجت ضمن "بغداد عاصمة الثقافة العربية" ض
يؤكد الناقد السينمائي علاء المفرجي أن هناك ثلاثة عوامل ترتبط بتراجع السينما العراقية ما بعد عام 2003 : أولها ان الأفلام المنتجة أغلبها قصيرة وعدم توفر صالات عرض وغياب التمويل . مشيرا الى أن الافلام التي انتجت ضمن "بغداد عاصمة الثقافة العربية" ضيعت اكثر من 700 مليون دولار هباء لأن الافلام لم تكن بالمستوى المطلوب.
الناقد المفرجي كان يتحدث خلال أمسية اقامها له نادي الكتّاب في كربلاء حيث قدمه فيها الأديب علي لفته سعيد ، مرحباً بالضيف ومعرفاً بتاريخه النقدي واهمية قلمه في عالم السينما مثلما هي اهميته في عالم الصحافة.. واضاف المفرجي ان السينما اليوم بحاجة الى الاقلام التي تكتب نقدا لكي تنتقد الواقع المتراجع وان الأمة التي لا تعرف بالسينما الهادفة أمة لا تبني حضارة.. وزاد ان الانتاج السينمائي تراجع في زمن النظام السابق لكنه الان يشهد انحسارا كبيرا ومؤذيا وان ما يقام من مسابقات للأفلام السينمائية لا يهدف الى صناعة السينما وسط غياب كامل لقاعات العرض المشهورة التي تحولت الى مخازن للسكائر.وتحدث المفرجي عن ملامح السينما الراقية وقال ان السينما قد توقف انتاجها منذ عام 1990 في فيلم "الملك غازي" لمحمد شكري جميل وكانت هناك قبله افلام تعبوية لتحسين صورة النظام.. واضاف انه بعد عام 2003 حاول بعض الشباب الوقوف امام الكاميرا في شارع الرشيد وقد حصل بعضهم على جوائز في مهرجانات عربية ودولية بل ان بعض الافلام العراقية احتكرت الجوائز حتى عام 2014.. واشار الى ان السينما شُلت بالكامل منذ بداية عام 1990 لأسباب منها فنية واخرى سياسية وكانت قبضة السلطة تريد احتكارها لخدمة افكارها.. ويشير الى ان عملية التغيير التي يراد للسينما ان تنطلق منها لابد من البحث عن فضاءات جديدة لأن السينما ان لم تحصل على دعم لن تتقدم لذا فان الانتاج السينمائي في العراق الجديد في حالة تذبذب بسبب ان اغلب الانتاج للأفلام القصيرة والتي ليس لها حظ في العرض او المشاهدة الجماهيرية وكذلك عدم وجود صالات عرض والموجود تحول الى أغراض اخرى فضلا عن أزمة التمويل.
الأمسية شهدت العديد من المداخلات بدأها الروائي والسينمائي الدكتور علاء مشذوب الذي قال.. انه عندما انبلج عالم الصورة المتحركة (السينماتوغراف)، كانت السينما هي الرائدة في احتضانها ولضرورة حياتية يومية تم اختراع جهاز التلفزيون الذي ناصف السينما ريادتها ومن ثم أخذ خصوصيته لما يتمتع به من بث يومي مستمر ومتنوع منقطع النظير ليجترح لنفسه أنواعا مختلفة من البرامج والمسلسلات وغيرها من التفاصيل الكثيرة..واضاف انه بنفس الضرورة الحياتية والحتمية التطورية وكأن الفكرة التي لا تحمل بذور فنائها لا يمكن أن تكون فكرة علمية أو لا تخضع لاشتراطات العلم بل تتحول الى فكرة دوغمائية غير قابلة للتطور لينبثق جهاز الموبايل الذي اختصر المسافات ومن ثم يتطور ليكون جهاز تلفزيون متنقلا يمكن للمشاهد أن يشاهد ما يريد وقت ما يشاء مع بقاء الفارق من أنه لا يمتلك صفة الآنية والتجديد التي يمتلكها التلفزيون بل هو يعيش في ماضي الصورة..
اما الدكتور الناقد عمار الياسري الذي قدم لمحة كبيرة للسينما العراقية قبل عام 3003 ليعرج بعدها على المحاضرة فقال ان الخطاب السينمائي شهد بعد 2003 نكوصا كبيرا على مستوى الانتاج والعرض فالانتاج كان متدنيا جماليا بشكل ينم عن فقر جمالي بعناصر اللغة السينمائية والعرض كان غائبا على مستوى التذاكر..ويرجع الياسري مرد التراجع والتدني الفكري لذائقة الجمهور بسبب التحولات الفكرية بعد2003 وهذا التدني لم تعان منه السينما العراقية في مهاداتها الاولى في خمسينات القرن المنصرم حيث كان الفيلم العراقي يعرض في قاعات العرض بسبب براءة التلقي من الملوثات الايدلوجية،لذا نحتاج الى صناعة ذائقة جمالية ترتقي بالوعي الشعبي فضلا عن الجانب التقني والجمالي للفيلم..كما تداخل الناقد حيدر جمعة العابدي مبحرا بتأثيرات الصورة السينمائية في المنتج السردي كالقصة والرواية وقال ان هذا التأثير برز بشكل واضح مع ظهور تيارات ما بعد الحداثة حيث وظفت الصورة السينمائية في بعدها الفني كبديل تجديدي للصورة الوصفية التقليدية الساكنة والصور السردية المتحركة والمرتبطة بسير الأحداث حيث تميزت الصورة السينمائية بموضوعيتها الشديدة التي ترصد كل ما تقع أمام عدسة عين الراوي او الشاهد المشارك موثقا ذلك بالصوت والصورة والحركة وهو ما يعكس بزوغ فجر السرد الأدبي.الناقد الدكتور علي حسين يوسف قال "أعتقد أن الحالة العراقية السابقة لم تخلق وعيا سينمائيا ليكون درسا خاصا بالسينما العراقية ، ولذلك لا يمكن الزعم بوجود هوية سينمائية عراقية كما هو الحال في مصر مثلا."الباحث خليل الشافعي قال من جهته ان غياب جرس السينما يعني غياب الطقوس التي كانت موجودة وحاضرة ولذلك فان السينما اقصيت قسرا من الحراك الاجتماعي وهي قد اقصيت بفعل فاعل لأن السينما دلالة مدنية . لذلك لدينا مشكلة كما يقول الشافعي اننا بلا روافد سينمائية ومنها الذوق العام لذلك نحتاج الى تنمية الذوق ولابد من تفعيل دور رابطة السينمائيين وإعادة تكوينها لكي تعيد الوعي بأهمية السينما.