اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > سكنة مخيم نازحي كربلاء ... غرباء في وطنهم

سكنة مخيم نازحي كربلاء ... غرباء في وطنهم

نشر في: 20 مارس, 2016: 12:01 ص

حسن شاب بمقتبل العمر نزح وعائلته من الموصل حتى استقر بهم الحال في مخيم كربلاء للنازحين، وكبقية ابناء مدينته ممن نزحوا حاول التكيّف مع الوضع الجديد وتقديم مايمكن لعائلته المتكونة من اخوته الخمسة ووالديه وعمته وجدته لابيه. حاول ايجاد فرصة عمل بمكان قري

حسن شاب بمقتبل العمر نزح وعائلته من الموصل حتى استقر بهم الحال في مخيم كربلاء للنازحين، وكبقية ابناء مدينته ممن نزحوا حاول التكيّف مع الوضع الجديد وتقديم مايمكن لعائلته المتكونة من اخوته الخمسة ووالديه وعمته وجدته لابيه. حاول ايجاد فرصة عمل بمكان قريب لكنه فشل، بحث عن عمل في المدينة لكنه جوبه بالرفض اكثر من مرة لا لشيء فقط لانه (نازح) الأمر الذي أبقاه حبيس المخيم وخاضعا لاجراءات أمنية صارمة، حولته الى سجن كبير. وبسبب ضيق مساحة الكرفان وشحة الماء او قلته تسلل (الجرب) الى جسده بهدوء ليكون رقما مضافا الى الـ(500) نازح ممن اصابهم الجرب، والعدد قابل للزيادة.

تهديد برفع المولدات
بعد نشر خبر مأساة مخيم نازحي كربلاء في صفحة شؤون الناس الاسبوع الماضي والتي بينت ان في المخيم قرابة (1250)  كرفانا تتوزع فيها اكثر من (1500) عائلة من مختلف القوميات والأديان اذ يضم البعض منها ورغم صغر مساحته اكثر من عائلة، ولو افترضنا ان كل عائلة تضم خمسة افراد يعني ان هناك (7500) فرد في هذا المخيم ، سكان المخيم يعانون  من انقطاع تام للكهرباء بعد ان تم ايقاف كل المولدات التسعة عن العمل بسبب خلاف بين المتعهد ومجلس المحافظة. علما ان المخيم غير مشمول بنظام الشبكة الوطنية . وتم تشغيل المولدات (التسع) التي توقف لمدة عشرة ايام. لكن التهديد بإلغائها ورفعها نهائيا مازال قائما. علما ان تشغيل الموالدت لساعات معدودة يوميا، ترى كيف سيكون حال النازحين خاصة الاطفال وكبار السن ونحن مقبلون على الصيف العراقي اللاهب.

الماء غير صالح ؟
غالبا ما يردد بسطاء الناس مقولة (بيها صالح) مع كل شدة او حادثة، كما أخذ البعض يتندر بذلك حين يرى تنكر ماء كتب عليه (ماء صالح للشرب) نعم هو ماء لكن غير صالح. مثلما يقول سكنة المخيم فحصة العائلة الواحدة من هذا الماء (500 ) لتر فقط. وتكون للاستخدامات كافة (الشرب، الاغتسال، النظافة الشخصية، وغيرها). هذه الـ(500) لتر ليست يومية ولا اسبوعية اذ حددت لمدة (12) يوما تصل احيانا الى (15) يوما وربما اكثر دون اي مراعاة للجانب الانساني او الامتثال للدين والشرع خاصة ان كل اعضاء مجلس المحافظة والمحافظة والاحزاب من القوى الاسلامية التي يفترض به ان تأخذ الامر من هذا الجانب ان لم تاخذه بالانساني والوطني. (500) لتر ماء لمدة (12) يوما تعني ان معدل (41) لترا للعائلة المكونة من (5) افراد على الاقل، وحصة الفرد الواحد منها (8) لترات يوميا ولشتى الاستخدمات!علما ان بعض العائلات يصل عددها الى عشرة افراد واكثر. ونكرر كيف سيكون حالهم في فصل الصيف مع انقطاع الكهرباء، الاجابة عند مجلس المحافظة ووزارة الهجرة والمهجرين.

الجرب يغزو الاجساد
قلة النظافة احد اهم اسباب الاصابة بمرض الجرب لكن كيف يمكن ان تتم بـ(8) لترات ماء يوميا. كما ان الاستعمال المشترك للادوات والاغراض الشخصية، مثل: المنشفة او غطاء السرير. قد يصيب عددا من افراد العائلة بالمرض، في الفترة نفسها. وقد ينقل شخص مصاب المرض الى شخص اخر قبل ظهور الاعراض لدى المريض او الشخص الناقل. وبفضل الواقع الحالي  كل ذلك متوفر في المخيم اذ وصلت حالات الجرب المعلنة فقط الى (500) قابلة للزيادة والتكاثر في ظل التقاعس الواضح من قبل المؤسسات الصحية في المحافظة. وحسب مختصين ان اي عدد معلن يعني وجود اضعافه من المصابين بعضهم لاتظهر عليه الاعراض سريعا.
بالتالي الامر بحاجة الى وقفة جادة من الجهات الصحية بالمحافظة وضرورة الاسراع بحملة صحية ووقائية من أجل القضاء على هذا المرض الفتاك خاصة اذ اصاب الاطفال. كما يشكو سكان المخيم من غياب اي مفرزة صحية للحالات الطارئة، وعدم وجود سيارة اسعاف لذلك.

وما أدراك ما حال التعليم
لم يكتف الاهمال بذلك حتى تسلل الى الجانب الجانب التعليمي اذ تشكو مدرسة غصن الزيتون من نقص في عدد المعلمين والمعلمات كما تشكو من قلة الرحلات ومستلزمات الدراسة الاخرى، خاصة القرطاسية التي أضافت هماً اخر لاولياء امور الطلبة الذين يشكون من البطالة وعدم قدرة الحصول على عمل ملائم. بعض طلاب الكليات أشاروا الى حجم المعاناة لاكمال العام الدراسي وما رافقها من صعوبات جمة، تسببت بترك بعضهم الدراسة او تأجيل العام الدراسي للسنة الثانية. كما بينوا صعوبات الدراسة بالنسبة للمراحل الاخرى وما يلقوه من صعوبة خاصة طلاب المرحلة الابتدائية. حتى اضطر الكثير منهم ترك الدراسة لعدم قدرة اهليهم توفير المستلزمات من ملابس وقرطاسية، اضافة الى انعدام الاجواء الملائمة للقراءة ومراجعة الدروس.

ذنب دول الجوار
حكومة كربلاء حملت الدول الاقليمية مسؤولية المعاناة التي يتعرض لها النازحون الذين تركوا ديارهم  قسرا وأكدت: ان كربلاء استقبلت اكثر من ( 200 )  الف نازح ومن مختلف محافظات العراق باختلاف طوائفهم وقومياتهم وقدمت لهم كافة الخدمات.  وقال رئيس مجلس محافظة كربلاء نصيف الخطابي ان الحكومة المحلية والعتبات المقدسة واهالي كربلاء مستمرون في تقديم كافة الخدمات للعوائل النازحة حتى يتم تحرير كافة الاراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش الارهابي وبالتنسيق مع المنظمات الدولية ودائرة الهجرة.
أما رئيس لجنة الهجرة والمهجرين ليلى فليح حسن فقد بينت: ان منظمة اغاثة اللاجئين الدنماركية  (DRC) افتتحت وبالتعاون مع فرع وزارة الهجرة والمهجرين محافظة كربلاء مدرسة للطلبة النازحين في مخيم ايواء العوائل النازحة طريق نجف – كربلاء جنوبي المدينة . مضيفة: ان  الدول المتقدمة تضع التعليم فى أولوية برامجها وسياستها.

الفساد والكرفانات
ادريس حجي محمد احد سكنة المخيم ذكر ان الاصابات بالجرب وحبة بغداد أكثر من العدد المعلن. مبينا: في كل (100) كرفان هناك (70) أصابة لكن بسبب الخجل لايبوح الكثير منهم خاصة النساء والشباب.
واضاف حجي محمد: لم نتلق اي مساعدة من الحكومة سواء كانت مادية أو غذائية. منوها: الى ان الحكومة المحلية رفعت يدها عن المخيم وسحبت كل موظفيها بسبب عدم استطاعتها توفير سيارة نقل لهم. لافتا: انها تركت إدارة المخيم إلى دائرة الهجرة والمهجرين التي لم تقدم شيئاً الى الآن.
سبق وان أعلِن عن وجود فساد في بناء الكرفانات وان هناك اختلافا بسعر الكرفان الواحد اذ كشف تقرير اللجنة التحقيقية البرلمانية وجود زيادة (2000) دولار في سعر كل كرفان من المجموع البالغ (15) الف كرفان ما يعني ان هناك 30 مليون دولار سرقت. عن ذلك قال محمود خليل مدرس: بعد ان سرق الارهاب اعمار ابنائنا واموالنا وشردنا في يوم لن ننساه، جاءت الجهات الحكومية وسرقت المعونات والمساعدات التي أرسلت من قبل منظمات ايواء واغاثة انسانية. وبشأن الكرفانات والسكن فيها قال خليل: مشكلة الكرفانات هي الهم الاكبر لسكنة المخيم، فهي صغيرة ولا تصلح لمعيشة عائلة مكونة من 7 او 8 افراد. مشيرا: الى تفشي الامراض الجلدية بسبب ذلك.

لا مال لا دواء لا وقود
تقرير تقييمي لمنظمة (DANISH REFUGEE COUNCIL) وضح معاناة النازحين في المخيم خاصة بالجانب الصحي، اذ اشار التقرير الى وجود نقص حاد بالادوية في المركز الصحي الوحيد في المخيم، حيث تم مخاطبة جمعية اطباء بلا حدود بذلك. الأمر هنا يثير عدة اسئلة اين دور وزارة الصحة والمؤسسات الصحية العائدة لها في كربلاء. كما أشار التقرير الى ضرورة عمل تقييمي لتفشي الامراض الجلدية خاصة الجرب وعلاجه بالسرعة الممكنة كي لايتحوّل الى وباء.
وفيما يخص الجانب البيئي فقد بيّن التقرير ان المخيم يشكو من تراكم النفايات لعدم توفر الحاويات المخصصة لرميها وجمعها. المنظمة وحسب تقريرها حررت طلبا رسميا الى منظمة اليونسيف من اجل تجهيز كرفانات المخيم بالحاويات، مع اكياس النظافة. كما أشار التقرير الى ان دائرة الهجرة والمهجرين انهت عقود ثلاثة مشغلين للموالدات بسبب الازمة المالية، وستنهي عقود  ثلاثة اخرين اجورهم مدفوعة من قبل منظمة الهجرة العالمية. اما فيما يخص موالدات الكهرباء فقد تم دفع اجور وقود المولدات للشهر الحالي ولاتوجد أموال للاشهر المقبلة. يضاف الى ذلك عدم تشغيل محطة الماء داخل المخيم، الأمر الذي تطلب تحرير طلب من اجل نصب تنكر ماء سعة (10) الاف لتر. التقرير بيّن ايضاً ان العديد من الموظفين من سكنة المخيم لم يتسلموا مرتباتهم للاشهر السابقة بينهم متقاعدون.

كلام غير صحيح
سلوى خضر من سكنة المخيم تقول لقد فقدنا الأمل بالعودة الى بيوتنا، مثلما فقدنا الأمل في العيش بكرامة في مدن النزوح بالتالي لم يكن أمامنا غير الهجرة اذا توفرت الظروف الملائمة لذلك . مبينة: ان حياتهم كعائلة تحطمت وضاعت احلامهم في السكن والاستقرار وبناء عائلة سعيدة فلم يمض على زواجها اشهر حتى حلت الكارثة عليهم واحتلت مدنهم من قبل داعش.
سلوى أشارت الى جانب اخر من المعاناة وهو سماعهم بعض الكلام عن انهم بصورة مباشرة او غير مباشرة لم يدافعوا عن مدينتهم. لافتة: ان هذا الكلام غير صحيح وغير دقيق فقد تحملنا كثيرا وقدمنا العشرات من الشهداء طوال السنين الماضية بينهم اخوتي. لكن بسبب ظروف عدة انهارت دفاعتنا.
*فجأة ودون سابق انذار يجد المرء نفسه بلا مأوى أوسكن، لعب الاطفال تسحق بعجلات الارهاب، الذكريات تمسح بالدم والموت، العائلة تتشظى بين مدن البلاد، الكرامة تنتهك بمراجعات لدوائر الدولة من اجل تسلم الحقوق المالية والمساعدات التي طالما تعلن الجهات الحكومية او منظمات المجمتع المدني. أحلام البنات تطير مثل عصافير تفر من إطلاقة صياد، مثلما تفرّ احلام الشباب بالحصول على العمل او اكمال الدراسة، كل ذلك واكثر حول النازحين الى غرباء في وطنهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فالح ياسين الربيعي

    هل فقدت حكومة كربلاء انسانيتها وهل هذه هي عقوبة مقصوة لاناس ابرياء نبهم انهم نازحون لا غير وهل هناك قسوة اشد من معاناتهم واين الحكومة المركزية في بغداد من هذه المأساة .

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram