لم يتردد المستشار السياسي في القنصلية الامريكية بالبصرة، الذي التقى بعض الناشطين المدنيين في القول: بأن الإدارة الأمريكية ارتكبت خطأ كبيرا حين اعتمدت في اسقاط النظام السابق عام 2003 وتشكيل الحكومة العراقية فيما بعد على الاحزاب الاسلامية، ولم تكن تعرف حجم الفساد واللصوصية الذي تنطوي عليه سياسة الأحزاب هذه" وهو اعتراف متأخرٌ طبعا. لكنها ومن حيث تعلم او لا تعلم من عمل على اضعاف التيار المدني، وتراجع مشاريع البناء وخراب البنى التحتية. كذلك لم يرفض المستشار هذا قولنا في تحمل الحكومة الأمريكية الجزء الأكبر في ما وصلت اليه أوضاع العراق السياسية والاقتصادية والأمنية، حين يورد جملة نقلها عن أحد العراقيين الذين التقاهم والتي تقول: امريكا تزوجت العراق، والزوج والزوجة هذان مسؤولان بشكل مباشر عن خراب البيت هذا.
من النافل أن نقول: ليس بغريب أبداً أن لا يتيقن البعض من العرب والعراقيين بصدق النوايا الأمريكية التي تحدثت بها بعض وسائل الأعلام الغربية، والتي تقول بأن المرحلة القادمة ستشهد تحولاً في السياسة الخارجية الامريكية تجاه العراق وبناء المجتمع المدني، ونفض يدها من أحزاب الاسلام السياسي في العراق بخاصة، ذلك لأن تاريخ السياسة الأمريكية لم يكن يوماً ليتحدث عن وقوفها لصالح الشعوب في الشرق الاوسط وغيره، وبرنامجها العام واضح في المنطقة، فهو لم يكن لينصف الشعوب في تطلعها للحرية والحياة والمدنية، ولن تقف مع مشروع يتقاطع مع مصالحها ومشاريعها في دعم اسرائيل والدول الدائرة في فلكها او حكومات الخليج التي كانت ومازالت المصدر الاكبر من انتاج وتصدير الارهاب والتطرف والطائفية ومشاريع الكراهية .
تتحدث الدوائر السياسية الامريكية تصريحا وتلميحا عن مرحلة قادمة في تحول العراق خلال انتخابات العام 2018، في محاولة لتصحيح مشاريعها بعد اسقاط النظام السابق. قد يبدو ذلك ممكنا بعد ان تلوثت سمعتها في الشرق وكشفت الاحداث في سوريا واليمن وتركيا عن ضلوعها وبما لا يقبل الشك في معظم ما يحدث من مآسٍ هنا، وقد أنفقت المليارات على ذلك. قد تبدو فكرة التصحيح هذه ممكنة، إذا أحسنا الظن في سياستها الجديدة، وهذا امر لا يبدو جلياً الآن، كما أن تاريخ السياسة الامريكية لا يفصح عن شيء من هذا. إلا اننا سنستطيع تلمس ذلك من خلال جملة نقاط:
أولها إعلان الادارة الامريكية عن خطئها في اتخاذ الاحزاب الاسلامية كشريك رئيسي لها، والإعلان عن أسفها لأنها أسهمت في اضعاف التيارات المدنية من خلال التعاون مع الاحزاب تلك. وثانيها الاعلان عن أسماء السياسيين العراقيين الذين استولوا على الاموال وسرقوها ثم أودعوها في مصارفها أو المصارف الغربية. وهذه حقائق لا يمكن تغافلها، لاسيما إن الادارة الامريكية تعلم وتعرف حجم ومصادر اموال هؤلاء قبل تسنمهم مقاليد السلطات. وثالثها ملاحقه هؤلاء قانونيا وجلب من فرَّ منهم، ومن ثم استرداد المليارات من الأموال العراقية التي بحوزتهم، من أجل تعزيز ثقة الشعب العراقي بالسياسة الأمريكية الجديدة -إن وجدت- ولكي تتأكد لشعوب المنطقة صحة ما تنوي وتعمل عليه حكومة واشنطن.
بخلاف ذلك سيظل العراق، حكومة إثر أخرى غير قادر على بناء ما تهدم في مجتمعة واقتصاده وأمنه، ولن يستعيد عافيته في ظل تناحر احزاب السلطة الدينية-القبلية وسيشهد المزيد من الاحتراب، وما اوضاعه اليوم بأفضل من اوضاعه غداً، بعد أن عجزت حكومة السيد العبادي عن القيام بأية إصلاحات، وستتحمل امريكا الوزر الأكبر لأنها اتخذت حليفاً سيئاً، وستكون من حيث تعلم او لا تعلم من تسبب بالإجهاز على التحولات المدنية داخل المجتمع العراقي.
أمريكا .. تحوّل جديدٌ أم ماذا ؟
[post-views]
نشر في: 19 مارس, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
محمد سعيد
اتفق مع تحليل الكاتب بان الولايات الاميركيه المتحده لا ولم تستهدف خلق نظام سياسي اقتصادي اجتماعي رصين يخرج العراق من ظالته المستديمه وارثه من نظام الدكتانوريه العتيد وبالتالي تمكين الشعب العراقي في تقرير مصيره حقا ,ولهذا سعت وفي اطار الديمق