في مثل هذه الايام من عام 2003 بدأت هزات تمهيدية لعملية عسكرية واسعة وصلت في التاسع من نيسان الى احداث زلزال تاريخي ، لم يذكر على مقياس ريختر ، ترك مظاهره الكارثية بإحداث فوضى عارمة مع اخضاع العراق الى الاحتلال الاميركي، ادى في ما بعد الى بروز انقسام مجتمعي جراء بروز نزعات طائفية وجدت البيئة المناسبة للخروج من القمقم ، حتى تسللت الى ما تبقى من مفاصل الدولة ، حتى اكتسبت شرعية الوجود بفعل احزاب عزفت على الوتر الطائفي، ابتكرت المحاصصة بتشجيع اميركي لترسيخ وجودها في الشارع العراقي .
العراقيون في تلك الايام استعادوا استحضاراتهم اثناء اندلاع حرب الخليج الثانية ، لتفادي المخاطر ، بغلق ابواب المحال التجارية ببناء جدران على واجهاتها ، تزايد الاقبال على حفر الابار في المناطق السكنية للحصول على المياه في ايام الشدة ، الرفاق الحزبيون حملوا الكلاشنكوف وتوزعوا في جميع المناطق ، وزارة التجارة وزعت اكثر من حصة شهرية من المواد الغذائية ، وزارة الإعلام خصصت مواقع لمرسلي الصحف والفضائيات في مقرها الكائن بحي الصالحية ، اعداد كبيرة من الشعراء الشعبيين انضموا الى مجاميع اداء الاناشيد الحماسية لرفع الروح المعنوية، المؤسسات الرسمية اختارت مقارها البديلة ، مدافع مقاومة الطائرات اتخذت مواقعها قرب الأحياء السكنية ، حفرت المتاريس والمواضع في كل مكان، بقربها خنادق وضع فيها النفط الاسود ، صدرت اوامر الى أئمة الجوامع باطلاق التكبير عبر مكبرات الصوت اثناء شن الغارات الجوية ،كل هذه الوسائل وغيرها لم تمنع حدوث الزلزال في العراق.
قبل بدء العمليات العسكرية بأسبوع تلقى مكتب جريدة اماراتية في بغداد ، توجيهات من ادارة الصحيفة بإعداد مواد تتناول الجانب الانساني ، وكأن الحرب اندلعت ، ورافق ذلك اطلاق الشيخ زايد مبادرة تتضمن الدعوة الى القيادة العراقية الحكيمة بالتخلي عن السلطة ، مع استعداد الامارات لاستقبال جميع المسؤولين مع اسرهم وممتلكاتهم المنقولة ، وارسال قوات عربية مشتركة ، مع تشكيل حكومة انتقالية بإشراف الامم المتحدة والجامعة العربية ، المرحوم زايد ربما كُلف من جهات دولية لتوجيه دعوته ونصيحته الى صاحب القرار العراقي ، فاستقبلها الاخير بالسخرية ، مع توجيه اتهامات لبعض الحكام العرب بالتآمر والتحالف مع الولايات المتحدة الاميركية ضد العراق ، وزير الخارجية الاسبق ناجي الحديثي حين سأله صحفي مصري عن موقف بغداد من مبادرة زايد قال :" لن نناقش مبادرات تافهة".
بعد مرور ثلاثة عشر عاما على ذلك الحدث المفصلي في تاريخ العراق ، تسترجع ذاكرة من عاش تلك الايام مبادرات طرحت لتفادي الحرب ، لكن من روّج لأكذوبة اسلحة الدمار الشامل وصدقها فجعلها سبباً لفتح بوابات جهنم أمام العراقيين ، يعلم قبل غيره ان حكام المنطقة يرفضون النصيحة منذ كان هيلاسي لاسي رئيسا في الحبشة .
نصيحة المرحوم زايد
[post-views]
نشر في: 19 مارس, 2016: 09:01 م