يحمل مصطلح (التقنع) فكرتين: احداهما (التخفي) وثانيهما (تحوّل الهوية) . وتمتد القوة الكامنة في أي عرض من العروض وكيفية استخدامها من الطقس الديني الى التزيين المعماري. والقناع موجود فعلياً في جميع الحضارات، ويتم ادراكه وبشكل شائع على أنه مادة تغطي الوجه بأكمله أو جزءاً منه. وعادة ما ينظر الى القناع بمرافقته لزي من الازياء.
اصول القناع ووظيفته العبادية : كان اول استعمال للقناع قد حدث على اكثر احتمال في سياق السحر الروحي ، بارتداء جلد من الجلود او اية صفة حيوانية فإن الشخص الذي يرتديه يأخذ شيئا من صفات ذلك الحيوان . ومازالت الشخوص الحيوانية الكبيرة مستخدمة لدى المؤدين المتخفين في الشعائر الطقسية في (مالي) . يوظف الشامانيون ، وهم الكهان الذين يستخدمون السحر لمعالجة المرض ، الاقنعة لتكون من وسائط الروح . واليوم في بعض الحضارات الافريقية والآسيوية فإن ارتداء القناع يسمح لمرتديه أن يدخل في حالة من النشوة .
عندما دخلت عبادة الشخصية الى التمثيل المسرحي فقد القناع وظائفه الشامانية والموسمية او الطقسية ولكنه بقي قادراً على الاحتفاظ بحالته التعارضية . اقنعة مسرح (نو) الياباني مازالت اشكالا مثالية المقصود بها ان تكون من وسائط الوصول الى الروح وليس من وسائط تحقيق صور للشخصيات ويتم التعامل معها على هذا الاساس .
الانسان البدائي المتوحش ! الأنسان المتوحش هو المضاد القاسي للانسان المتحضر الذي يرتدي تجهيزات حيوانية ليهيج في سياق الكرنفال . تناولت مسرحيات الساتير الأغريقية اقنعة الانسان المتوحش والعبيد كونهم اناساً غير متحضرين واستوعبت الكنيسة المسيحية الروابط بين الأقنعة والممارسات الوثنية وقد يفسر ذلك تحريم التقنع في انكلترا في القرون الوسطى . كان (الهولووين) وهي السنة الجديدة للسلتيين - وهم الايرلنديون والويلزيون والاسكتلنديون ، عبارة عن احتفال بالموتى باعتقاد ان اولئك الذين في العالم السفلي يتجولون ويحثون مجموعات من الشبيبة لأن يدخلوا الريف وهم متنكرين بصورة الانسان المتوحش . هناك شخص شعبي من النمسا يدعى (هارلكين) او (هاليكين) وعندما ظهر على المسرح بوصفه خادماً في شمال ايطاليا في القرن السادس عشر كان الجمهور قد ادركوا مباشرة الروابط الحيوانية والشيطانية - الشريرة التي تتمثل في قناعة النصفي الأسود ، والمصنوع من الجلد.
في القرنين السادس عشر والسابع عشر كان لعروض التقنع في انكلترا والقريبة منها في فرنسا والتي سميت (باليه دي كور) واللتين شهدهما البلاط ، اصلٌ في التحنيط وفي التنكر، ولكن تم رفع مستواها الى ما يناسب البلاط واستعاراته.
وكانت عناصر (الغروتسك) أي التشويه المضحك والمضادة للتقنع تقدم غالباً من قبل المسافرين المحترمين وبما له علاقة بالكرنفالات وتقاليد الانسان المتوحش. تطلبت الابداعات الرائعة كحفلات التقنع في البلاد وبعدها في الأوبرا الى كمية من اقنعة الورق - الأقنعة التي تصنع من لصق الورق. وبعد ذلك اصبحت مثل تلك الأقنعة مبتذلة ومرفوضة تجارياً في المسرح الهزلي غير المألوف ولكنها بقيت مستخدمة في كرنفالات الشارع وخصوصاً في (ايبيريا) . وفي القرن العشرين فإن استخدامها في الكرنفالات وبسبب قوتها وظهورها المرئي فقد تبناها المسرح السياسي في روسيا من قبل مجاميع التحريض التي ظهرت في العشرينات من القرن، وتكررت مثل تلك الممارسة في الستينات والسبعينات من قبل (المسرح الخبز والدمى) في الولايات المتحدة الامريكية .
القناع والتقنع
[post-views]
نشر في: 21 مارس, 2016: 06:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...