سؤال بحجم المحنة العراقية ، ماذا بعد الاعتصام ؟ هل يتحقق التغيير الوزاري استجابة لضغوط الشارع ، ام ستعرقل القوى السياسية تشكيل حكومة تكنوقراط لتحقيق الاصلاح لتجاوز الأزمات ، كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري ، علقت مشاركتها في اجتماع التحالف الوطني ، لكنها وافقت على اجراء تغيير وزاري جزئي ، القوى الاخرى في التحالف الحاكم ، ابدت دعمها لاصلاحات العبادي ، لكنها ترفض التنازل عن وزاراتها ، ائتلاف دولة القانون أبدى قلقه من خيم الاعتصام ، محذرا من تكرار مخيمات معتصمي الانبار، لانها من وجهة نظره مهدت لدخول تنظيم داعش الى المحافظة ، وأعلن احد نواب الائتلاف ان الاعتصام جاء لتعطيل الاصلاح ، في اشارة الى رفض ائتلافه حركة الاحتجاج الشعبية لتصحيح اخطاء السنوات السابقة ، وربما لهذا السبب اصدرت الحكومة قرارات تتعلق بادارة الملف الامني في العاصمة ، لانها هي الاخرى مصابة بعقدة الخوف من خيم الاعتصام .
المشكلة العراقية لاتحل بتعديل وزاري ، واصلاحات ترقيعية على حد قول قادة سياسيين ، وصفوا خطوات العبادي ، بانها محاولة لألقاء حجر في بركة ساكنة ،حدد مساحتها وعمقها مستر بريمر عندما كان صاحب القرار الاول في العراق بمباركة نخب سياسية ، وجدت في "بركة بريمر" البيئة الافضل لاغراض التوسع وفرض النفوذ ، فاحتلت المشهد في عملية سياسية مختلة تعاني عاهات مزمنة ،في ظل هذه الاجواء ، لا جواب لسؤال يطرحه العراقيون اليوم ماذا بعد الاعتصام ؟ تغيير وزاري ؟ ام عملية ازاحة شاملة ، تطرح في اطار التمنيات والرغبة في انقاذ ما يمكن انقاذه .
الاعتصام يمكن ان يوفر قاعدة شعبية داعمة لصاحب القرار في ملاحقة المفسدين سراق المال العام ، ربما يمنحه تأييدا يوفر له قاعدة اصدار قرارات اخرى تتعلق بتطوير الاداء الاداري لمعالجة الترهل في المؤسسات الحكومية ، الاعتصام يمكن ان يسهم في تفعيل الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان ليصحو من سباته ، بتشريع القوانين المعطلة او تعديل بعضها ، امام الكتل النيابية فرصة للحفاظ على حضورها وضمان مستقبلها السياسي بالتعاطي الايجابي مع الاعتصام بوصفه وسيلة احتجاج كفلها الدستور ، اما التعامل مع الاعتصام وخيمه بعقدة الانبار فسيؤدي الى زعزعة ثقة المحتجين بما تبقى من أمل مازال معلقا على بعض القوى الوطنية .
من جرب الغوص في بركة "مستر بريمر" ، توهّم واعلن انه وجد مبتغاه ، صدق اكذوبة بناء الدولة بدستور مازال محتفظا ببراميل بارود قابلة للانفجار في كل لحظة ، هذا الصنف من النخب السياسية حين يعتقد بان التظاهرات او الاعتصامات تهدد مستقبله ، يحاول بشتى الاساليب ايصال رسالة الى الرأي العام تفيد بان خيم المعتصمين ، اصبحت اسلحة دمار شامل تتطلب تشكيل تحالف دولي جديد لازاحتها لحماية المنطقة الخضراء من هجوم كيمياوي محتمل تطلقه مدافع المعتصمين.
ما بعد الاعتصام
[post-views]
نشر في: 21 مارس, 2016: 09:01 م