ليس صحيحاً أن الحياة السياسية في العراق كلّها سوداء وقاتمة، فهناك جوانب مضحكة كثيرة، بل وساخرة، ولمن لا يصدق عليه مطالعة التصريحات الأخيرة لمسؤولين حكوميين حول التغيير الوزاري الذي قطعه رئيس الوزراء على نفسه، حيث تتكشف لنا كل يوم فصول جديدة وممتعة من كوميديا الـ "الإصلاح"، وحيث تزداد الأسئلة وعلامات الاستفهام . ولكي نفهم أبعاد هذه المسرحية لابد من العودة إلى نقطة البداية،
وهي أن السيد رئيس العبادي ، وفي رده المنفعل على تظاهرات ساحة التحرير والمحافظات ، طالب الجميع بمنح الحكومة مهلة قصيرة وبعدها يمكن لكل معترض أن يتظاهر بل وينتقد أداء الحكومة.
وفى سرِّية تامّة بدأت الحكومة مسيرة "الإصلاح" ، وبدأت تتكشف خطوط المنجزات الكبيرة التي شرع العبادي بتنفيذها ، ثم بدأت التسريبات الإعلامية التي أخذ يطلقها مسؤول هنا ومسؤول هناك ، من ان ورقة الإصلاح تمت تجزئتها ، ثم اكتملت فصول المسرحية بتصريح أطلقه عضو دولة القانون جاسم محمد جعفر كاشفاً لنا "حزورة" الإصلاح ، قائلاً " : إن رئيس الوزراء سينتظر لغاية الخميس المقبل ليتسلم من الكتل السياسية أسماء الوزراء الجدد حسب الاتفاق لكي تكون بديلاً لوزير مقال من نفس الكتلة. "
إن وجود حيدر العبادي في موقعه رئيساً للوزراء يحتّم عليه أن يكون صريحاً مع الناس، ويحتّم عليه أكثر أن تخلو أحاديثه من الازدواجية والارتباك وهما السمتان اللتان انسحبتا حتى على أدائه خلال الأشهر الماضية وخصوصا في ملف الاصلاح ، الذي يفترض أنه سيتناول ملفات الفساد ، ويقدم المتسببين في كارثة الموصل الى القضاء ، ويطلق شعار من أين لك هذا ؟ لكن للأسف فإن معظم تصرفات العبادي أثبتت أنها ضد ما ينتظره المواطن من حكومته، وللدقة فإنها تأتي وكأنها استجابة لما يريده المسؤولون والمنتفعون والانتهازيون حصرا.
إصلاح العبادي يذكّرني بمثلٍ انكليزي شهير يتداوله أحفاد السيدة تاتشر. يقول ان هناك أربعة أشخاص أسماؤهم "كل واحد" و "أي واحد" و "لا أحد" والرابع اسمه "بعض الناس" ، وكان هناك أمر مهم يجب ان ينجز فطُلب من "كل واحد" أن ينجزه إلا أن "كل واحد" كان يتوقع من زميله "بعض الناس" ان يقوم به ، لكن"بعض الناس" غضب لأنها مهمة الزميل "كل واحد" وفكر ان "أي واحد" يمكن ان ينجز المهمة ، وبذلك كانت المحصلة ان "كل واحد" لام "بعض الناس" لأن "لا أحد" لم يفعل ما كان يجب ان يفعله "أي واحد".
لم تصل مخيلات واضعي المثل الانكليزي، الى مخيلة العبادي ، يستمر الذبح في الموصل ، والخزينة فارغة ، والجميع يسخر من أحلام الناس .واعذرونا، فرئيس الوزراء ، يحب الإصلاح والنوم فقط .
العبادي ولعبة "كلّ واحد" و "أي واحد" و "لا أحد"
[post-views]
نشر في: 21 مارس, 2016: 05:14 م
جميع التعليقات 1
بغداد
الشعب ضعيف هاي هية المشكلة والأنكى طريقة مطالبته بأسترجاع حقوقه المهضومة والمغتصبة من قبل العصابات المافيات الحاكمة طريقة مبكية محزنة جدا جدا وضعيفة جدا جدا خدعوه الذين اشرفوا على تنظيم هذه المظاهرات بأنكم اذا تظاهرتم كل جمعة ساعتين وهتفتم وعدتم بعد ساعتي