اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بدل مكافأتهم الحكومة تعاقب موظفيها المتقاعدين بتأخير إنجاز معاملاتهم

بدل مكافأتهم الحكومة تعاقب موظفيها المتقاعدين بتأخير إنجاز معاملاتهم

نشر في: 23 مارس, 2016: 12:01 ص

بقدر ما تحمل حكاية أم حسن زوجة المدرس جمال حسين المتوفى منذ 1979 من غرابة كونها أطول معاملة تقاعدية ما زالت اوراقها عرضة لمداولات ومكاتبات لم تنته لحد الآن ، فانها من جانب آخر تؤشر لمستوى ما يمكن ان يدفع به الروتين القاتل من يأس يجعل المواطن يتنازل ب

بقدر ما تحمل حكاية أم حسن زوجة المدرس جمال حسين المتوفى منذ 1979 من غرابة كونها أطول معاملة تقاعدية ما زالت اوراقها عرضة لمداولات ومكاتبات لم تنته لحد الآن ، فانها من جانب آخر تؤشر لمستوى ما يمكن ان يدفع به الروتين القاتل من يأس يجعل المواطن يتنازل برضاه عن ابسط حقوقه متحملاً ضنك العيش وقسوة الحياة .. وتبدأ حكاية السيدة زينب من المرض العضال الذي أودى بحياة زوجها الشاب والمدرس في احدى المدارس التابعة للمديرية العامة لتربية البصرة ليتركها مع قسوة الحياة هي وولدها الوحيد.. تقول لم افكر في البداية ومن هول الصدمة بشيء اسمه الراتب التقاعدي وتكفل بمعيشتي اهلي ..

ضنك العيش ووزارة التربية
بعد أقل من سنة نصحني البعض بمراجعة التقاعد غير اني لم احتمل تعقيدات الروتين اضافة الى ان المعاملة تحتاج الى مصاريف تفوق مقدار الراتب الذي سيصرف لي كون خدمة زوجي المتوفي تبلغ (17) عاما .. فاهملتها لهذا السبب  الى ما بعد 2003 كما تقول أم حسن حيث توهمت كغيري بان ابواب الخير ستفتح لنا نحن البسطاء فراجعت بعد ان استقرت الامور الامنية نسبياً لكن نفس العقلية وربما اسوأ كما ان الاضابير مفقودة وغير ذلك من الصعوبات .. فاصابني اليأس مرة اخرى وتركت كل شيء ..تواصل زينب حديثها وهي تحاول ان تحبس دموعها فتقول كنت كلما اشتد بي ضنك العيش اتوجه الى المديرية العامة والى التقاعد ولا أدري عدد المرات التي راجعت فيها وتضيع المعاملة او تهمل الى ان قررت ان اتوجه الى وزارة التربية في بغداد قبل حوالي اربعة اشهر حيث حصلت على ما يؤيد خدمته ورجعت الى المديرية العامة للتربية في البصرة حيث اجتهد احد الموظفين بانه لا راتب تقاعديا للمتوفين في التسعينيات بحسب القانون وهو رأي يناقض رأي الدائرة القانونية في الهيئة الوطنية للتقاعد التي أكدت استحقاقنا للراتب التقاعدي فما كان علي غير ان اتوجه الى مكتب شكاوى المواطنين في مكتب وزير التربية حيث بادروا مشكورين وبحسب كتابهم المرقم9062 في 17 /2 /2016 يطلبون منهم الاستفسار من مديرية تقاعد البصرة كونها هي الجهة المعنية بالمتقاعدين.

اختصار الحكاية والغرق بالديون
واضافت حمدت الله ان المعاملة روجت بعد طول صبر لكن فرحتي لم تكتمل بعد فما زال الروتين سيد الموقف وما زلت تائهة بين التقاعد والتربية وتم تبليغي اخيراً بانهم ارسلوا المعاملة الى الهيئة الوطنية للتقاعد ولا اعلم متى يأتي الجواب .. أم حسن اختتمت حديثها لتقول قصتها طويلة وطويلة جداً لكنها اختصرت الكثير من فصولها لتضيف بان هنالك عشرات ان لم نقل مئات الحكايات عن  ضحايا مآسي الروتين والضمائر الميتة .. ورفضت الحديث عن  عمليات ابتزاز وطلب رشى قائلة انا في وضع لايسمح لي بالمجازفة والحديث بمثل هذا الأمر وبلهجة بسيطة اخبرتنا ( انها غرقت بالدين ) من المراجعة وأجور السيارات !!

 ممنوع التصوير والتصريح !!
 حملنا هذه القصة وتوجهنا الى الهيئة الوطنية للتقاعد والى قسم شكاوى المواطنين اذ لم يكلف الموظف المختص نفسه ويرفع رأسه ويحدثني واكتفى بالقول يمكنك التوجه الى الدائرة القانونية لتجيب عن تساؤلاتك .. فغادرته الى قسم الاعلام بعد ان دفعتني هذه القصة ومعاملة موظف الشكاوى الى كتابة هذا التحقيق الصحفي فاشرت مسؤولة الاعلام الى كتاب على الجدار ينص على الزام الصحفي باستحصال موافقة الوزارة لاجراء اي تحقيق وأمام اصراري قالت يمكنك ان تلتقي بالمواطنين اصحاب المعاملات عند خروجهم من بناية الدائرة وممنوع التصوير أو اجراء اللقاءات من دون موافقة مسبقة من الوزارة !! وهو ما قمت به فعلاً مضطراً حيث اجريت عدد من اللقاءات في الشارع او عند مكاتب الاستساخ .

نؤيد حق أم حسن
دفعني الفضول والتعاطف مع قصة المواطنة زينب الى التوجه لغرفة الدائرة القانونية حيث عرضت عليهم القصة باختصار فاكد الموظف بان من حق المواطنة ان يصرف لها راتب تقاعدي ما دام زوجها متوفي اثناء الخدمة كما ان احتساب صرف مكافأة نهاية الخدمة تتم على وفق ما يستحقه اقرانه الان .. ونترك تقدير الامر لمن يهمه سواء في وزارة التربية او التقاعد ليرى كم يعاني المواطن جراء اجتهادات تؤدي غالباً الى تضييع ابسط حقوق المواطنين ..

مليون ونصف لانجاز معاملة !!
متقاعدة كانت تعمل في وزارة التجارة  طلبت عدم ذكر اسمها قالت اخشى اننا نظلم المعقبين او موظفي التقاعد لانهم ليسوا الوحيدين من يمارس هذا الفساد وقد طلبت الاحالة على التقاعد من دائرتي هرباً من ممارسات بعيدة عن شرف الوظيفة كما ان الفساد والرشى والاتاوات موجودة في جميع المؤسسات بما فيها المهمة فحتى الوزارات  والمناصب الرفيعة في بلادنا لها ثمن . وبصراحة اعد نفسي محظوظة لان معاملتي التقاعدية انجزت بحدود شهر بعد ان دفعت لاحد المعقبين مليون ونصف المليون دينار ... واضافت اما ان تدفع او عليك تحمل مشاق المراجعات والمماطلة وغير ذلك .
تعامل الشرطة أهون
اما شهاب محمود الموظف في هيئة الاعلام والاتصالات الذي التقيناه في محل الاستنساخ  فيقول : منذ اربعة اشهر وأنا من دون راتب فمنذ ان تم ترويج معاملتي التقاعدية وانا أراوح في مكاني ولاندري ما سر تأخير المعاملات التقاعدية في ضوء ثورة المعلوماتية.
وأضاف محمود: بصراحة اغلب موظفي التقاعد ينسون انهم في يوم ما سيكونون مثلنا لذا يتعاملون من دون احترام مع موظف كان ارفع منهم درجة وظيفية ولا يحترمون كبر سنه وعمره وخدمته. مشيرا: الى سيطرة الجيش عند جسر الشهداء وهو يؤكد ان الحديث والاستفسار مع الشرطة او اي مسؤول امني اظنه أهون من توجيه اي سؤال الى موظف التقاعد الذي لايجد غير لغة الصراخ في الأجابة عن اسئلة المتقاعدين !!

معقبون ومتقاعدون حائرون
اقتربت من ابو أحمد عباس نايف  الموظف السابق في وزارة الاتصالات وهو يخرج ضجراً فقال عمي اذا كنت معقباً فلا أملك فلوس وعندما اخبرته بهويتي انتقد الروتين الذي ما زالت تتعامل به دوائر التقاعد فتشجع الموظف على الفساد والتعامل مع معقبين معروفين وأوضح انه ومنذ سبعة اشهر يراجع يومياً القسم المدني الثاني ويبقى بانتظار ان ينادي الموظف على اسمه ليخبره عن نقص في معاملته او طلب صحة صدور من دون بارقة أمل بانجاز قريب لمعاملته .. ونفس القصة تقريباً رواها ابو وسام الشمري جمعة عبدالله من وزارة الكهرباء وسلام شرجي من وزارة التجارة  اللذان  اضافا : المشكلة الكبيرة هي في المعقبين والموظفين الذين يتعاطون معهم فنحن ندفع ثمن هذه السمسرة غير القانونية .. ولاندري اين التقصير هل تتحمله حقاً الدائرة التي كنا نعمل فيها والتي ترسل المعاملة وتؤكد انها من دون نواقص او في اقسام التقاعد التي ارهقتنا بطلبات صحة الصدور !!

ضحايا إرهاب وفساد
تقول يسرى حسين خلف وهي تراجع قسم ضحايا الارهاب : ان متابعة المعاملة في التقاعد ليست سهلة. مبينة: بعد ان اصبحنا ضحايا الارهاب بتنا من ضحايا الفساد ايضا، الذي يؤخر اتمام معاملاتنا. متمنية: لو يخصص المسؤول ساعة من وقته يومياً فيقوم بجولة مفاجئة وفق برنامج خاص لكل الاقسام في نفس البناية فيطلع مباشرة على مشكلات الناس ويساعد في حلها وسرعة انجازها . موضحة: ان اسهل شيء ان يتم ايقاف راتبك لتراجع وتبدأ سلسلة معاناة طويلة وكتابنا وكتابكم ومخاطبات بين التقاعد والنفوس او الرعاية الاجتماعية ومن الطبيعي ان تكون انت تحت رحمة المعتمد في هذه الدوائر لايصال الاجابات فلا يجوز للمواطن ان يأخذ الكتاب بنفسه لانه مشتبه به كمزور شهادات ووثائق .

أرقام واحصائيات ولكن ؟!
عبر موقعها الالكتروني وصفحتها في الفيسبوك اعلنت هيئة التقاعد الوطنية انها انجزت خلال شهر اذار 2016 ، قرابة (3512) احالة على التقاعد ، و(140685) معاملة تحديث بيانات المتقاعدين، و (7581) معاملة ادخال وكالة- وصايا - قيمومة ، (3072) معاملة ايقاف راتب+ قطع راتب ، و (5453) معاملة أطلاق راتب ، و(11181) معاملة نقل راتب متقاعد و(11107) أنجاز معاملات الورثة، و(307266) معاملة  صرف فروقات رواتب متراكمة ، و(987925) معاملة رواتب (بطاقة ذكية + يدوي) و(1270) قرارات اضافة خدمة ، و(1695) استقطاع.  ربما يكون حجم الارقام كبيرا جدا، اذ ما قورن بارقام شهر شباط والتي بينت قيام الهيئة،  باحالة الى التقاعد (16275)، تحديث بيانات (12974)، ادخال وكالة –وصاية - قيمومة (7846)، ايقاف راتب + قطع راتب (1935)، اطلاق راتب (7685)، نقل راتب متقاعد (1132)، استقطاع (7593)، تخصيص (9963)،  صرف فروقات رواتب متراكمة (40732)، تدقيق واطلاق رواتب (5809)، رواتب (بطاقة ذكية + يدوي ) (1.088.000). لو دققنا بالارقام خاصة الفقرة الاخيرة (البطاقة الذكية- يدوي) وعند جمع الرقمين لشهري اذار وشباط ينتج (2,072,925) معاملة وهو رقم كبير جدا قياسا بسير العمل البطيء في الهيئة؟! الامر الاخر لماذا التركيز على البطاقة الذكية المعروفة بـ(الكي كارد).

متفرقات ومشاهد مؤلمة
من يتجول في اروقة الهيئة الوطنية للتقاعد واقسامها  وكذا لحال في اقسام منح الكي كارد من الشركة المتخصصة وبرغم التطورات النسبية لبنايات الهيئة  فلابد ان تتلمس مستوى الألم والمهانة الذي يتعرض له المواطن للحصول على هويته التقاعدية او لمعالجة خلل عدم ظهور البصمة او شهادة الحياة للمسافرين في الخارج ناهيك عن معاملات النازحين المركبة حيث ان معاملاتهم كانت عرضة للحرق او الضياع في المحافظات التي دنستها عصابات داعش الارهابية ..

ووعود وشعارات
قد يكون حجم المعاملات التقاعدية التي يتجاوز عددها الثلاثة ملايين ونصف او خشية التزوير ذريعة عند البعض لتبرير التأخير في انجاز المعاملة التقاعدية غير ان العمل باعتماد شبكة معلوماتية حديثة من شأنه ان يقلص حلقات الروتين وينقذ المواطن من استغلال المعقبين ومن حقنا كمواطنين ان نسأل رئيس الهيئة الوطنية للتقاعد أحمد عبد الجليل عن ما تحقق من وعوده خلال افتتاح مؤتمر انطلاق الحملة الوطنية لتبسيط الاجراءات الحكومية في حزيران من عام 2015 عندما قال  انجاز المعاملة التقاعدية لايستغرق اكثر من خمس عشرة دقيقة ولايتجاوز في كل الاحوال الاسبوع .. مشيراً الى قيام الهيئة بتدريب مجموعة من موظفيها بينهم مهندسون في مجال الاتصالات وكل هذا يصب في تقليص الروتين .. من حقنا ان نتساءل عن كل الوعود التي سمعناها وعن شعارات ( حكومتكم في خدمتكم ) التي لم تجد ارضاً صالحة للتطبيق  .. المتقاعدون نموذج عن ما فعله الفساد في مؤسساتنا !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. احمد الجبوري

    الروتين المبالغ به من قبل بعض موظفي هيئة التقاعد يجعل من المراجع في حاله من اليأس وفي ذات الوقت يرى المحسوبيه امام انظاره تتداول وبشكل علني دون حياء . لاسيما وان المراجع لهذه الهيئه في امس الحاجه الى الراحه لا الى التعب وعدم الاحترام جراء مراجعته طويلة ا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram