اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ هرّب السوداني؟

مَنْ هرّب السوداني؟

نشر في: 22 مارس, 2016: 05:29 م

لا يستحقّ القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى أيّ كلمة شكر أو تقدير عما أفصح عنه أمس على أهميته، فالقاضي الذي كنّا ننتظر منه أن يقول الحقيقة كاملة اختار قول نصف الحقيقة، وهذا أمر ليس محموداً ، لأنه نوع من إخفاء الحقيقة.
في مؤتمر صحافي كشف بيرقدار عن أنّ السلطة القضائية كانت قد أصدرت أمراً بإلقاء القبض على وزير التجارة الأسبق فلاح السوداني ولم يُنفّذ، وأوضح "بعض القرارات أصدرها القضاء بوجود المتهم داخل العراق، كوزير التجارة السابق فلاح السوداني الذي صدر أمر بإلقاء القبض عليه وهو في بغداد"، وأضاف أن" المتهم بقي في العاصمة لمدة 10 أيام ، إلا أن أمر إلقاء القبض لم يُنفّذ، وأيضاً تمّ إصدار أمر بمنع السفر عليه"، وقال " إننا تفاجأنا بخروجه عن طريق آخر".
ما يؤاخذ عليه القاضي بيرقدار في هذا الخصوص أنه  لم يكن أميناً في قول الحقيقة، فهو يعرف، كما جميعنا نعرف، أن سلطة تنفيذ القانون كانت في ذلك الوقت بإمرة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي، ولابدّ أن المالكي هو مَنْ حال، شخصياً أو بواسطة مساعديه، دون تنفيذ الأمر القضائي بمنع السفر وإلقاء القبض على السوداني القيادي في حزب الدعوة الإسلامية.
وكما نعرف فإن السوداني كان يخضع لاستجواب أمام مجلس النواب عن قضايا الفساد التي جرّمه عنها القضاء لاحقاً، عندما أصدر المالكي فجأة أمراً بإعفاء السوداني من مهمته الوزارية ما أدى إلى عدم استمرار الاستجواب البرلماني. تلك الخطوة لم يكن لها سوى هدف واحد هو التستّر على فساد السوداني، فمن شأن استمرار الاستجواب كشف فساد السوداني أمام مجلس النواب وأمام الشعب.
لم تكن قضية السوداني فريدة من نوعها في عهد الحكومة السابقة التي سمحت أيضاً لوزير الدفاع الأسبق عبد القادر العبيدي بالهرب من البلاد في صيف 2012 بالرغم من وجود تحقيقات في قضايا فساد تخصّ وزارته، وبخاصة صفقة الأسلحة الأوكرانية. يومها أعلن العبيدي أنه ذاهب إلى الولايات المتحدة لعلاج ابنته المريضة وسيعود بعد ذلك، ولم يعد حتى اليوم!
القاضي بيرقدار ومجلسه الأعلى ملامان لأنهما لم يسعيا لمتابعة قضية تمكين السوداني من الهرب إلى خارج البلاد بملايين الدولارات التي نهبها من المال العام، برغم القرارات القضائية باعتقاله ومنعه من السفر. ثمة سؤال مركّب مهم يتعيّن على القاضي بيرقدار ومجلس القضاء الأعلى الإجابة عنه: كيف لم تسعَ السلطة القضائية إلى معرفة أسباب عدم تنفيذ أوامرها واجبة التنفيذ؟ وكيف لم تسعَ إلى معرفة مَنْ يقف خلف منع اعتقال السوداني وتمكينه من مغادرة البلاد؟ .. والسؤال ينسحب على قضايا عدة أخرى صدرت فيها الأوامر القضائية بالاعتقال ومنع السفر ولم تُنفّذ، ففرّ المعنيون بالأوامر إلى ما وراء الحدود، كلٌّ بالجمل وما حمل من ملايين ومليارات الدولارات!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. رحيم العكيلي

    استاذ عدنان يبدو انك نسيت ان فلاح السوداني هرب بطائرة اعدناها بجهود خاص لشيخ صباح الساعدي وتم القاء القبض عليه واصر القاضي عبد الامير الشمري على عدم اطلاق سراحه بكفالة لتسعة ايام تقريبا فقام المحمود باضافة قاضيين اليه كلجنة وفي اليوم التالي اصدر القاضيين

  2. محمد سعيد

    الحقيقه التي يجب توكيدها اننا نعيش في دوله ضاع عنها القضاء والقانون, حيث لدينا كما يبدو ميدانيا مجرد دكتاتور رئيس الوزراء لايحل ولايربط , تقمص شخصيه روبن هود في ظلال غياب المنطق والعقل الكامل من ناحيه , وحينما شاع الفرهود والسلب والنهب من ناحي

  3. فؤاد جهاد البغدادي

    إن الحديث عن الفساد المالي والإداري يجب أن يبتدأ بالسلطة القضائية. فالنظام القضائي كله متهم بالفساد وعدم الإستقلالية, وهذا لا ينسحب على الوقت الحاضر فقط بل يمتد الى النظام الصدامي, هل تسائلنا يوماً ماهي المعايير التي استند إليها عندما قام نظام صدام بتعيين

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram