هجوم بروكسل اعتداء على القيم الأوروبية استحوذت هجمات بروكسل على اهتمام الصحافة البريطانية، وخصصت لها الصحف الصادرة الأربعاء الصفحة الأولى ومساحات في الصفحات الداخلية، وتراوحت المواد المنشورة ما بين التقارير والتحليلات والافتتاحيات، وعكست خوف بري
هجوم بروكسل اعتداء على القيم الأوروبية
استحوذت هجمات بروكسل على اهتمام الصحافة البريطانية، وخصصت لها الصحف الصادرة الأربعاء الصفحة الأولى ومساحات في الصفحات الداخلية، وتراوحت المواد المنشورة ما بين التقارير والتحليلات والافتتاحيات، وعكست خوف بريطانيا من أن تتحول بدورها إلى هدف لهجمات تنظيم "داعش ".اذ صحيفة الفاينانشال تايمز جعلت عنوان افتتاحيتها "هجوم على بروكسل، وعلى القيم الأوروبية".ان "الهجمات في بروكسل هي بمثابة تذكير، إن كان هناك حاجة إلى تذكير بعد هجمات الجهاديين الأخيرة على باريس، كم هو سهل على الخلايا الإرهابية الهجوم على عصب المدن الأوروبية وشلها".وتتابع الصحيفة "ما ظهر على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" يشير إلى أن الهجمات الأخيرة هي من صنعه".وجاءت هذه الهجمات بعد أيام من اعتقال صلاح عبدالسلام في إحدى ضواحي بروكسل، والذي كان مطلوبا بسبب الاشتباه بمشاركته في هجمات باريس في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.وأشارت الافتتاحية إلى أن بروكسل ليست عاصمة بلجيكا فحسب بل هي عاصمة الاتحاد الأوروبي، الذي وضع أمام تحد ليثبت أنه قادر ولديه المرونة على الصمود في وجه الدولة الإسلامية.
وفي صحيفة الديلي تلغراف حملت الافتتاحية عنوان "الحرب الطويلة ضد الإرهاب" حيث تستهل الصحيفة افتتاحيتها بالقول "ليس من السهل تحديد وقت بدء هجمات "الإرهاب الإسلامي" على أهداف غربية، قد تكون البداية الهجوم على مترو باريس عام 1995، أو الهجوم على سفارات واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998. لكن الأكيد أن الحرب طويلة، وتستمر فترة أطول من الحربين العالميتين معا.وتتابع الصحيفة "الهجمات في بروكسل تذكرنا أن لا نهاية قريبة تلوح في الأفق".وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن هجمات بروكسل تلفت الانتباه إلى أن أجزاء العالم متصلة ببعضها البعض، حيث يتنقل الأشخاص والأفكار بنفس السهولة، سواء كان هناك اتحاد أو لم يكن، وبالتالي ليس هناك مبرر لاستخدام هذه الهجمات لدعم فكرة الخروج من الاتحاد الأوروبي أو العكس.اما صفحة الرأي في صحيفة التايمز فقد كتب روجر بويز مقالا بعنوان " الإرهابيون ملأوا الفراغ الذي تركه أوباما".ويقول الكاتب "إن عودة الجهاديين الذين تدربوا على صنع القنابل في معسكرات من الحرب السورية إلى أوروبا ينظر إليه من قبل الولايات المتحدة على أنه فشل أوروبا في منع عودتهم من شمال إفريقيا والشرق الأوسط".ويتابع قائلا "لكن الولايات المتحدة ليست محصنة من هجمات كهذه ولا هي خالية من المسؤولية، فانسحابها من هذه المناطق المضطربة هو الذي شجع الجهاد، وكذلك شجعه اعتقاد أوباما أن بإمكان الولايات المتحدة الاكتفاء بالتعامل مع القضايا الكبرى للحرب والسلام".بينما قالت صحيفة الإندبندنت في افتتاحيتها "بإمكانك أن تعرفهم من اختيارهم لأهدافهم، الأهداف في بروكسل تذكر بالهجمات في باريس في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث كان القتل عشوائيا، لكن اختيار الأهداف لم يكن مصادفة".وتتابع الصحيفة "في باريس كان المستهدف هو نمط الحياة الغربي، خاصة التسامح، واستمتاع الشباب العلماني المدني المتعدد الثقافات بالحياة، أما في بروكسل فكان المستهدف طابعها الدولي والاتحاد الأوروبي".وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع أصوات في بريطانيا وأماكن أخرى في أوروبا للربط بين الهجمات والهجرة وسياسة الحدود المفتوحة في أوروبا والتسامح مع الأقليات المسلمة، بينما تحدث البعض عن القصور الأمني، وخصوصا في بلجيكا.و في صحيفة الغارديان فقد كتب إيوين ماكأسيل تحليلا يناقش فيه احتمالات تعرض بريطانيا لهجمات مماثلة.ويقول الكاتب إن "الأجهزة الأمنية في بريطانيا تتوقع أن تتعرض البلاد لهجمات مشابهة للتي وقعت في بروكسل، والمسألة مسألة وقت".وتقول الأجهزة إنها "كشفت وأبطلت سبع هجمات، لكنها لن تتمتع بالحظ في كل مرة".
لماذا ضرب داعش بروكسل؟
لماذا تعرضت بروكسل لهجوم؟ سأل الكاتب آدم تايلور في صحيفة "واشنطن بوست"، محاولاً في معرض الإجابة على هذا السؤال أن يلقي الضوء على التفجيرات الإرهابية التي تبناها داعش، معتبراً أنه تحوّل صادم في الأحداث، ولكن بالنسبة الى من يراقب المدينة عن كثب في الأعوام الأخيرة، لم تكن الهجمات مفاجئة تماماً.ويقول تايلور إن سمعة بروكسل تشوّهت أخيراً بسبب صلاتها بالتطرف ومخططات الإرهابيين. وان هذه الصلات اهتزت الأسبوع الماضي عندما ألقت السلطات البلجيكية القبض على الإرهابي المشتبه فيه صلاح عبد السلام في حي مولنبيك ذي الغالبية المسلمة ببروكسل. وعبد السلام (26 عاماً)، هو آخر المتورطين المعروفين في هجمات باريس التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً تبناها داعش. وهو مواطن فرنسي من أصل مغربي، مولود في بروكسل وانتقل أخيراً للعيش في مولنبيك مع عائلته وأخيه البكر ابرهيم (31 عاماً) الذي فجر نفسه في هجمات باريس. وكان معروفاً منذ أشهر أن عبد السلام انتقل إلى بلجيكا عقب هجمات باريس، لكن السلطات البلجيكية لم تعثر إلا قبل أسابيع على طرف الخيط الذي أدى الى إلقاء القبض عليه مع شريك له. وإذ اعتبر القبض على عبد السلام نجاحاً، تبين أيضاً أن المشاركين في هجمات باريس أكثر مما كان يُعتقد. والمقلق انه كانت ثمة مؤشرات أن عبد السلام وشبكته تخطط لمزيد من الهجمات. وحتى الآن، ليس واضحاً ما إذا كانت ثمة علاقة بين الإرهابي الفرنسي وهجمات الثلاثاء، ولكن من البديهي أن يفكر كثيرون باحتمال كهذا. فبعد هجمات باريس، تبين أن زعيم العصابة عبد الحميد أباعود هو مواطن بلجيكي، وقد قتل في عملية دهم بضاحية باريسية بعد الهجمات. وأُغلقت بروكسل بضعة أيام بعدما تبين أن عبد السلام تسلل إليها خلسة عبر الحدود الفرنسية بعد ساعات من هجمات باريس. وحتى بعدما خففت الإجراءات الأمنية في بروكسل، حذر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال من أن التهديد لا يزال "خطراً وداهماً". وقبل الغارة التي اعتقل فيها عبد السلام، أوقف جهاديون مشتبه فيهم. ويذكَر الكاتب بأنه مع صعود داعش، سافر نحو 500 بلجيكي إلى سوريا والعراق للالتحاق بالجهاديين، الأمر الذي جعل بلجيكا أكبر مصدّر أوروبي للمقاتلين الأجانب الى التنظيم. واتُهمت مجموعة تطلق على نفسها "الشريعة من أجل بلجيكا" بقيادة الداعية فؤاد بلقاسم، بالاضطلاع بدور مركزي في تجنيد هؤلاء الشبان. وقد أقام مجندون محتملون آخرون روابط مع هذه المجموعة عبر الإنترنت. وفيما بقي معظم هؤلاء المقاتلين في سوريا والعراق أو ماتوا في القتال، فإن آخرين عادوا إلى أوروبا. وتعتقد السلطات البلجيكية أن نحو مئة منهم دخلوا البلاد، بينهم أباعود.وتواجه الحكومة البلجيكية مشكلة في احتواء الخطر الذي يمثله هؤلاء المقاتلين وآخرون يتعاطفون مع داعش. وتعرف بلجيكا أيضاً بأنها ملاذ إقليمي لتهريب السلاح، لكن الحكومة القائمة على ثنائية لغوية وثقافية، لا تسهل مهمة المحققين.