تناول الفنانون مختلف جوانب الحياة في أعمالهم، منها الفصول. إذ سحر الانسان تتابع الفصول، فابتكر الأساطير وبنى تصوراته الدينية الأساسية ارتباطا بتعاقب الفصول (مثل الموت والولادة، الانبعاث). ونحن نستمتع إلى اليوم بكونشرتات فيفالدي المسماة الفصول الأربعة
تناول الفنانون مختلف جوانب الحياة في أعمالهم، منها الفصول. إذ سحر الانسان تتابع الفصول، فابتكر الأساطير وبنى تصوراته الدينية الأساسية ارتباطا بتعاقب الفصول (مثل الموت والولادة، الانبعاث). ونحن نستمتع إلى اليوم بكونشرتات فيفالدي المسماة الفصول الأربعة (كونشرتات الكمان رقم رويوم 269، 315، 293 و 297 التي طبعت في أمستردام سنة 1725)، ونطرب للكورسات الجميلة في أوراتوريو هايدن المسمى الفصول (1801) وهي من أواخر أعماله العظيمة.
لكن تشايكوفسكي (1840 – 1893) لم يتبع هذين العملاقين في استعمال القوالب الموسيقية، بل مال إلى عملاق آخر، هو روبرت شومان في استعمال مقطوعاته القصيرة للبيانو في تصوير الطبيعة. فقد طلبت مجلة موسيقية من تشايكوفسكي في 1875 – 1876 أعمالا موسيقية يؤلفها كل شهر، فألف عمله "الفصول" (عمل رقم 37 آ) للبيانو. اثنتا عشرة قطعة، قطعة لكل شهر من أشهر السنة. وقد أطلق على القطع أسماء أو أوصاف إلى جانب العنوان الرئيسي الذي يتكون من اسم الشهر. فعنوان كانون الثاني كان "عند الموقد"، يليه "الكرنفال" ثم "اغنية العندليب" في شهر آذار، بعده نيسان "وردة الثلج"، وأيار "الليالي الصافية" كناية عن الليالي البيضاء، وحزيران "أغنية البلاّم (الملاّح)" وتموز "اغنية الحصاد" وآب "الحصاد" وأيلول "الصيد" وتشرين "أغنية الخريف" ثم تشرين الثاني "ترويكا" وأخيرا كانون الأول "عيد الميلاد". وتعد مقطوعة حزيران من القطع التي اشتهرت لغنائيتها، فجرى توزيعها لأوركسترا أو أدوات اخرى مختلفة، واستعملت كموسيقى مصاحبة. أما قطعة الترويكا (وهي العربة الروسية التي تجرها جياد ثلاثة) فكانت القطعة المفضلة لدى الموسيقي سرغي رخمانينوف (1873 – 1943) يقدمها في ختام حفلاته عند الحاجة (وهذا يسمى المزيد أو الاضافة، بالفرنسية encore). ورخمانينوف كان عازف بيانو بارعاً، واختياره هذه القطعة لم يكن صدفة، فالقطعة تتميز بصعوبتها التقنية. وكان رخمانينوف يتمتع بيدين هائلتين ساعدتاه على أداء القطع الصعبة.