TOP

جريدة المدى > تحقيقات > نازحو الموصل . . مغامرة الموت بحثاً عن الحياة

نازحو الموصل . . مغامرة الموت بحثاً عن الحياة

نشر في: 26 مارس, 2016: 12:01 ص

أحمد القطان ناشط مدني من مدينة الموصل اضطرته ظروف المدينة الى الهجرة والهرب من عصابات داعش في احد ايام شهر تشرين الثاني من العام الماضي 2015 وبعد ان وصل الى تركيا قادما من مدينة الموصل عبر طريق مليء بالمخاطر والرعب والموت اتصل به احد التجار ممن يمتهن

أحمد القطان ناشط مدني من مدينة الموصل اضطرته ظروف المدينة الى الهجرة والهرب من عصابات داعش في احد ايام شهر تشرين الثاني من العام الماضي 2015 وبعد ان وصل الى تركيا قادما من مدينة الموصل عبر طريق مليء بالمخاطر والرعب والموت اتصل به احد التجار ممن يمتهنون تهريب الناس، اذ اخبره بالوقت المحدد لركوب البحر باتجاه اليونان حيث كان الباص محملا بقرابة (٣٥) شخصا بينهم نساء واطفال ورجال يحملون الحقائب الخفيفة، استمرت الرحلة ست ساعات دون ان نعلم النقطة الاخطر بالموضوع حيث كانت الشرطة التركية تراقب الطريق  مما اضطر سائق الباص الانتظار في احد المزارع الجبلية لمدة ثلاث ساعات تقريباً، وعند شروق شمس اليوم التالي بدت رحلة الاختباء والظهور كي لايقلى القبض علينا، اذ استطاع السائق وبعد مغامرة شاقة ان يصل بنا الى البحر حيث كانت جزيرة (متليني) اليونانية تلوح بالافق.

 خوف النساء والاطفال
أحمد تحدث لـ(المدى) قائلا: في الصباح الباكر كان منظر البحر هادئا حيث انطلقت اكثر من (٧) زوارق (چوب) تحمل العشرات من اللاجئين كان المهربون يفعلون كل شيء من اجل اقناع الناس الصعود الى الزوارق. مضيفا: وقت الظهيرة بدأ موج البحر يتحرك اكملنا الچوب حيث حملوا عليه ما يقارب (٤٦) شخصا اطفالا ونساءً ورجالا وحقائب. متابعا: وسط صراخ الاطفال والنساء وخوفهم قطعنا منتصف الطريق، حتى جاء خفر السواحل التركي بمركبة كبيرة ( باخرة ) يصرخون علينا توقفوا (Stop) ونحن نرد عليهم اننا مظلومين اتركونا نكمل مسيرتنا من فضلكم اتركونا وبعد معاناة ومحاولة ايقافنا اكملنا طريقنا نحو الجزيرة بدأت امواج البحر ترتفع ومعه يرتفع الخوف وسط بحر متلاطم الامواج.

الحصول على الخارطية
واسترسل الشاب أحمد بسرد رحلته مع عائلته: وصلنا ساحل الجزيرة اليونانية حيث تم استقبلنا من قبل حرس الخفر اليوناني وبعض المتطوعين من اللاجئين اضافة الى جهات صحفية. مضيفا: نزلنا من الزورق (الچوب) اخذنا قليلاً من الراحة اتصلنا باهلنا كي نطمئنهم على سلامة الوصول. مبينا: ان رحلة البحر استغرقت ثلاث ساعات تقريبا.
وتابع القطان: وصلنا الى مطعم استرحنا قليلاً حيث اقلتنا إمراة ايطالية تعمل بسيارة اجرة طلبت 20€ للشخص الواحد. منوها: انهم حصلوا على مايسمى (الخارطية) وورقة بيانات واكمال بقية الاجراءات لاجل الحجز بالباخرة المتوجهة الى العاصمة اليونانية اثينا. مبينا: انهم انطلقوا الساعة 10 من مساء بعد أخذ قسط من الراحة حيث وصلوا صباح اليوم التالي واستقلوا الباص نحو الحدود المقدونية.

ثلاث دول ببطاقة
واستطرد الناشط المدني: وصلنا الحدود اليونانية المقدونية تقريباً الساعة (10) مساءً انتظرنا بطابور طويل مايقارب ثلاث ساعات ثم جاء شخص مسوؤل على ما يبدو الى الباص وقال ستنزلون بعد قليل وتصطفون بخط واحد وتدخلون نريد منكم الهدوء والانتظار حتى المناداة برقم كل واحد منكم لاجل العبور سيرا.  مضيفا: انتظرنا في المخيمات حتى نؤدي علينا حيث سمحوا لنا بالعبور سيرا ما يقارب (٢٠) دقيقة وصلنا الحد المقدوني حيث استقبلنا عسكريون وبعض موظفي الصليب الاحمر.  
واضاف القطان: انتظرنا الى ان اكملوا لنا اوراق الدخول فسمحوا لنا بالعبور ما بين الساعة (9 – 11) صباحاً سيراً على الاقدام لمسافة قليلة. مردفا: بعدها استأجرنا سيارات تكسي الى حدود صربيا والأجرة لشخص الواحد 20€. لافتا:  بعد ساعتين تقريبا وصلنا حدود صربيا واستقبلنا من قبل موظفي الصليب الذين يقمون باجراء فحوصات طبية وتقديم الطعام والشراب انطلقنا بعدها سيراً على الاقدام ما يقرب ساعتين الى كمب صربيا كي نكمل ورقة الدخول من ثم نتجه بالباص مباشرة الى كرواتيا.

اجراءات وتنقل مستمر
أحمد اكمل قصته قائلا: بعد رحلة تنقل بين عدة دول وصلنا الى معسكر كبير بالقرب من حدود النمسا بقينا ليلة كاملة في قاعات كبيرة مختلطة. متابعا: في الصباح اصطففنا بطابور واخبرونا ان علينا السير مسافة (٣٠) دقيقة كي ندخل النمسا حيث تم استقبالنا من قبل الجيش وادخلنا في الخيم. مشددا: عند العصر تقريبا نقلتنا الباصات الى كمب نبيت به الليلة وفي اليوم الثاني أقلتنا سيارة مجانية الى حدود. مبينا: كان استقبال جميل من قبل شرطة الحدود بعبارة اهلا وسهلا بكم في المانيا (Well come in German) اصطحبونا الى خيمة قاموا باجراء روتيني وبعدها انتظرنا الى الليل وجاء القطار لكي يأخذنا الى احد مدن المانيا حيث الكمب والاستقرار كبداية للامر.

عودة ثانية للوطن
في المقابل دفعت اسباب مختلفة بعض العوائل الى اختيار طريق العودة للعراق واغلبها استقر في اقليم كردستان بعد وصوله. ويقول رب احد العوائل العائدة  ابو حسام لـ(المدى): الحرية المطلقة في اوروبا كانت سبب رجوعي بعائلتي للعراق للحفاظ عليها من هذا المجتمع المتحرر جدا الذي لا يمكنني فيه تربية ابنائي بشكل صحيح فالقانون في اوروبا يمنعني من محاسبة ابني المراهق او ابنتي ويطلق الحرية لهم في كل شيء وحتى المبيت خارج المنزل او تركه نهائيا وهذا يتناقض مع تربيتنا العربية الاسلامية. مضيفا: هذا الى جانب صعوبة العيش هناك من الناحية الاقتصادية والمادية، مبينا: ان الخطوط الجوية العراقية وفّرت لبعض العراقيين تذاكر سفر للعودة الى ارض الوطن باسعار مناسبة حسب قوله.

خيبة أمل باللجوء
من جانبها عبّرت المواطنة ام فراس عن خيبة آملها بعد وصولها وعائلتها الى المانيا عن طريق التهريب بسبب عدم الحصول على موافقة اللجوء وقلة فرص العمل واختلاف نمط الحياة وعدم القدرة على الاندماج في البلدان الاوربية رغم توفر الأمن وسبل الاستقرار. وذكرت لـ(المدى):: اوروبا ليست خالية من المنغصات وهي ليست الجنة الموعودة لطالبي اللجوء كما كنا نحلم بذلك. متابعة: لكثرة عدد اللاجئين فان بعضهم  يسكن في غرف مشتركة مما يجعلهم لا يشعرون بارتياح كما ان معظمهم بلا عمل لذلك قررت العودة وتحمل المخاطر داخل الوطن افضل من الاذلال والصعوبات التي واجهتنا في الغربة رغم اننا قاسينا جدا وخاطرنا بحياتنا اثناء الرحلة من العراق وحتى الوصول الى المانيا وبتكاليف مادية مرتفعة جدا اذا دفعنا للمهربين (10000) دولار اميركي عن كل شخص .

إعادة اجبارية للوطن
فيما لفت الشاب أحمد خضير بحديثه لـ(المدى): بعد عودته الى تركيا من المانيا الى ان طلبه باللجوء قد تم رفضه لان اوراقه الثبوتية تشير الى ان مسقط رأسه ومكان تواجده وعيشه في محافظة عراقية جنوبية تنعم بالامان والاستقرار لا تستوجب الهروب منها والبحث عن مناطق آمنة بعيدا عن الارهاب والمخاطر كما اشار في قصته التي رواها للجهات المختصة في المانيا. مبينا: سيتم اعادة العديد من طالبي اللجوء اجباريا الى العراق لعدم قناعة هذه الجهات برواية سفرهم ولجوئهم الى الدول الاوروبية حسب قوله .
 خطوات للحد من النزوح
ناشطون وخبراء في الاجتماع دعوا الحكومة العراقية الاسراع باتخاذ خطوات واجراءات من شأنها معالجة ازمات البلاد المختلفة وخاصة الامنية منها ما سينعكس بالتالي على الحد من هجرة الشباب والعقول وروؤس الاموال الى خارج البلاد وخسارة الوطن لهذه السواعد الشابة في وقت يحتاج فيه الى همتهم في اعادة بنائه من جديد بعد تخلفه عن الركب العالمي في شتى المجالات بسبب ظروفه الاستثنائية وقال الباحث الاجتماعي فاضل محمود لـ(المدى): على الوزارات المعنية الاستفادة من الاستشاريين والمعنيين في الجامعات العراقية ومراكز البحوث والخبرات الدولية للحد من حالة النزوح الجماعي التي يشهدها العراق بحيث تحول البلد الى ارض طاردة لمواطنيه وخاصة فئة الشباب والكفاءات تحت ضغط تفشي الارهاب والبطالة والازمات المختلفة الاخرى. مضيفا : اذا بقي هذا الحال على ما هو عليه فان ازمات جديدة ستشهدها البلاد في المستقبل القريب بعد افراغها من شبابها وعقولها وعليه نحن ندق ناقوس الخطر في هذا المجال خاصة وان العراق يمر بمرحلة استثنائية من تاريخه تستلزم تضافر جهود حكومته ومواطنيه لانقاذه من واقعه المتردي وحصة فئة الشباب لها النصيب الاكبر في هذا الجانب لاسيما وإنهم عماد المستقبل.

احصائيات عالمية للاجئين
وبحسب احصائيات يقدر عدد اللاجئين حاليا على حدود مقدونيا ومن مختلف الجنسيات وبينهم نسبة كبيرة من العراقيين بحدود (12) الف لاجئ يسكنون في خيم بالعراء دون تدفئة او خدمات كما يقول الناشط سعد محمود. حيث ذكر لـ(المدى) ان حالة اللاجئين العالقين منذ اكثر من شهر مزرية والخدمات ضعيفة وخاصة الطبية مما ادى الى انتشار بعض الامراض ولاسيما الجلدية منها.
كما كشفت تقارير صحفية عالمية وبحسب دوائر الهجرة في فنلندا عن رغبة (70 %) على الأقل من طالبي اللجوء العراقيين هناك بالعودة إلى بلادهم بسبب عوامل عدة أبرزها المناخ ، فيما تشير إحصائيات هذه الدوائر إلى أنه من أصل (3700) ملف لجوء عراقي درس في 2015، تم حفظ أكثر من (2600) منها بعد أن سحب أصحابها طلب اللجوء أو أنهم اختفوا ، واللافت أن هذه المعلومات تأتي بعد أيام قليلة على إعلان وزارة الخارجية الألمانية أن أكثر من ألف مهاجر عراقي في ألمانيا يريدون العودة إلى العراق ، وقالت الوزارة إن السفارة العراقية في برلين أصدرت (1400) جواز سفر لمهاجرين عراقيين يرغبون بالعودة إلى بلادهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram