TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإصلاح الحكومي لإنقاذ كرتنا

الإصلاح الحكومي لإنقاذ كرتنا

نشر في: 26 مارس, 2016: 05:30 م

بعد فشل منتخبنا في انتزاع بطاقة التأهل المباشر للدور المونديالي الحاسم أمام منتخب تايلاند، وتمرّغ سمعة البلد رياضياً في مهمة وطنية عجز اتحاد كرة القدم في إدارتها بالصورة المشرّفة، ألا يَحق لنا المطالبة بإدخال ملف الاتحاد ضمن حملة الإصلاح الحكومي الجارية حالياً لكل مفاصل الدولة بما فيها قطاعات المؤسسات غير الرسمية كونه يشرف على لعبة ذات تأثير اجتماعي مؤجِّج لمشاعر الاحباط والحقد والشغب بين الوسط الجماهيري بُعيد كل إخفاقة للوطني؟
كيف يجوز الصمت أمام هدر جزء من ميزانية الدولة على مشروع اتحاد فشل بتأهيل المنتخب في أسهل مجموعة وهو ليس الفشل الأول من هذا النوع، ولماذا تتحمّل الملاكات التدريبية مسؤولية الإقصاء والانتكاسة كل مرة ويتظاهر اعضاء الاتحاد بأنهم سيتفادون الخيبة وما هم بصادقين؟
إن أسوأ ما بشّرت به الديمقراطية هو انتخاب شلّة منتفعين من الأسفار والمُبذّرين بالمُنح الدولية والقارية، وليتهم يعتذرون أو يعترفون بعدم قدرتهم على النجاح المنظور في برنامج خططي يضيف مُنجزات ملموسة وليس ما يَشفق به الحظ على لاعبي الفئات العمرية الذين يحوم حولهم لغط كبير لم يتوقف منذ عام 2003 نتيجة إهمال الدوريات الخاصة بهم أو عدم المراقبة الحثيثة لأعمارهم عند إقامتها في بعض المواسم.
أما على مستوى المنتخب الأول، فالصدمات متوالية ما بعد إنجاز أمم آسيا 2007 ، لم يُسجل الاتحاد الحالي وسلفاه أيَّ مؤشر ستراتيجي يُدحِض قناعة المنصفين بعدم جدوى جثوم أعضاء الاتحاد على صدر اللعبة وبعضهم استهوته اتفاقات فندقية للتنسيق الكتلوي بهدف الفوز بثقة الهيئة العامة كل أربع سنوات يؤشر احتكاراً فاضحاً وطامعاً لسلة المنصب برغم إقرار الطامع نفسه بأنه عجز عن مجاراة التطوّر اللافت في دول المنطقة وراح يستنسخ منهجه العقيم ويجترّ ذات المبررات الواهية المُتصلة بأوضاع الوطن ومخاطر التهديد الشخصي من جهات غير رياضية إذا ما إضطر لإصلاح الخلل في دائرة الحكام أو المدربين أو الدوري بدلالة اقتحام أنفار من مشجعي أحد الاندية الجماهيرية مرتين مقر الاتحاد، مرة احتجاجاً على آلية نظام بطولة الممتاز ومرة أخرى لإبطال مقترح ترحيل النقاط الى النخبة الأمر الذي دفع رئيس الاتحاد للتفكير الجاد بنقل المقر الى مكان آمن.
نريد اتحاداً - لا نعني زمناً ما - يقوده رئيس شجاع ومؤمن بمصلحة اللعبة ومُدافع عن حقوقها أينما كانت ولا يُرهنها للمساومة على استحقاقات انتخابية تستفيد منها أطراف خليجية أو قارية أو دولية، نريد رئيساً – دون أن نقصد شخصاً بعينه - يُقدِم على التعايش مع الأكفاء حتى لو كانوا أفضل منه، لأن خبراتهم تعزز قيمته كمسؤول وتدعوه للتمسك بهم لا النفور منهم ومحاربتهم وتقريب أنصاف المتعلمين بغية تجنّب الإصابة بلعنة الفارق العلمي ونوبات الشعور بالجهل والخجل برئاسته نخبة الدكاترة ونوابغ كرة القدم أو أكثر ممارسة وتجربة منه على أقل تقدير .
نقول كلمتنا هنا من أجل كرة القدم العراقية، سواء تأهل المنتخب الوطني لمديات أوسع في رحلة المونديال وأمم آسيا أم تعثّر وخاب، نريدُ اصلاحاً واقعياً يتكاتف المعنيون في الاندية والمؤسسات ذات العلاقة بتحقيقه، لتُشكّل لجنة إصلاح مُتمرسة بمتابعة دقائق الملفات العالقة عن كرة القدم ومراجعة النظام الداخلي بنسختيه الأصلية "عربيا" والمُحرّف بها "انكليزياً" في دُرج الفيفا، وكذلك فتح التحقيق بكيفية إدارة مجلس الاتحاد المُساق أبرز قادته (الرئيس ونائبه وأمين السر) إلى محكمة كاس لشؤون انتخاباته وتصرّفه بلائحتها من دون حضور ممثل الاتحاد الآسيوي الهارب بفعل تهديد مجهول؟!!
إذا ما تم ضبط ملف اتحاد الكرة بحكمة إدارية وقانونية تُرفع النتائج إلى مجلس الوزراء لإصدار قرار يحمي أموال الحكومة كما فعلت الكثير من حكومات أميركا الجنوبية مثلاً لا حصراً بإيقاف مسؤولين بتهمة التلاعب وعدم النزاهة وغسيل أموال وبيع أصوات وهدر الميزانية على صفقات خاسرة ولم تتخوف تلك الحكومات من تبعات موقفها امام فيفا لأن الأخير يتفهم دوافعها لحماية نزاهة اللعبة من الفساد والسلوك المنحرف عن المنهج والبناء بدءاً من مشروع مهرجان الرؤية إلى كبريات البطولات المحلية والقارية والأولمبية والعالمية.
نطالب بمراجعة شاملة لأبرز الأخطاء الكارثية التي يتحملها عدد كبير من اعضاء مجلس الاتحاد الحالي لتمثيلهم اتحادي حسين سعيد وناجح حمود (2004- 2014) وتكفي ملفات - النرويجي أولسن والبرازيليين فييرا وزيكو وحكيم شاكر وقبلهم الصربي ميلان الذي لم يعثر على قصاصة صحيفة عراقية (يقصد البعث الرياضي) نشرت تصريحاً لمسؤول في الاتحاد (احمد عباس) يُعلن فيه إقالته من مهمته - لإدانة الاتحاد بإضاعة أموال العراق بشرط الجزاء!
هي أخطاء إدارية ناجمة عن قلّة الخبرة واللا ابالية مثل ضياع مدة الشكوى القانونية ضد الاتحاد القطري لمشاركة لاعبه إيمرسون في تصفيات كأس العالم 2008 خلافاً لضوابط تمثيل اللاعب المجنّس لوطنه البديل، وإقصاء منتخب الناشئين من نهائيات أمم آسيا بسبب مشاركة الحارس أحمد علي (مواليد 1992) في دورة سابقة، وحرمان المنتخب الأولمبي من مواصلة مشواره في تصفيات دورة لندن عام 2012 بقرار من فيفا عدّه خاسراً أمام المنتخب الإماراتي بسبب مشاركة المدافع فيصل جاسم في مباراته الأولى أمام المنتخب نفسه بتاريخ 27 تشرين الثاني 2011 على الرغم من حصوله على إنذارين في مباراتين سابقتين!  
لن ننشد توريط الحكومة في تفجير أزمة مع فيفا مثلما يُحذّر المنتفعون من الفوضى السائدة في انشطة كرة القدم، لكننا نبحث عن ماهية الدوافع التي تدعو الطرف الحكومي للصمت أزاء تورّط اتحاد الكرة في خروقات إدارية عرّضت سمعة البلد أمام العالم إلى نعوت غير لائقة أقل ما يصدر عن المتضررين منها هو التشهير بعدم نظافة أجواء العمل مع الكرة العراقية وهم كُثر، ليس أولهم زيكو الذي قال " إن رئيس اتحاد الكرة ناجح حمود أحد أسباب إخفاق اسود الرافدين في التأهل لكأس العالم 2014 ، فالاتحاد تعاقد معي للعمل كمدير فني لمنتخب عريق وليس لتنفيذ الأوامر وإذا كانت تلك رغبة مسؤولي الاتحاد لماذا لا يقوموا هم بالتدريب؟" ولم يكن زميله البوسني جمال حاجي آخر المدربين الممتعضين من عدم ملاءَمة الظروف المحيطة بعمله بعدما حل ضيفاً في بغداد ليلة ونصف قبل أن يهرب لأسباب فشل الاتحاد في إيجاد مبررات مقنعة برغم تأكيده حسم الاتفاق مع حاجي عبر وكيله للمباشرة بالتدريب وليس للتقصّي عن طقس بغداد وتذوق السمك (المسكوف)!
دعوة لحكومة الدكتور حيدر العبادي أن تأخذ بنظر الحسبان ما آل اليه واقع الرياضة العراقية وفي جانب مهم منه كرة القدم من تداعيات مؤلمة تنذر بمخاطر في المستقبل لتبادر برعاية مؤتمر انقاذ تُفتح فيه طاولات الحوار لجميع الشخصيات الكروية في الداخل والخارج ممن كان لهم دور ستراتيجي مؤثر على صعيد مكاتب الاتحادات الدولية والعربية مع تعشيق جهود الخبراء والأكاديميين ورؤى الإعلام الرياضي للخروج بتوصيات تحمي قرار الإصلاح العراقي الرياضي من أية عواقب وخيمة تُعلّق أنشطته الخارجية قد يلجأ اليها من يدفع ضريبة السقوط المروّع!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram