TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نافذة على العالم: زلزال هاييتي.. ومشاكل المناخ

نافذة على العالم: زلزال هاييتي.. ومشاكل المناخ

نشر في: 20 يناير, 2010: 06:20 م

محمد مزيدالكارثة التي حلت بأهل هاييتي لاتقاس بأي كارثة مرت بها من قبل، حيث ينقل المراسلون مشاهد مؤلمة، هزت الضمير الإنساني، وصور البشر المدفونين بين الانقاض او تحتها، ومن كان في الرمق الاخير من الحياة، ومن اسلم الروح الى الموت، جثث نساء ورجال واطفال انتشرت في الشوارع ولا احد بمقدوره أن يرفعها، لا احد يستطيع ان يتفرغ للموتى، وصرخات تعلو في كل مكان،
 دعوهم لشأنهم، لان الاحياء مازالوا تحت الأنقاض، وهم الأكثر حاجة إلى المساعدة من التفرغ لدفن الموتى، فيما التقارير تؤكد ان عدد ضحايا الزلزال اقترب من الرقم 200 الف إنسان، وهناك من لم تصل اليه يد المساعدة لانتشاله، حيا او ميتا من تحت المباني التي عصف بها الدمار. المشاهد التي نقلت من ارض الكارثة قد لاتعبر بشكل حقيقي عن حجم تلك الخسائر التي تعرض لها هذا البلد الفقير، حيث حسب ما نقلت وكالات الأنباء العالمية، لم يسلم حتى القصر الرئاسي من الدمار، الذي يفترض ان يكون اكثر تحصينا، ولكن خسائر الدمار المادية لاتقاس بمقياس الربح والخسارة، بقدر ما تركته وستتركه آثارها من جروح غائرة في النفس الهاييتية، حيث نُقل ان اباء يلوذون في الشوراع بحثاً عن فلذات اكبادهم من دون فائدة ترجى، ونساء كن يرضعن اطفالهن فيما يد الموت امتدت لتخطف الرضع من أحضانهن، وأطفالاً اخوة، بعضهم بقي على قيد الحياة وآخرين انتقلوا الى الرحمة الأبدية، ولا يعرف هؤلاء الأطفال لماذا جرى ما جرى، ولا يعرفون اين ذهب أخوانهم. فصل المأساة لم ينته عند هذا الحد، فقصة تأخر المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية، كانت مثار سخرية الناس في هاييتي، اذ بعد خمسة أيام، تأتي تلك المساعدات وبشكل محدود، ليس كما توقع الناس بعد الذي سمعوه من الاذاعات من ان العالم كله هب ليساعدهم في محنتهم، والعذر الذي اطلقه المسؤولون عن سبب تأخرها ان ابراج المراقبة في المطار كانت مدمرة، وبالتالي لا يمكن لأية طائرة النزول في المدرج مادام برجها غير صالح للعمل، ولكن الذي حصل بعد وصولها ان عصابات منظمة استولت على بعض تلك المساعدات، وأخذت تتاجر بها، فيما سرقت مواد من تلك المساعدات وسط فوضى عارمة. هذه الأيام، بدأت تنهال المساعدات، ولكن المسؤولين في الصليب الاحمر والشرطة والجيش الهاييتي والقوات الاميركية لايمكنها ان تعمل وسط تلك الفوضى، وقد انتشرت الروائح التي زكمت الأنوف، إذ لم يتسن للجميع، مسؤولين وأهالي من دفن الضحايا بالطريقة الانسانية اللائقة، وبقي الكثير منها حتى اعداد هذه الكلمات مطروحا في الشوارع والساحات العامة تنهش بها الحيوانات السائبة . ان التقارير التي تحدثت عن تلكؤ المساعدات الى هذا البلد المنكوب تلقي بظلالها على الضمير العالمي،لكي تأخذ الدول الغنية والمتنفذة حصتها الكبرى في مسك زمام المبادرة، لتجعل منها درسا في مواجهة اية كارثة قد تعصف بسكان هذا الكوكب بهدف معالجتها بالسرعة الممكنة وليس مثلما حصل في هاييتي، وهو كما اظن درس بليغ، اذا ما عرفنا ان مشاكل المناخ والاحتباس الحراري ستكثر من إقامة تلك الكوارث في مقبل الأيام، كما تؤكد ذلك بيانات العلماء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram