اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غسلاً للعار

غسلاً للعار

نشر في: 26 مارس, 2016: 06:06 م

بالاستنكار تارة وبالاستفهام تارة أُخرى وبالسخرية تارة ثالثة، استقبل الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الأخبار المتلاحقة في الاسابيع الاخيرة عن تقديم مجموعات من الوزراء استقالاتهم الى رؤساء كتلهم وأحزابهم وليس الى رئيس مجلس الوزراء كما تقتضي الأصول والقواعد والاعراف المرعية والتقاليد السياسية الراسخة في سائر دول العالم، فضلا عما يوجبه الدستور في هذا الخصوص.
الواقع إنّ الأمر لا يستدعي أيّ استنكار أو سخرية أو حتى مجرد الاستفهام، فأن يدير الوزير ظهره لرئيسه، وأن يدير المدير ظهره لوزيره صار من الاصول والقواعد والاعراف المرعية والتقاليد الراسخة في "دولتنا" الفاشلة استناداً الى نظام المحاصصة الطائفية والإثنية والحزبية الذي جعلت منه الطبقة السياسية المتنفذة قانونا أعلى ودستورا بديلا يطمن مصالحها ويضمن لها المنافع المادية المهولة.
لو لم تكن الاصول والقواعد والاعراف والتقاليد السياسية المرعية في " دولتنا" غير هذه، أي كما هو جار في سائر الدول، ما كنا قد صرنا دولة فاشلة ولا كانت الاحوال العامة في بلادنا، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتردى باطراد لتصل الى هذا الدرك، حيث لا يقدم الوزير استقالته الى رئيس مجلس الوزراء ويذهب بدلا من ذلك الى قصر رئيس كتلته وزعيم حزبه، وحيث لا يأبه المدير بتوجيهات وزيره بقدر إذعانه لمطالب رئيس كتلته وزعيم  حزبه. والسر في هذا ، إذا ما كان ثمة سر، ان رئيس الكتلة او زعيم الحزب هو ولي الامر والنعمة وهو،  بلغة عصابات المافيا، "الأب الأكبر" الذي يبيع المنصب للوزير او المدير بكذا من ملايين الدولارات سنوياً.
ولو لم تكن الاصول والقواعد والاعراف والتقاليد المرعية في دولتنا الفاشلة غير التي هي سارية وراسخة الآن ما كانت عصابات داعش لتحتل ثاني مدن البلاد بلمح البصر وتتمدد في ثلث مساحة البلاد وصولا الى مشارف العاصمة بسرعة الضوء، وما كانت "دولتنا"والطبقة السياسية المتنفذة فيها قد انكشفتا على هذا النحو المعيب بل المخزي، وما كانت هذه الملايين لتتدفق الى الساحات والشوارع على مدى ثمانية أشهر متتالية، في سبيل غسل عار هذه الطبقة والنظام السياسي الذي أقامته خلافا لمقتضيات الاصول والقواعد والاعراف والتقاليد المرعية في سائر دول العالم، ولمقتضيات الدستور.
لا يتعين القبول بهذه الاستقالات والتصفيق لها.. الحل المطلوب يتمثل في إطاحة نظام المحاصصة تماما وتشييعه الى مثواه الاخير مغسولاً بعار الطبقة السياسية التي فرضته علينا!  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    ياسيدي ان ماتطلبه مستحيل كيف تتخلى الاحزاب من حصصها الوزارية الطائفية وهي مصدر رزقها ونفوذها وما نزول مقتدى الى الشارع الا بمطالبته بحصة اكبر واوسع من السابق وما عمار الا وكان طامحا ابعد من ذلك الى رئاسة الوزراء ووزارات سيادية ايضا اوسع بفضل الفوضى وضعف ا

  2. علاء البياتي

    الأخ أبو فرح المحترم..انني سعيد لأنني هذه الأيام اقرء مقالاتك وتبين رفضك للدستور الهجين ..الذي كنت تؤيده بشده حينما التقينا قبل سنوات في دبي. نعم أساس المشكلة هو الدستور...دستور المحاصصة الذي انهى الوطنيه

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram