عبدالله السكوتي يحكى ان رجلين اشتركا في شراء قمح ، احدهما يدعى (حمد) وكانت به غفلة ، فتبرع حمد بحراسة القمح خوفا عليه من السرقة ، وكان الاخر يتصرف ببيعها ويتقاضى ثمن المبيع ، وعند الانتهاء من البيع تحاسبا، وكانت نتيجة الحساب ان (حمد) اصبح مطلوبا بالرغم من عدم تسلمه أي فلس من اثمان المبيع، فاظهر استنكاره من هذا الحساب وهو يردد : (فوك انطارته طلع حمد مطلوب).
وحمد ايها الاخوة يبقى مطلوبا للجميع، لانه لم يوثق الاحداث وبه غفلة وينسى كثيرا، وكانت (انطارته) تحتوي على اكثر من سؤال ، ولذا هو مطلوب لدول الجوار ومطلوب لاميركا ومطلوب لدول اخرى ، تتصدق بعضها ان تشطب بين الحين والاخر جزءا من ديونه، وحمد مايزال بغفلته لايدري اين يراد به والى أي مصير سينتهي به الامر، ولايمكن التعبير سوى بمواساة حمد وتذكيره بالمثل القائل (فوك درد الله ضربني ابميجنه ) والدرد مفردة فارسية ، معناها الهم والغم حيث قال الشاعر:(تايهه ومحد يباوعني انافوك درد الله ضربني ابميجنه )الشعب ينوء تحت وطأة حمل ثقيل، والكثيرون يحوكون المؤامرات ويدسون الدسائس ، لاجل بقاء الشعب تحت وطأة هذا الحمل وعدم نهوضه به ، لانه اذا نهض به ، فقد يتخلص من التدهور الامني والجوع والفاقة والارباك الذي اصاب حياته وسينتبه الى الامور المهمة وعندها يطالب بحقه بمهارة ولايخرج مطلوبا من (انطارته ) كما فعل حمد ، وتذكرني قصة حمد بهذا الاسم الريفي الجميل الذي اصبح رمزا للشعب في وقت ما يتداولونه على المناضد كما الممنوعات وحمد حينذاك مضطهد مذبوح بسيوف عديدة ، ويستكمل ميزانيته من اطراف اخرى قروضا ومساعدات مع غزارة نفطه وتبرعه لجيرانه بحقول كاملة ، وحمد صار موضوعا للسخرية على الفضائيات ، لانه مطلوب مدين للجميع ، الكل يطالبون بحقوقهم ياحمد فلماذا لاتطالب بحقك المهتضم ، تطالب بمن احرق الوزارات والمعامل والمؤسسات الحيوية ، وتطالب بقتل الابرياء في الساحات والشوارع وتطالب اللصوص الذين سرقوا واعطوا القليل ليحظوا بالكثير الكثير، الم يحن الوقت للحساب وان يدفع من سطا على بيدر حمد تعويضات له لا ان يطالبه بتعويضات جديدة ، رأيت تقريرا من على شاشة فضائية يشير الى وجود (3800) طبيب عراقي في انكلترا ، من يعيد للعراق ابناءه الذين غادروه تحت سهام الخوف اللاهبة وتحت سياط الارهاب التي جلدته حتى النخاع.من اراد لحمد ان يبقى منفردا مع جراحه ، امواله نهبت وارواح احبابه ازهقت فحصد الخراب والتشرد والجوع.( بصبر حيلي لشدنه وطلباهواشوف اشباقي من دينك وطلباهحمد مطلوب كل عمره وطلباهعليه المي صفه ومابيه رجيه) نعم الجميع يطالبون ونحن نسرع للتبرع بنسبة من عائدات نفطنا لتزدحم علينا السرقات من كل حدب وصوب ، فمتى نستطيع ان نضع حدا لما نحن فيه ونداعي بحقوقنا مثل باقي البشر؟ ليس الوقت وقت الصمت البليغ انه وقت الكلام البليغ ، ليطالب حمد بـ(انطارته) ويطالب بحقوقه كي يعود حمد (حارس العبره ومعبر احمول العشيره) كي لايبقى يشكو همومه للنوافذ المطلة على الارصفة.
هواء في شبك: (فوك انطارته طلع حمد مطلوب)
نشر في: 20 يناير, 2010: 08:03 م