TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بأيِّ حالٍ عُدتَ يا تأبينُ !

بأيِّ حالٍ عُدتَ يا تأبينُ !

نشر في: 29 مارس, 2016: 04:48 م

لا حياةٌ تستحق العيش من دون أن نتنفّس عبق الماضي والتعمّق بأفكار العظماء واقتفاء آثار النُبلاء خُلقاً ومعرفة وانسانية، من دون أولئك الرموز لن يكونَ الوطنُ آمناً وحالماً بمستقبل يُباهي به الأزمان ويَنعمُ ابناؤه بقيمة الانتماء واستحقاق التضحية إكراماً لصنيع رجال العهود وصِدق النفوس وشجاعة الكلمة في أشدّ أيام التحدي من تاريخ العراق.
نقف اليوم بعد ست سنوات من رحيل الرياضي الشهم والعفيف اللواء محمد نجيب كابان بخجلٍ أمام الزمن البريء الذي مثله الرجل وصحبه وهم يذودون عن سمعة البلد في أية مهمة تناط بهم ولم يفكروا يوماً في الاستفادة من مناصبهم لملء بطونهم بالزاد الحرام ولم يتاجروا باسفارهم لتحقيق المنافع أو الترنّح بالملذات ليستهينوا بشرف الواجب، زمن كابان ومن سبقه أو لحقه علامة فارقة للرياضيين الأصلاء الذين لا يُمكن أن ننساهم او ندير وجوهنا عن صورهم، بل نستوقف الذكرى ونحرق شموع القهر من أجلهم ونردد: بأيِّ حالٍ عُدتَ يا تأبينُ؟!
الى متى يبقى واقع الرياضة العراقية يحمل وجهين مختلفين في سِفر تاريخها كلما أظهر المؤرخون تباين الافعال والسلوكيات لدى نخبة طيبة من قادة الأمس في شتى ميادين التنافس وبين ورثة المسؤوليات لمجمل المؤسسات العاملة اليوم التي قلّما تراعي عمّا يصدر من ابناء الرياضة ولم تتوقف على اخطائهم حتى تمارس الصحافة جلد المسيء بنقدٍ منصف، فللأسف هناك من ينحرف عن الالتزام بمهمته ويمارس التسلط والتظاهر بالحرص وهو أقل ما يستحق أن يُقال عنه ( منتفع شره ) لا يمكن اصلاحه أو ايقافه عن حدّه ما لم تستقم الأوضاع المحيطة بعمله ويستدرك حجمه  الطبيعي وكيف غمره القحط تحت اطيان ماضيه التعيس قبل ان يرميه الحظ الى ساحة الرياضة ويقضي سنينه فيها فاقداً للتوازن!
كابان كتب في وصيته لزوجته منبهاً إياها ( أن تحافظ على تربية "نفل" ليكون إنموجَ ابيه اينما حلّ حتى آخر شهيق من عمره، ولن يطأ رأسه مهما اشتدّت أحمال الدنيا وقست قلوب الناس عليه ) هكذا اغمض الرجل عينيه مُطمئناً أنَّ وصيته نافذة وما شقاه من أجل اسرته لن يضيع هباءً، ومن سطور الوصية لكم ان تتخيلوا كم كان حريصاً على سمعته حتى ما بعد وفاته، فكم رياضياً يحرص ألا يرتكب عملاً يحطُّ من خُلقه أو يُدان بسرقة تنزع عنه شرف قيمته كمواطن صالح؟ّ
إن استذكار كابان وبقية اسماء القامات والنجوم الراحلين وقفة صريحة لمن جحد لفضل هؤلاء على الرياضة وتناسى حقوقهم الضامنة لمعيشة أسرهم، فمن الظُلم حرمانهم من منحة الحكومة لأنهم تحت الارض ونظرائهم في الخدمة والشرف والولاء للعراق يتمتعون بها طالما كانوا على قيد الحياة، وهنا نتوسم خيراً بلجنة الرياضة والشباب البرلمانية ان تباشر بتعديل قانون منح الرواد والابطال وتشمل الرياضيين المتوفين تقديراً لمسيرتهم الطويلة ومنجزاتهم وتضحياتهم التي لولاها لما تفاخرنا بتاريخ العابنا وابطالنا ومواقفنا في جميع المحافل.
وإذ نحيي الدور الذي يلعبه المدربون في صقل مهارة لاعبيهم ومراقبة تصرفاتهم في الوحدات التدريبية والبطولات، فإننا نأمل ان يمارس رئيس اللجنة الأولمبية ورؤساء الاتحادات كلّ من موقعه المسؤولية التامة للحد من الافعال والخروقات غير الحميدة لبعض الموظفين والإداريين الذين يشغلون مهمات ذات تماس مباشر مع الإعلام او الجماهير ليكونوا أكثر انضباطاً في عملهم ويعيدوا النظر بتقييمهم فهناك من استهواه السفر من دون ان يكون ذا فائدة في البعثة او خرج عن اصول مخاطبة الإعلام بكلمات (وقحة) يستحق عليها العقوبة كيلا يعاود الاساءة ، وهناك من يقضي سنة كاملة او أكثر بعيداً عن مقر اتحاده دون أي سبب وجيه، فاصلحوهم أو ابعدوهم ، وإلا فانكم شركاء في تماديهم واستغلالهم الى درجة الثراء من (خرجية) الرياضة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram