في 9 آب 1946 ، نشر مصطفى أمين رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المصرية ، والصحفي الذي نقل الصحافة من عالمها الكلاسيكي الذي يعتمد على أخبار الساسة وأسرارهم ، إلى صيغة جديدة قائمة على الابتعاد عن السياسة والاقتراب من هموم الناس ، ، عمادها المعلومة المثيرة والمختصرة والسريعة ، إعلاناً أكد فيه أن سيمنح المحرر الذي يحصل على خبر مثير 100 جنيه ، وكان المبلغ آنذاك يعادل ثروة .
ما الخبر الذي كان يبحث عنه مصطفى أمين ؟ يخبرنا الصحفي أحمد رجب أنّ مصطفى أمين ، كان ينتظر في مكتبه حتى ساعة متأخرة من الليل ليأتي له أحد المحررين بخبر يُصلح "مانشيتاً" لعدد الصباح ، وكان يرمي في سلّة المهملات الأخبار التي تتعلق بنشاط المسؤولين وخطبهم.
منذ أسابيع ونحن ننتظر الخبر الذي يقول لنا أصحابه إنّهم مهمومون بمتاعب الناس ، وإنّ المناصب بالنسبة لهم ، وسيلة لخدمة المجتمع لاغاية لخدمة العشيرة والحزب ، وقد انشغلنا معهم عن هموم ثلاثة ملايين نازح لنغرق في معركة تعريف الإصلاح ، هل هو إصلاح تكنوقراطي ، أم إصلاح تفكيكي على طريقة المرحوم جاك دريدا ، ولعلّ ما نسمعه من أخبار الاجتماعات والمناقشات والمداولات والخطابات يبعث على الغثيان ، وأنا لا أكتب عن خبر التغيير الوزاري ، لأنني لا أثق بأي تغيير يعتمد طريقة تدوير ما موجود بما هو متوفر ، لكني أكتب عن أخبار الإصلاح التي كان آخرها خبراً ، ذكّرني بوصيّة مصطفى أمين ، يقول أصحاب الخبر المثير إنّ مجلس الوزراء قرّر فرض رسوم كمركية على الخيم المستوردة إلى العراق .
يريدنا صانعو هذا الخبر " المدهش " أن نعتاد على السذاجة ، الآن يتحدثون عن الخيام ، ونحن ضربنا الرقم القياسي بعدد ساكني خيم المشرّدين ، ونراهم يتصرفون بالدولة باعتبارها "دكاناً" للإيجار ، وليست مؤسسات تخطط للمستقبل وتحرس جسم الوطن من الأوبئة والعلل . الجميع يتصرف باعتباره صاحب الصوت الأعلى ! تريدون خبراً مثيراً آخر ، هاكم : " قبيلة بني تميم تحذّر مجلس محافظة ديالى من استجواب المحافظ ، وتهدّد بـ"حلّ المجلس " ، طبعا أصحاب البيان كانوا كرماء ، ولم يذكروا كلمة تصفية المجلس وتشريد أعضائه !
يكتب أحمد رجب ، أنه فوجيء ذات يوم بخبر على الصفحة الأولى من أخبار اليوم يقول :أحمد رجب يتزوج من المطربة شادية ، وحين ذهب الى مصطفى أمين يشكو، ضحكَ رئيس التحرير ، وهو يقول له : لم أجد في أخبار هذه البلاد خبراً يهمّ الناس مثل هذا الخبر ، واعذروني ليس عندنا مطربة مثل شادية ، حتى نكتب أخبارها ، بدلاً من أخبار عالية نصيف ، فالغناء في عُرف قادتنا الجدد " حرامس " !
خيام رئاسة الوزراء
[post-views]
نشر في: 29 مارس, 2016: 05:52 م