TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ سعى لإفساد بهجة المعبد؟

مَنْ سعى لإفساد بهجة المعبد؟

نشر في: 29 مارس, 2016: 06:37 م

أيّاً كانت التفاصيل، فإن ما حدث في مسرح الرشيد (بغداد) في ليلةَ إعادة افتتاحه، لم يكن يليق بالمناسبة ولا بالمسرح والحياة المسرحية، ومثّل تعدّياً على العاملين في المسرح وروّاد المسارح ،لأنه لابد أن يكون قد مسّ مشاعرهم وأفسد عليهم بهجتهم بعودة الحياة إلى المسرح الذي تعرّض للتخريب في أحداث 2003 وتُرك للإهمال كل هذه المدة.
في كل أنحاء العالم، المتقدمة منها والمتخلفة، ثمة قدسية لدور العرض المسرحي تقترب إلى حد كبير من قدسية المعابد. ومن مظاهر هذه القدسية التزام الصمت التام حال قرع الجرس إيذاناً ببدء العرض المسرحي فلا يعود أحد يتحدث أو حتى يهمس بأُذن جليس المقعد المجاور.
ما حدث في مسرح الرشيد يثلم قدسية هذا المسرح، والمفترض أنّ المسرحيين والمسؤولين عن المسرح الذي كانوا طرفاً في المشادة الكلامية هم أكثر من يدرك ذلك وأكثر من يحرص عليه، خصوصاً أنّ المناسبة خاصة للغاية، وما كان ينبغي التفريط ببهجتها، وكان بإمكانهم أن يعالجوا الأمر بطريقة أخرى تحفظ للمسرح قدسيته وللمناسبة بهجتها.فقد حدث أنْ اختلط الحابل بالنابل وبِيع الأخضر واليابس بسعر واحد وافتقدت اللياقات التي يتعيّن دائماً على المثقفين التزامها قبل غيرهم وأكثر من غيرهم.
لم تكن النائبة شروق العبايجي تستحقّ أن تكون ضحية للهرج والمرج الذي حدث في تلك الليلة، فهي بالتأكيد ليست جزءاً من منظومة الفساد .. العكس هو الصحيح .. وعدا عن تاريخها السياسي الوطني المشرّف فإنّ السيدة العبايجي أثبتت خلال المدة القصيرة التي أمضتها في مجلس النواب (أقل من سنتين) أنها كانت واحداً من الأصوات الوطنية الشريفة القليلة داخل المجلس بخلاف الأغلبية من أعضاء المجلس، وبخاصة ممثلي الكتل الكبيرة التي هي سبب محنتنا وبلوانا  ومصدر ما يحيق بنا من شرور على مدى عشر سنوات في الأقل.
ربما لم تُعجب بعضنا بعضُ مواقف شروق العبايجي، وبالذات انسحابها أخيراً من التحالف المدني الديمقراطي الذي خاضت الانتخابات البرلمانية تحت لوائه، بيد أنّ هذا لا يبرّر لأحد أن يتجاوز على الأصول واللياقات العامة، وكذا الخاصة المتبعة في مراكز العرض المسرحي حتى في الصومال، فكيف إذا كان هذا الأحد مثقفاً؟!
ما الذي نبقيه لغيرنا إذا كنّا نتصرّف بهذه الطريقة ... داخل معبدنا بالذات؟
 إعادة الحياة إلى مسرح الرشيد كان انتصاراً مظفّراً على الظلامية التي أرادت له ولسائر دور العرض المسرحي والسينمائي أن تبقى بيوتاً للبوم والخفافيش والعناكب والجرذان والفئران، فلماذا أُريد إفساد البهجة بهذا النصر بالإساءة إلى سيدة منّا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram