أطلّ رئيس مجلس الوزراء من شاشته المفضّلة ليطرح سؤالاً يشبه الأسئلة الامتحانية في أيامنا التي تغيّر كلّ شيء فيها، دون حاجة لتعديلٍ وزاري "ترقيعي" أو شامل، بفضل العقول التي تدير دولتنا اللادولة والفاشلة بامتياز، وأعقبه بما يُشبه لعبة الـ"طم خريزة"، وهو
أطلّ رئيس مجلس الوزراء من شاشته المفضّلة ليطرح سؤالاً يشبه الأسئلة الامتحانية في أيامنا التي تغيّر كلّ شيء فيها، دون حاجة لتعديلٍ وزاري "ترقيعي" أو شامل، بفضل العقول التي تدير دولتنا اللادولة والفاشلة بامتياز، وأعقبه بما يُشبه لعبة
الـ"طم خريزة"، وهو يختزل الأزمة الخانقة في البلاد على كل صعيد بوصفه إياها "أزمة سياسية" ..!
والمثير للأسى أنّ مَن راهنت الاحتجاجات الشعبية عليه، منذ تسنّمه الولاية الحكومية، يجتهد في القول إنه طرح مشروعه لتعديلٍ وزاريٍّ منذ شهرٍ ونصف لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والمالية، لكنَّ مشروعه اصطدم بتنازع الإرادات في الكتل البرلمانية، ولم يعد يهتدي الى حلٍّ كما يبدو للعيان بجلاءٍ ما بعده جلاء. ولإجلاء الغموض في توصيف السيد العبادي وتلخيصاته المُخلّة، فإنه أثار زوبعة وفجّر صراعاً في العملية السياسية، بحيث عقّد المشهد وأضعف إمكانية إجراء أيّ إصلاحٍ وإن بحدوده الدنيا، إنْ لم يكن بحساباته "على الآلة الحاسبة الخشبية البدائية" قد أجهض عملية التغيير والإصلاح ولو الى حين، وليس بأدواته وربما بمعزلٍ عنه، بعد أن دخلت قيادات نافذة في تداولات للانتقال الى خيار الإطاحة بحكومته.
إنّ رهان السيد العبادي على "مواجهة التحدّيات السياسية والاقتصادية والمالية" بتغييرٍ وزاريٍّ، يثير شكوكاً حول الخبرة السياسية التي اكتسبها من عمله البرلماني والوزاري ونشاطه القيادي الحزبي الطويل، وإلّا كيف له أن يتوصّل الى مثل هذه القناعة، وهو يعلم قبل كل شيء أنّ الأزمة المتفاقمة المستديمة التي تضرب كل أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية، وتنخر عمق هيكل جهاز الدولة المتفسّخ، وتستظلّ بشجرة الفساد الإداري والمالي الوارفة، هي أكبر من طاقة قوى العملية السياسية منتهية الصلاحية وخارجها، وليس بمستطاعها مجتمعة تفكيكها، دون طائفة مترابطة من التدابير والقوانين والتشريعات على أرضية مصالحة وطنية مجتمعية شاملة؟! .. كيف له أن يتجاوز سلسلة من القرارات التي تدخل ضمن صلاحياته الدستورية، دون أن تجد اعتراضاً من وزير، وقيل له بشأنها، وكثرة منها وردت في برنامجه الوزاري التي صوّت عليه البرلمان، " ليتعثّر" بفكرة لا طائل من الاعتماد عليها، وهي إجراء تعديل وزاري يُمكّنه من تنفيذ إصلاحاته؟! . ولو دققنا في المئة صفحة وأزيد مما سُمّيت فصولها بالإصلاح الشامل لوجدنا أنّ "أُسّها" من صلاحياته ولا تحتاج إلّا لقراراتٍ وعرضٍ للتصويت في البرلمان..!
مَن الذي حال دون أن يتخذ قراراتٍ بإنهاء ملفّات التعيين بالوكالة التي تشكل خرقاً فاضحاً للدستور؟ ومن الذي منعه من وضع اليد على المقرّات الحزبية التي تشكل اعتداءً على المال العام، ومنها مقر حزبه في مطار المثنى، ومقرّات أحزاب وإقطاعات سكنية لقياداتٍ تتجاوز على الأملاك العامة أو تدفع عنها إيجاراً سنويّاً بخساً وتنتهك في ما تشيده أبسط شروط ومقوّمات البناء وحدود الملكية العامة من شوارع ومناطق سكنيّة ومزارع وجسور؟
ومَن الذي وقف بين رئيس مجلس الوزراء وإنهاء ملفّات الهيئات المستقلة، وبخاصة البنك المركزي والمفوضية العليا للانتخابات وهيئة النزاهة وشبكة الإعلام المُشتَبَه بكينونتها، وكلّها تقريباً موضع اختلافٍ واحتجاجٍ من جميع الكتل ومن الجمهور المحتجّ على الفساد في إدارة الدولة اللّا دولة؟
كيف لمن يريد أن يمدّ يد العون للسيد العبادي ويقتنع بجدّيته في إجراء الإصلاح وهو يحيط نفسه بلجان بالغة السرّية والكتمان، تعييناً ومهامَّ وتوصيفاً، وفيهم من هو مفسدٌ كما يُقال ومشتَبهٌ بسويّته وتاريخه؟
لم يضع السيد العبادي نفسه وحزبه في مرمى الاستهداف فحسب، بل خلق بؤرةَ فتنةٍ لا أحد يمكنه التنبّؤ بنتائجها، ولا القدرة على دفنها وإخماد فتيلها، إذا ما واصل الاستمرار في فرض إرادته أو محاولة تمرير مشروعٍ يفتقر إلى مقوّمات إصلاحٍ يبنى على قاعدة تغييرٍ خارج دائرة الشبهات.
لقد بات واضحاً من تداعيات الخطاب غير المدروس بعناية الذي ألقاه العبادي أول من أمس ، الثلاثاء، وردّ فعل السيد الصدر عليه :أنّ الشعب المُبتلى صار في مواجهة صراع إرادتين، يرى كلٌّ منهما، في ما هو فيه ممثلاً للشعب، في حين يظل الشعب منكفئاً في محبسيه: قلقٌ من شظايا لم يُحسب لها حساب في الاحتمالات، وتنازعٌ على مشروعٍ مُجهَضٍ في حسابات الربح والخسارة.
تنويه
حصل لبس وخطأ في مقالة يوم أمس بخصوص الاسم الحركي للمناضل الوطني الراحل عبد السلام الناصري، فقد كان اسمه الحركي الذي ذاع صيته به بعد انقلاب 8 شباط 1963 الأسود "أنور مصطفى" وليس "ناظم علي" الذي كان الاسم الحركي لمناضل آخر هو الأستاذ عزيز محمد. الذكر الطيّب لأنور مصطفى والعمر المديد لناظم علي.
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
ياسيدي ومن الذي منعه تقديم القادة العسكريين الذين باعوا الموصل الى العدالة ولايزالوا يتمتعوا بكل امتيازاتهم ومن الذي منعه تقديم من تسببوا بمجزرة سبايكر الى العدالة ايضا وهو على معرفة بكل الفاسدين وسراق ثروتنا بالاسماء فهذه هي بداية الاصلاحيات واثبات حسن