أشار رئيس الحزب الوطني العراقي جعفر أبو التمن ، إلى الشاب القادم من محافظة الناصرية أن يتحدث ، وطلب من الآخرين الإصغاء إليه ، فوقف عامل الثلج ليقول : "إذا عشنا إلى يوم تحرر البلاد من الاستعمار ، سنعرف عندها معنى أن نكون أحراراً " ، عندما أفاق الجميع من سِحر الصوت المختلف النبرات والعبارات ، قال أبو التمن للشاب يوسف سلمان يوسف : أنت تريد بناء حياة سعيدة للناس ، وإنني أعضدك بما أملك من طاقة "
حاولت أن أتجنّب الكتابة عن ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، فعندما أكتب عن هذا التاريخ المشرق ، ربما أفقد موضوعيتي، وأنحاز الى هذا السفر الذي يذكرني بأيام الشباب ، والصداقات والحياة التي تبدأ بكتاب وتنتهي بقاعة مسرح ، وتجدني أعود هائما بين كتابات ماركس وقصائد نيرودا ، ومتعة الجدال مع أصدقاء كانوا ولايزالون يجدون في الحزب مظلتهم لوطن نقي وبريء ، بلا فوارق ، ولا عنصريات، ولا طوائف، ولا أحقاد، ولا صغائر، ولا توازنات ، وطن لم تدنسه ألاعيب الساسة ولا شعارات " النصر والسلام " .
من عتمة الفقر ومعاناة البسطاء ، طلع الحزب الشيوعي العراقي ، انحدر رعيله الأول من أسر كادحة ، ضربت جذورها في تربة العراق ، يتقاسمون خبزهم مع أناس أكثر فقراً . وقبل اثنين وثمانين عاماً كتب "فهد" بيان الحزب التأسيسي، جسَّد فيه كل ما يعكس نبض الفقراء وآمالهم وتطلعاتهم الى وطن حرٍ وشعب سعيد. ومنذ ذلك البيان بدأ انحياز الشيوعيين الى خيارات الناس وتطلعاتهم. وفي سبيل ذلك تعرضوا إلى سلسلة من القتل والموت لا تنتهي .
عقود طويلة و قضايا الناس هي صليب الشيوعيين الذي يحملونه أينما حلوا، ورؤياهم التي أتاحت لهم سفراً دائماً نحو الحرية، نتذكر أولئك الرجال المذهلي الشجاعة، الرافضين أن يطويهم النسيان، نقرأ اليوم سيرتهم، ونمعن النظر في هذه التجربة الممتدة على طريق الأحزان في ارض العراق، البلاد التي عانت من الظلم لعقود طويلة.
كتب سلام عادل يوما: "لنناضل من أجل ألّا يعيش العراقيون تحت وطأة الخوف الذي يحطم إرادة الإنسان وعزيمته ويقتل إنسانيته وكرامته."
يشهد للشيوعيين كلّ من عايشهم ، بأنهم لم يتخلّوا، لا في التهديد ولا في السجون وأقبية المخابرات ولا في إغراء المناصب ، عن سمعة الضمير ونقائه . لقد آمنوا بالعراق الديمقراطي الحر على أنه ضمانة حقيقية لرفاهية جميع العراقيين . وأدركوا بوعيهم وثقافتهم السياسية والتاريخية ، أن البديل الآخر هو دول الطوائف التي لن تتوقّف حروبها ومهازلها .
82 عاماً من الضياء
[post-views]
نشر في: 30 مارس, 2016: 06:16 م
جميع التعليقات 5
خليلو...
بمنطق الزمان الذي نحن فيه اقول: انهم نظيفو الثوب واليد واللسان والقلب والعقل هؤلاء هم ساسة العراق منذ الثلاثين من آذار 1934 حتى اليوم والغد فليقارن ساسة اليوم انفسهم بهم واي منهم اكثر تضحيات في كل العهود وحتى العهد الذي كان اعضاؤه وانصاره من اصدق مؤي
فؤاد الصفار
شكرا أيا العراقي الاصيل
ابو سجاد
هذا ماكن عليه الحزب الشيوعي واليوم اين حضوره ياسيدي لقد غاب من المشهد العراقي واصبح ماضيا ليس الا وليس باستطاعتك ان تثبت لي وجوده اليوم الا افراد ليس لهم اي ثقل سياسي على الساحة العراقية وللاسف قد تبخر ولايستطيع احدا ان يتحسسه الا بعض مجاميع انتهازية وقد
قيران المزوري
هل استوعب الشعب العرافي شيئا من ثقافة الحزب الشيوعي منذ نشئتها لغاية اليوم بقدر استيعابه لثقافة علية نصيف وحنان الفتلاوي وعواطف النعمة ،، من الاشهر في العراق هل هو فهد او عحع !!!؟؟؟
خالد
صدقت أيها العزيز. اثناان وثمانون عاماَ هي مجرات من التضحيات والعطاء ولدت كواكب ونجوما في سماء النضال منها ما انطفأ ومنها ما يزال يضئ , وما بدلوا تبديلا. فألف تحية لحزب الشرف والكرامة وهو يقارع لصوص الحكم دفاعاَ عن العراق. وسلام على رفاق الحزب وهم يحتفلون