TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زها حديد بين الدمى البلاستيكية والتحريم

زها حديد بين الدمى البلاستيكية والتحريم

نشر في: 1 إبريل, 2016: 09:01 م

هاهي ملكة الأقواس زها حديد تذهب بعيداً وترحل عن عالمنا، بعد أن حصلت على مكانة متفردة وهي تشق طريقها بنجاح قلّ نظيره، فهي إضافة الى حضورها الشخصي والكاريزما التي تتمتع بها، تتميز بقوة وغرابة تصاميمها التي تبدو مستحيلة التنفيذ حين نراها لأول وهلة على الورق. لكنها طوّعت كل تلك الغرابة الى صالحها وأنتجت أعمالها بنجاح وسط ذهول الكثير من المختصين في عالم العمارة والتصميم، ووصلت الى مكانة نادرة بنتها حجراً فوق حجر وخطاً على خط وهي تصنع بناياتها ذات الأشكال الغريبة والأنحناءات غير المألوفة. النجاح جميل وممتع حين نراه في عيون الناس وأشاراتهم وأهتمامهم. وكل نجاح له شروطه ومسبباته، أبتداء بشخصية الفنان نفسه وموهبته وأنتهاء بالمناخ الفني أو الأبداعي الصحيح الذي يتربى فيه ويطوّر موهبته. زها حديد أمرأة ناجحة أحتفى بها الجميع، بعد أن أجتهدت وشقت طريقها رغم كل الصعاب، ونالت فرصاً تستحقها ووصلت الى مكانة مرموقة، وهذا ليس فقط بفضل موهبتها الساطعة، بل أيضاً بفضل الناس الذين قدروا موهبها ومنحوها تلك الفرص. هذه العبقرية لو قُدر لها أن تبقى في العراق (مع الأسف على التوصيف) كانت الآن ربما تراجع أحدى الدوائر للحصول على تقاعد زوجها القتيل بمفخخة، أقول ربما. وفي نفس الوقت لو أعطيت لبعض الفنانين الحقيقيين الموجودين في العراق فرصاً مناسبة ورعاية جيدة، لتغيّر وضعهم على خارطة الفن تماماً. فالفن الكبير والمؤثر لا تصنعه المواهب فقط، بل عوامل كثيرة مجتمعة. أكتب هذا الكلام وأنا أرى كيف زحفت الخرافات والمحرمات والتابوهات عندنا نحو الفن، الذي هو بالأساس وليد الحرية والأنفتاح. نرثي زها حديد في عين وفي العين الأخرى نطل على التحريم الذي وصل حتى الى الدمى البلاستيكية التي توضع داخل فترينات المحلات والتي تغطى بالملابس لغرض الدعاية والعرض، حتى يرى الزبائن تلك البلوزة أو هذا البنطال بشكل أفضل. كيف سننتظر ظهور زها جديدة وهناك من يدعو الى تحريم الفن في بلدنا. كيف تستطيع دمية من البلاستيك أن تهدد خلاصة ذائقتنا الفنية؟ كيف نخشى لوحة لأمرأة عارية ونحن الذين أكتشفنا الرسم قبل سبعة آلاف سنة ؟!! كيف نستطيع أن نحتفي بزها وهي (بنظرنا) شهادتها منقوصة؟ كيف نحتفي بمن أدخلتنا الى (الأرث العالمي) وهي لا تحصل عندنا إلا على ثلث الميراث؟ حين نجيب على هذه الأسئلة يمكننا بعدها أنتظار زها جديدة نحتفي ببناياتها في مدننا، أقصد نحتفل بحياتها لا بموتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram