ابو حسن الرجل الستيني  قام بفتح نافذة صغيرة من احدى  غرف بيته المطلة على الشارع ليعلن للجيران فتح محل صغيرمن منزله المتواضع يمكنهم تسوق بعض الحاجيات البسيطة وبعض الضروريات اليومية للطبخ خاصة انه يغنيهم عن الذهاب الى الاسواق الواقعة في الشار

ابو حسن الرجل الستيني  قام بفتح نافذة صغيرة من احدى  غرف بيته المطلة على الشارع ليعلن للجيران فتح محل صغيرمن منزله المتواضع يمكنهم تسوق بعض الحاجيات البسيطة وبعض الضروريات اليومية للطبخ خاصة انه يغنيهم عن الذهاب الى الاسواق الواقعة في الشارع العام، ابو حسن بعد أن ودّع الحياة تحوّل محله الى سوبر ماركت يحوي عشرات وربما مئات الحاجيات المنزلية المتنوعة اذ قام اولاده بتوسيعه بضم غرف اخرى  من البيت ليتحول الى مركز تسوق كبير ومهم في المنطقة.

انتشارها بشكل سريع
ذكريات محل ابو حسن قادتني الى كتابة هذا التحقيق بعد انتشار العديد من (المولات) الصغيرة والكبيرة في بغداد والمحافظات اذ تباينت الاراء بين من يجدها تساهم في التطور الحضاري  وبين من يجدها تستنزف المواطن ماديا ، اضافة الى من يعتبرها تهديدا لأسواق بغداد التراثية، مثل اسواق الشورجة والسوق العربي والكاظمية وبقية الاسواق الاخرى، لأن الاسواق القديمة تتميز برخص الاسعار  ومتعة التسوق ونوعية البضائع المعروضة والمتنوعة المناشئ والماركات.
عن ذلك يقول محمد مروان لـ(المدى): سابقا لم نسمع عن (المولات) وعندما كنا نسافر خارج البلد ونتجول  تصاحبنا الأمنيات بان يصبح لدينا مثل بقية الدول مولات او ماتسمى اسواقا تجارية كبيرة. مضيفا: وتحقق ذلك وبدأت بادئ الامر على شكل مجمعات تجارية ومن ثم تحولت الى (مول) يبعث على الارتياح والراحة في التسوق كما يواكب التطور الحضاري العالمي. مشددا: ان ابنية المولات والاسواق التجارية الكبيرة تزيد من جمالية المدن وتجعلنا نتفاءل بالحياة.

أماكن تسوق ولهو
اما صالح حميد طالب في كلية التراث فقد ذكر لـ(المدى): ان انتشار (المولات) دليل على زيادة القوة الشرائية للمواطنين على الرغم من ان البعض يعتبر ان هذه المولات تقتصر على فئة معينة. منوها: لأنها تتميز بالبضائع الراقية والجديدة والتي غالبا ماتكون من ماركات عالمية معروفة وحتى وكالات تجارية. مبينا: في جميع الاحوال باتت المولات أماكن جذب ومناطق تسوّق مهمة.
بينما قالت الطالبة إسراء إياد: ان انتشار المولات أخذ يجذب الكثير الناس من مختلف الشرائح والطبقات. مضيفة: وبسبب اهتمام البعض ب(الموضة) والملابس الجذابة حيث يتباهى البعض بارتدائه ماركة معينة سواء كانت ملابس او حقائب او ساعات . موضحة: ان الكثير من تلك الاشياء متوفرة في المولات وبنوعية جيدة جدا، اضافة الى انها أماكن لهو وترفيه لما تحويه من مطاعم و(كوفي شوبات).

أمان العوائل والتحرش
لانريد ان نذكر اسماء المولات التي انشئت في الفترة الاخيرة حتى لايعتبر ذلك اعلان لها وانما نترك المستهلك هو من يقرر الافضل لذلك في احدى المولات الواقعة في منطقة شارع فلسطين والمتكون من طوابق عدة نلاحظ الازدحام الكبير والتجمهر الذي يشكله الشباب فضلا عن ان هناك الكثير من العوائل تفضل الجلوس في الكافتريا لتناول وجبة طعام او شرب الاركيلة وتناول فنجان قهوة او عصير في المقهى الصغير الدوار الذي يعطي ملامح جميلة للمكان حيث علقت أم ضحى : انتشار المولات بالمناطق السكنية والشوارع التجارية أمر أيجابي وهو دليل على التقدم ومواكبة الدول المتطورة. مبينة: انها اماكن مؤمنة بالنسبة للعائلة خاصة الجانب الأمني و الترفيهي.

لن تؤثر على الاسواق
وبشأن تاثيرها على الاسواق والمحال بينت أم ضحى: انها لن تتغلب على المحال والاسواق الا اذا كانت اسعارها مشابهة لاسعار هذه المحال وبالتالي ستكون اماكن جذب اكبر للزبائن والمتبضعين. لافتة: ان هذا الامر غير موجود ، فلكل مكان رواده ومتبضعيه والجميع يعلم ان اسعار بضائع المولات مرتفعة قياسا الى بضائع الاسواق المحلية. منوهة: ان المولات تغري المواطن بخدماتها الاجتماعية والترفيهية من اماكن تسلية ومقاهٍ ومطاعم فضلا عن محلات التسوق وما تحويه من بضائع. مشددة: ان اغلب العوائل كانت تمتنع من الخروج لكن وجود المولات غير هذا الحال وان كانت جديدة لكنها وجدت قبولا بين الناس اضافة الى ان من يدخل اليها يكون من طبقات معينة ويلتزم بتصرفات معينة ولايضايق الآخرين بتصرفات سلبية وهذا مالايمكن السيطرة عليه في الشارع.

مشاريع سكن و(مولات)
أمانة بغداد سبق وان أعلنت في أوقات سابقة عن ثلاث حزم من مشاريع الإستثمار تتضمن إنشاء مجمعات سكنية ومولات تجارية وأماكن ترفيهية وفنادق خمس نجوم وعمارات لوقوف السيارات وغيرها من المشاريع التي تحتاجها العاصمة بغداد. وأوضحت أن مثل هذه المشاريع لها أهمية كبرى في المجال الإستثماري وتحفيز المستثمرين على تنفيذ مشاريع مماثلة في العاصمة بغداد وكذلك تفعيل الحركة الإقتصادية والإسهام في عمليات البناء وإعادة الإعمار .مبينة: ان أموال تنفيذ هذه المشاريع الاستثمارية من القطاع الخاص و الجهات المستثمرة وان أمانة بغــداد والحكومة لاتنفق أية اموال على تنفيذها وأشارت الى  ان هذه (المولات) تعد جزءاً من سلسلة مشاريع نجحت أمانة بغداد في توقيع عقودها مع عدد كبير من الشركات من خلال تفعيل قانون الاستثمار ودعم المستثمرين وخلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص.  
اختلاف الاسعار والايجار
اما المواطنة هدى ابراهيم  فقد قالت لـ(المدى): نأتي الى المول كل يوم خميس من اجل قضاء أوقات ممتعة وبصحبة الاطفال لتوفر مدينة العاب مصغرة وان كانت اسعارالالعاب (البطاقات) غالية نوعا ما. مستدركة: لكننا نجدها أفضل من التجوال في الاسواق والشوارع المزدحمة التي تفتقر للكثير من وسائل الراحة خاصة مشكلة ركن السيارة او ايجاد مرائب او ساحة مناسبة.
وعن مكان التسوق المفضل لها قالت: نفضل التبضع من المحال والاسواق التجارية المحلية بسبب رخص اسعارها التي تناسب جميع الطبقات. كما يمكن التعامل مع البائع وتخفيض سعر البضاعة، عكس بضائع المولات تكون اسعارها ثابتة وذلك بسبب اسعار ايجاراتها وحسب ما نسمع تتجاوز (الدفتر والدفترين). مشيرة: الى ان وجبة الطعام لعائلة متكونة من ثلاثة افراد تقترب من (35) الف دينار مع المقبلات والمشروبات الغازية بينما أقل من ذلك بكثير في المطاعم خارج المولات.  

لكل سوق خصوصية
المحلل الاقتصادي فلاح أحمد ذكر بحديثه لـ(المدى): تعتبر المولات من المشاريع التي تدر ارباحا للمستثمرين اضافة الى انها تعتبر بمثابة مدينة كاملة للتسوق. مشددا: انها في ذات الوقت تدر ارباحا عالية لما تقدمه من خدمات عديدة.  مؤكدا: ان المولات ساهمت بتشغيل عشرات الايدي العاملة.
وأضاف أحمد: نظرا لما تقدمه المولات وسهولة التسوق والتجوال وعلى الرغم من حداثة انشائها الا انها اخذت تتغلب على المراكز والمحال التجارية في العديد من مناطق البلاد. بسبب ما تحويه من بضائع والتي غالباً ما تكون تابعة لشركات ووكالات تجارية عالمية معروفة. مستدركا: لكنها لن تقضي على الحركة في الاسواق التجارية. مبينا: ان لكل واحدة صفاتها ومميزاتها فالمولات في العاصمة تحديدا تجد لها قبولا كبيرا وهذا مايساعد على زيادة اعدادها وحتى اسعار المحال تختلف عن المحال التجارية في الشوارع ولكل مكان ميزة تجعله مقبولا او مرفوضا.  

التخفيضات الموسمية
بينما علق سلمان حسين صاحب محل لبيع الاجهزة الرياضية في سوق المنصور التجاري لـ(المدى) ان افتتاح (المولات) والمجمعات التجارية أثر كثيرا  على عمل محلاتنا. مبينا: انها اخذت تسحب زبائننا تدريجيا من خلال ترتيبها وحداثتها وبضاعتها المنوعة التي دخلت بقوة لمنافسة بضاعتنا. مشيرا: الى رغبة المستهلك بقضاء وقت ممتع و مريح في مرفقات (المول) الاخرى.
واسترسل حسين: كل ذلك ساعد على زيادة الاقبال على المولات والتبضع. لافتا: الى عروض لتخفيض أسعار الالبسة والبضائع  خاصة في أوقات التحوّل الفصلي بين الشتاء والصيف وبالعكس. مردفا: هذا الأمر دفع اغلب المحال التجارية الى اجراء تخفيضات  في ذات الفترة. مشيرا: الى ان السوق يشهد ركودا بسبب الاوضاع الامنية ومخاوف الناس من عدم وجود رواتب مستقبلا بالتالي انعكس الأمر على حركة السوق.

الراحة والخدمات المميزة
فيما علق بشار عبد الرحمن صاحب محل تجاري لـ( المدى ) التنافس جاء لصالح المتسوق فالأسواق توفر القرب والخدمة الشخصية نظرا الى معرفة صاحب المحال بزبائنه. موضحا: أن هذه المجمعات قد تأخذ بعض النشاط التجاري من الاسواق التقليدية لكنها في النهاية محددة بطبقة معينة من الناس.
أما  المهندس رضا محسن المشرف على بناء أحد المولات في العاصمة فقد ذكر لـ(المدى) : بعد التغيير في نيسان 2003 وبسبب الانفتاح على العالم دخلت المولات والاسواق التجارية الكبيرة الى العراق. مبينا: انها اخذت بالازدياد الكمي والنوعي في السنين الاخيرة. مشيرا: الى الخدمات  التي تقدم في المولات والتي توفر الراحة للمواطن إبتداءً من ركن السيارة مروراً بمساحة (المول) وسهولة التسوق ومدن الالعاب والمطاعم وغير ذلك من وسائل الراحة خاصة التكييف في الصيف.  

أقل من الحاجة
اما حكيم عبد الزهرة مدير عام العلاقات والاعلام في أمانة بغداد فلا يرى تعارضا بين توجه الامانة لتنشيط الاستثمار في مجال بناء المولات وبين خططها في مجال بناء المجمعات السكنية التي تنطلق من رغبة الامانة في المساهمة في حل ازمة السكن في بغداد. مشيرا: الى ان الأمانة خصصت مساحات مناسبة لتنفيذ مشاريع اسكانية تتضمن بناء (300) الف وحدة سكنية من ضمنها مشروع للبناء العمودي في مدينة الصدر ومشروع مدينة سكنية متكاملة في معسكر الرشيد وآخر يضم (35) الف وحدة سكنية في منطقة الدهنة اضافة الى تخصيص مساحات محددة في مناطق متفرقة من بغداد مثل مشروع بناء (15) الف وحدة سكنية في منطقة الدباش.
اما بالنسبة لموضوع بناء (المولات) والكلام لا يزال لعبد الزهرة ، فالأمانة تعتقد ان بغداد بحاجة الى مرافق ذات صفات خدمية وترفيهية وتسويقية وجمالية، وما خصص لها قليل قياسا الى حجم بغداد ومساحتها واتساعها وما تحتاجه من لمسات عمرانية وجمالية تعيد اليها الالق كما جرى في دول مجاورة.