حال الكشف عن الأسماء التي رشّحها رئيس الوزراء حيدر العبادي ليشكّل بها حكومته الجديدة (التكنوقراطية)، أعلن أحد المرشحين، هو نزار نعمان المرشّح لحمل حقيبة النفط، عن أنه فوجئ بإدراج اسمه بين المرشحين عبر الأخبار التلفزيونية !
السيد نعمان أوضح أنّ مكتب رئيس الوزراء كان قد اتصل به طالباً إرسال سيرته الذاتية، وأبلغه بأنه سيُستدعى في وقت لاحق لمقابلة لجنة من أربعة أشخاص، لكنه فوجئ بورود اسمه بين المرشحين قبل حصول المقابلة.
بقيّة القصة معروفة، فترشيح السيد نعمان أصبح وكأنه لم يكن، إذ بعد يوم واحد فقط أعلن نعمان رفضه الترشيح، قائلاً إن هذا الترشيح لم يتم من خلال التوافق بين بغداد وإقليم كردستان.
عدا عن هذا، تدفّقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني معلومات عن بعض المرشحين طعنت على نحو خطير في أهليتهم لتولّي حقائب وزارية، فالبعض قيل إنهم بعثيون سابقون وآخرون قيل إنهم معروفون بفسادهم أثناء ما كانوا في مناصب عليا في وزارتهم .. بالطبع ليس كل هذه المعلومات صحيحاً، لكن لا دخان بلا نار.
الاستعجال في اختيار مرشحين من دون التدقيق والتمحيص في سيرهم الذاتية، السياسية والمهنية، وعدم تحديد برنامج واضح للحكومة الجديدة يضطلع بتحقيق المطالب الرئيسة الثلاث للحراك الشعبي المتواصل منذ ثمانية أشهر لأغلبية الشعب العراقي: إلغاء نظام المحاصصة، ومكافحة الفساد الإداري والمالي، وتحسين نظام الخدمات العامة المتهالك، ليس لهما سوى معنى واحد ذكرتهُ في عمود أمس وفي مرّات عديدة سابقة، هو أنّ الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة، بمن فيها رئيس الوزراء وحزبه، ليست في وارد إجراء إصلاح في النظام السياسي يؤول إلى إلغاء نظام المحاصصة الذي هو مكمن كلّ الشرور التي تعصف بنا منذ 2003.
إلغاء نظام المحاصصة لا تحققه الحكومة الموعودة، ولا مجلس النواب الحالي، ولا الطبقة السياسية المتنفّذة حالياً. بكل بساطة هذه الطبقة أوجدت هذا النظام لتحقيق مصالح ومغانم مالية وسياسية وللاحتفاظ بهذه المصالح. إلغاء نظام المحاصصة يتطلب طبقة سياسية جديدة غير هذه التي تستحقّ "الشلع والقلع" عن حقّ، بالقانون.
"الشلع والقلع" يتطلب تعديل الدستور، وهذا استحقاق دستوري معلّق منذ نحو عشر سنين، وتشريع قوانين جديدة تتعلق ببناء الدولة، وتعديل قوانين نافذة وبخاصة قانون الانتخابات وقانون الأحزاب، وإعادة تشكيل الهيئات "المستقلة" لجعلها مستقلة بحقّ.
هذا كله لن يحصل حتى لو شكل العبادي حكومة من ملائكة وقدّيسين، لأن الفاسدين يُهيمنون على أجهزة الدولة كلها، ولا يرغبون البتّة بأيّ خطوة إصلاحية.
أظنُّ أنَّ الطريق الأسلم للخلاص من الفاسدين هو تركيز الحركة الاحتجاجية، من الآن فصاعداً، على مطلب مكافحة الفساد الإداري والمالي، بما يعنيه هذا من الضغط على هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية والقضاء لفتح ملفات الفساد كلها وملاحقة الفاسدين الصادرة في حقهم أحكام قضائية واستعادة الأموال التي نهبوها.
هذه العملية ستفرِّغ تدريجياً جهاز الدولة من الفاسدين، وهم في الغالب من قيادات وعناصر الأحزاب الحاكمة، وبالتالي الإفساح في المجال أمام العناصر الوطنية النزيهة لتولي المناصب الرئيسة في جهاز الدولة. كما أنّ هذه العملية ستقلِّص من نفوذ الأحزاب، راعية الفساد، بين الناس، ما يمكن أن ينعكس إيجاباً في الانتخابات البرلمانية والمحلية اللاحقة.
وأظنّ أنّ من متطلبات هذا أيضاً، تشكيل لجنة وطنية (شعبية) لمكافحة الفساد تتكون من قضاة سابقين ومحامين وأكاديميين ومثقفين وإعلاميين ونشطاء سياسيين ومدنيين، مهمتها مراقبة ومتابعة عملية مكافحة الفساد حكومياً وبرلمانياً، والسعي للحصول على وثائق الفساد وتحفيز الإجراءات الحكوميّة لملاحقة الفاسدين.
الفساد أوّلاً .. والفساد أخيراً
[post-views]
نشر في: 2 إبريل, 2016: 05:08 م
جميع التعليقات 3
محمد سعيد
ما اكده الكاتب هي اولويه قصوي عليه يجب التركيز عليها. فمن دون تقديم العناصر والشخصيات الفاسده للقضاء , وهي بلاشك اسماء معروفه , واعلن الشعب عنها عبر التظاهرات والاحتجاجات . بعده ومن دون تنفيذ هذا المطلب الحاسم والاول بامتياز , سيكون الكلام
د عادل على
ان ناخبو النظام الجديد ومن ضمنه حكومة السيد رئيس الوزراء حيدر العبادى ليسوا من المثقفين او من اللدين يقراون ويكتبون-------ان هؤلاء الناخببون انتخبوا الشيعه والائمه الاطهار الاثنى عشر وهكدا اصبح السيد نورى المالكى دكتانورا اصيلا----ان تزاوج الجهل النس
د. عادل حسن الملا
كيف لا دخان بدون نار؟؟ اكثر دخاننا بدون نار ...كنت اتمنى ان لا يستخدم الكاتب هذا المقوله غير الرصينه