اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعتراض صحيح على تشكيلة العبادي

اعتراض صحيح على تشكيلة العبادي

نشر في: 3 إبريل, 2016: 05:59 م

الذين اعترضوا على التشكيلة الوزارية (التكنوقراطيّة) المقترحة وعارضوها من زاوية أنها تُبقي على النفوذ الطاغي لحزب الدعوة الإسلامية وائتلاف دولة القانون في الحكومة وسائر أجهزة الدولة فيما تُضعف نفوذ الأحزاب والائتلافات الأخرى، معهم كلّ الحق وليس في وسع أحد أن يؤاخذهم على موقفهم هذا.
العقل والمنطق يقولان: مادامت هي وزارة تكنوقراط مستقلين، فالواجب أن تكون كذلك من قمّة رأسها حتى أخمص قدميها، فلماذا يُطاح بنفوذ ومصالح سائر الأحزاب والائتلافات فيما يظلّ حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون متمتّعينِ بكامل نفوذهما وسلطتهما وامتيازاتهما؟
غالباً ما يقول الدعوتيّون إنه ليس لديهم في الحكومة غير رئيسها .. هذا صحيح، لكنّ السلطة الحقيقية والنفوذ الحقيقي والامتيازات الحقيقية لا توجد في مجلس الوزراء وإنما في الوزارات ومؤسساتها ومديرياتها، وهنا يتمتع حزب الدعوة وائتلافه بالسلطة الطاغية والنفوذ الطاغي والامتيازات الطاغية.
معظم وكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والمدراء العامين للدوائر الحكومية ورؤساء وأعضاء قيادات الهيئات "المستقلة" يشغلها أعضاء في حزب الدعوة والقوى المؤتلفة معه في دولة القانون، ومعظم هؤلاء يتولّون مناصبهم بالوكالة. هذه بِدعة اختلقها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي لتفادي عرضهم على مجلس النواب واعتراضه عليهم، وهذا ما حصل أيضاً مع الكثير من مناصب المؤسسة العسكرية والأمنية التي أسند السيد المالكي وظائفها الرئيسه الى أشخاص يوالونه شخصيّاً.
حتى التشكيلة الوزارية المقترحة التي تقدّم بها السيد العبادي إلى مجلس النواب الخميس الماضي، تبيّن أن بعض أسمائها هم من المحسوبين على حزب الدعوة ودولة القانون !
ما يتعيّن على رئيس الوزراء أن يدركه، إنْ كان ساعياً الى إصلاح حقيقي يُخرجنا من المأزق الراهن ويكفّ عنه وجع الرأس والقلب – وأنا أشكّ كثيراً في رغبة السيد العبادي ومَن حوله في الإصلاح الحقيقي الذي نتجاوز به المأزق وتتوقف معه أوجاعنا ومحنتنا وبؤسنا وخراب بلادنا – أنّ مشكلتنا المزمنة والمتفاقمة لا ترجع إلى كون الوزراء في حكومته يُمثّلون أحزاباً وائتلافات أو أنّ التكنوقراطية تنقصهم أو أنهم أو بعضهم فاسدون .. المشكلة الحقيقية تكمن في نظامنا السياسي الذي أثبت فشله وعدم صلاحيته للعراق. من دون إدراك هذا لن يكون هناك حلّ على الإطلاق، وسيجد العبادي، حتى لو مرّر مجلس النواب تشكيلته بيسر وسلاسة، أنه لن ينجح في تحقيق مطالب الحركة الاحتجاجية وعموم الشعب العراقي التي من دونها ما كانت قضية التغيير الحكومي ستكون على جدول الأعمال السياسي، وأنه سيواجه من آن إلى آخر حركة احتجاجية جديدة، فالناس قد تمرّنوا جيداً على الاحتجاج، وسيكون من السهل عليهم تجديد تظاهراتهم واعتصاماتهم متى ما أرادوا وحيثما رغبوا.
إذا كان السيد العبادي غير راغب في إدراك هذا، فالأوفق له ولنا أن يتقدّم باستقالته، ليُريح ويستريح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ياسين عبد الحافظ

    عزيزي الاستاذ عدنان ، لن ياتي العبادي بالاصلاح ، سياتي الاصلاح من الخارج، على طريقة اونا اويل والشهرستاني

  2. صالح نعيم الربيعي

    هي الحقيقة التي يعرفونها جيدا و لا يريدون تصديقها و لا العمل بها . تحياتنا لصاحب القلم الشجاع الاستاذ عدنان حسين

  3. عبد الهادي

    اعتراضات الكتل هدفها ابقاء المحاصصة وذلك واضح من تصريحات رؤسائهم.. العبادي طلب منهم ترشيح ولم يرشحوا بحجة ان طلبه غير واضح والمقصود انه لم يحدد اسم الوزارات المطلوب منهم الترشيح لها وعددها. لا أظن ان بعض الذين ظهرت اسمائهم كمرشحين للوزارات محسوبين على حسب

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram